اتخذت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات تدابير وإجراءات للحد من انتشار الملاريا وطنيا، وذلك منذ بداية شهر اكتوبر الفارط. عمد المدير العام للوقاية وترقية الصحة لدى وزارة الصحة اسماعيل مصباح، إلى إرسال تعليمة وزارية خاصة لمدراء ومسؤولي المؤسسات الاستشفائية المتربعة بمختلف ولايات الجنوب تحوز «السياسي» نسخة منه، على غرار تلك المتواجدة بتمنراست، إليزي، غرداية، أدرار، ورقلة، تندوف، والوادي، قصد التجنيد لمحاربة مرض الملاريا الذي غزى بعض المناطق الصحراوية وتسبب في خسائر مادية بتسجيله لحالات وفيات. وقد جاء هذا الإجراء الاستعجالي للحد من انتشار المرض وتفاقم الوضع وخروجه عن السيطرة، من خلال تعهد وزارة عبد المالك بوضياف بمحاربة هذا الداء، بوضع مخطط في عدة محاور، شمل التطبيب والتكفل بالحالات المرضية، التنقيب عن بؤر المرض، المسح الحشري في البرك والمستنقعات، وحراسة ومراقبة المسافرين. حيث تعهدت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالأخذ على عاتقها مسؤولية التكفل بالحالات المرضية من خلال تقديم العلاج بمختلف المؤسسات الاستشفائية المتواجدة الجنوب، كما نادت بضرورة الإفصاح عن الحالات المرضية ليتم التكفل بها بشكل تام، وإرفاق ذلك بتقرير دقيق شامل ومفصل، والبحث عن مصدر الإصابة. وشددت الوزارة على ضرورة إخضاع أي مواطن مصاب بالحمى أو أي حالة مشكوك فيها للفحص الطبي، ووضع مراقبين للسهر على المرضى، إلى جانب الكشف عن كل من احتك بالمريض. كما دعت ذات الهيئة، المصالح المعنية للتنقل إلى بؤر انتشار المرض من أجل تقديم فحص شامل للقاطنين بالجوار منها، والبحث عن مصدر الاصابة، وكذا تكثيف الجهود للقيام بعمليات تنقيب ومسح حشري في المواقع المائية من برك ومستنقعات، إلى جانب تعزيز مراقبة المسافرين والحافلات والشاحنات المرتبطة بالجنوب الجزائري. وأضافت ذات التعليمة، أن وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات قامت بتوجيه تكوين لعمال القطاع للتعريف بكيفية محاربة داء الملاريا والتعامل مع هذا المرض، إلى جانب تنظيم أيام تحسيسية بالمؤسسات الاستشفائية موجهة للأطباء والمساعدين إلى جانب الممرضين، وكذا تنظيم ورشات عمل على مستوى المخابر للمخبرين لتلقينهم تقنيات التعامل مع هذا المرض الذي غزى البلاد في الأيام القليلة الماضية وفتك بالعديد من الأرواح. للتذكير عانت الجزائر من الملاريا الذي يعتبر مشكلة صحية عامة حقيقية في بلادنا خلال فترة الستينات، وسجلت حوالي 10 آلاف إلى 70 ألف حالة إصابة سنويا. وانضمت الجزائر منذ استقلالها إلى برنامج استئصال الملاريا، بحيث تطور هذا الاخير في أربع مراحل، تمثلت أساسا في مرحلة التحضير 1963-1968 فالهجوم 1968-1978 لتليها مرحلة تنفيذ البرنامج الذي بدأ في عام 1968 بالتزامن مع المغرب وتونس المجاورة، ثم مرحلة التوطيد 1978 - 1986 انقطاع DDT الآفات. وأخيرا مرحلة الصيانة 1987 - 2012 والتي تمتد الى يومنا هذا خصوصا وأن خطر إعادة واسترداد انتقال الملاريا لا يزال محدقا بنا. كان معدل الإصابة بالملاريا في الجزائر عام 1965، ما يقرب من 45 حالة لكل 100 ألف نسمة. ومنذ ذلك الحين انخفضت تنفيذ هذه الإصابة من برنامج القضاء على الملاريا بشكل ملحوظ من أقل من 30 حالة لكل 100 ألف نسمة في عام 1970 إلى أقل من 4 حالات لكل 100ألف نسمة في عام 1975 إلى أقل من 2 حالة لكل 100ألف من السكان اعتبارا من عام 2010، فيما تم الكشف عن أكثر من 90٪ من الحالات الوافدة.