تحتفل الجزائر اليوم بذكرى عيد النصر المصادف لتاريخ 19 مارس 1962، الذي تم فيه تكريس وبحنكة عمل الدبلوماسية الجزائرية التي برزت إلى الوجود أصلا مع إعلان أول نوفمبر 1954 والذي اعتمد نص تدويل القضية الجزائرية كوسيلة من وسائل كفاح الثورة التحريرية.وكانت المفاوضات التي كللت بالتوقيع على اتفاقيات ايفيان واسترجاع الاستقلال الوطني من أبرز انجازات الدبلوماسية الجزائرية، التي تعد مفخرة للجهاز الدبلوماسي الجزائري وإطاراته، كما يعتبر وقف إطلاق النار يوم 19 مارس 1962 انطلاقة جديدة لدولة فتية رزخت تحت نير الاستعمار ما يقارب 130 سنة، وهي الفترة التي عانى فيها الشعب الجزائري اكبر معاناة عرفها تاريخ البشرية، حيث عمدت القوة الاستعمارية إلى طمس معالم الشخصية الوطنية عبر كامل مراحل تواجدها على أرض الوطن.إن ذكرى 19 مارس وهي تعود اليوم، تكون هي اللبنة وحجر الزاوية في الإعلان عن جزائر حرة مستقلة، وأخرجتها إلى الوجود ثورة التحرير الوطنية، بتضحيات جسام فاقت المليون ونصف مليون شهيد، وإذ نتذكر اليوم الإعلان عن وقف إطلاق النار فإننا نتذكر تاريخنا وبعض رجالاتنا ممن توقدت بصيرتهم فتفقت على الوصول إلى عهد جنب الشعب الجزائري كثيرا من التضحيات الأخرى، فدفع بهذا الأخير إلى تأسيس دولة قوية مهابة الجانب ومثال لكثير من الشعوب التي أرادت هي الأخرى التحرر. هكذا أجبرت فرنسا على وقف إطلاق النار وجاءت اتفاقيات ايفيان الموقعة في 18 مارس 1962من قبل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وممثلين عن الحكومة الفرنسية، لإبرام وقف إطلاق النار الذي تم الإعلان عنه يوم 19 مارس من نفس السنة، حيث أن اندلاع الكفاح المسلح في نوفمبر 1954 لم يغلق الباب يوما أمام المفوضات من احل الاعتراف باستقلال الجزائر، كون أولى الاتصالات بين جبهة التحرير الوطني الممثل الوحيد للمقاومة الوطنية والحكومة الفرنسية انطلقت سرا 1956 وانتهت أولى الاتصالات بين الطرفين الفرنسي والجزائري بالفشل في جوان 1960، حيث طالبت الحكومة الفرنسية باستلام جيش التحرير الوطني، وهو طلب رفضته الحكومة المؤقتة الجزائرية، وفي 11 ديسمبر 1960 أكدت المظاهرات الشعبية بالعاصمة وباقي مدن الوطن التي سرعان ما اتخذت شكل ثورة شعبية ضد الاستعمار ورح الوطنية للشعب ورغبته في التحرر من وطأة الاستعمار، في الوقت الذي كان يفترض فيه بالجمعية العامة للأمم المتحدة إصدار قرارها بشأن القضية الجزائرية، حينها اضطر الوفد الفرنسي تحت الضغط الدولي إلى الجلوس مجددا على طاولة المفاوضات، لكن المفاوضات الرسمية انطلقت في 1961 واستمرت لمدة سنة إلى غاية إعلان وقف إطلاق النار 19 مارس 1992. المجاهد مسعود جديد : 19 مارس هو ميلاد جديد لكل من عايش تلك الفترة أكد المجاهد مسعود جديد في تصريح ل السياسي ّ أن يوم النصر هو بمثابة المفاجأة بالنسبة للمجاهدين خلال تلك الفترة التي لم يكونوا في انتظار تحقيق مثل هكذا انتصار الذي تحقق بفضل رحمة الله وبفضل عزيمة الرجال الذين ضحوا في سبيل الوطن، مشيرا إلى أن المفاوضات التي جرت بين الحكومة الجزائرية المؤقتة والحكومة الفرنسية انطلقت منذ عام 1957، مضيفا أن فرنسا جربت كل الوسائل لإطفاء نار الفوضى أثناء تلك الحقبة إلا أنها لم تنجح في مواجهة شعب رفض الاستعمار، مشيرا إلى أن 19 مارس هو ميلاد جديد لكل واحد عايش تلك الفترة بعد 132 سنة من الاستعمار. وأضاف مسعود جديد، فيما يتعلق بعملية جمع الشهادات التاريخية، أنها ملك لأجيال المستقبل، مؤكدا أن امة من غير تاريخ ليس لها مستقبل، وتاريخ الجزائر هو ملك للشعب وللأجيال المقبلة، داعيا إلى كل المجاهدين الذين لازالوا على قيد الحياة وكل من ضحوا من أجل الوطن أن يبوحوا بشهاداتهم وبالحقيقة وان يدونوها ولو شفهيا كون الثورة الجزائرية اليوم قد طالها بعض التزييف. . المجاهد حشود رابح : هذا اليوم هو تاريخ لحياة جديدة في الجزائر من جهته، أكد المجاهد حشود رابح ل السياسي أن يوم 19 مارس يمثل الكثير بالنسبة للذين عايشوه وعايشوا ما قبله من الأحداث، موضحا أن الأيام التي قضاها المفاوضون الجزائريون كانت شاقة وصعبة جدا، مضيفا انه بعد نصف قرن، يعتبر 19 مارس اليوم نقطة فاعلة بين عهدين حيث دخلت الجزائر في حياة جديدة. وأضاف حشود رابح، أن المفاوضات كانت تنص على أن تبقى عناصر وقوات جيش جبهة التحرير الوطني في إمكانهم في اليوم الذي أعلن فيه وقف إطلاق النار، فيما كانت القوات الفرنسية تجوب الشرق والغرب، داعيا في سياق ذي صلة، إلى ضرورة استمرار عملية تدوين الشهادات التاريخية للمجاهدين وأن تؤخذ تلك المعلومات بدون تزييف، مضيفا أنه على المؤرخين أن يتناقشوا ويحللوا ويصفوا تلك المعلومات.