تشير كل الوقائع التي حملت السلطات الموريتانية، إلى طرد دبلوماسي جزائري من على أرضيها، إلى أنها أزمة مفتعلة بامتياز، فليس لمجرد تصريحه بأن المغرب يهدد دول الجوار بما فيها موريتانيا بالمخدرات يتم طرده ببساطة، لان المعلومات المكشوفة، أوردتها عدة تقارير للأمم المتحدة وأكدت على أن المغرب يشكل تهديدا حقيقا للعالم والدول المجاورة له، باعتباره يتربع على عرش اكبر بلد منتج ومصدر للقنب الهندي في العالم. تبقى مبررات السلطات الموريتانية غير مفهومة وغير واضحة المعالم، وتفتح عدة علامات استفهام في القضية، قال عنها متتبعون على أنها قد تكون هي التي جعلت السلطات الجزائرية تتأخر في الرد بالمثل على تصرف نواقشط، منتظرة اعتذار رسمي من الجارة الشقيقة، باعتبار أن الأمر لا يستدعي طرد الديبلوماسي الجزائري لمجرد تصريح بمعلومات كانت مؤكدة سلفا ببرهان ودليل أممي. ورغم أن الجزائر ردت على التصرف الموريتاني تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل المتعارف عليه في الأعراف الديبلوماسية، إلا أن الغموض يبقى يلف هذه الأزمة الدبلوماسية ، فماهي الأسباب الحقيقة التي تقف وراء قصة طرد الديبلوماسي الجزائري من نواقشط؟، وهل يوجد من يقف وراء هذه القضية التي وصفها العديد من المتتبعين والمحللين بغير المنطقية ؟. ما قامت به نواقشط لم يكن بريئا ولاعفويا تصب جل القراءات والتحليلات، التي جعلت السلطات الموريتانية تلجأ الدبلوماسي الجزائري من نواقشط ، في اناء واحد وهو وجود مؤامرة مدبرة من أجل ضرب نجاحات الديبلوماسية الجزائرية التي حققت خطوات عملاقة لاطفاء جمرة الأوضاع الأمنية المتعفنة التي تعيشها المنطقة على غرار ما يحدث في مالي وليبيا، ويشير المحللون إلى أن ما قامت به نواقشط لم يكن بريئا ولاعفويا، بل جاء على سابق إصرار وترصد سياسي من قبل أطراف قد تكون أثرت على هذا البلد الشقيق الذي تجمعه علاقات متينة مع الجزائر منذ عقود، من أجل تعكير صفوتها، وذهب المتتبعون بعيدا في تحليلاتهم للأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ونواقشط ووصفوها على أنها مفتعلة، من اجل محاولة زعزعة مكانة الديبلوماسية الجزائرية النشطة والتي تبحث عن تجسيد مقاربتها التي لاقت تأيدا دوليا كبيرا، وفق مبدأ السلم والأمن سواء في المنطقة و في مختلف مناطق العالم بعيدا عن الحلول العسكري، موضحين أن هذا النشاط الديبلوماسي اغتاظ له نظام المخزن، الذي يمثل الغريم التقليدي للجزائر في المنطقة بسبب موقف الجزائر الثابت من الصحراء الغربية وحق شعبها في تقرير مصيره، غير مستبعدين فرضية ضغطه على نواقشط من أجل طرد الدبلوماسي الجزائري في سابقة غير مفهومة من السلطات الموريتانية، محاولة منه لوضع الديبلوماسية الجزائرية في موقف قد لا تحسد عليه حسب تحليلات المتتبعين. . هكذا تحرك المخزن لإفشال وساطات الجزائر في مالي وليبيا لا تعدو الأزمة الدبلوماسية بين الجزائروموريتانيا، سوى ذلك الخيط الرفيع الذي يجرنا إلى فهم من هم الأطراف الرئيسين الذي تحركوا في القضية بأبعاد غير مفهوم وبمبررات واهية، باعتبار أن الدبلوماسي الجزائري حتى وان كان قد صرح بمعلومات فهي تأكيدات للأمم المتحدة،على أن المغرب أكبر منتج للمخدرات في العالم ويهدد دول الجوار بما فيها موريتانيا، ووجه المحللون والمتتبعون أصابع الاتهام إلى المغرب مؤكدين على أنه متورط في جر موريتانيا لخسارة علاقتها الدبلوماسية مع الجزائر، وهذا ما يسعى إليه من محاولاته المتكررة والدائمة لإفشال كل العلاقات والوساطات التي تقوم بها الجزائر في دول الجوار حاليا، على غرار ليبيا ومالي، وهذا ما كشفته العديد من التقارير الإعلامية، والتي اعترف فيها مسؤول مغربي، أن دوائر المخزن، خططت لمحاولة إفشال وساطة السلام التي تجريها الجزائر في مالي والتي تتجه إلى الاتفاق النهائي خلال منتصف الشهر المقبل، كما انه لم يخفي بالقول أن المغرب سعت بكل ما أتيت من قوة من اجل كسر وساطة الجزائر ومحاولة إفشال مساعيها الدبلوماسية للصلح بين الفرقاء الماليين، وهذا دليل كافي وواضح أن المغرب أيضا متورط في تعطيل أي تقدم في عملية السلام التي تسعى الجزائر والأمم المتحدة لتجسيدها على ارض الواقع، كما انه سعى من جهة أخرى لخلق جبهة أخرى موازية للجزائر في الحوار الليبي من اجل التشويش على مختلف الأطراف الليبية التي اكدت على جدية وموضوعية وعمق الطرح الجزائري لإيجاد حلول حقيقة للخروج بليبيا إلى بر الأمان. . الجزائر تقف في وجه المخططات الصهيونية في المنطقة يقول الكثير من المتتبعون ان نظرية المؤامرة، اصبحت تطغى على الخطابات الرسمية فقط، الا اخرون يرون بانها الحقيقة الحتمية، وليس بنظرية، واذا تعمقنا في قضية طرد موريتانيا للديبلوماسي الجزائري سنصل لا محال الى نتيجة حتمية، وهي ان الجزائر استطاعت ان تفلت من كماشة الصهيوني برنارد ليفي هنري، فيما يسمى بالربيع العربي الذي يعتبر عرابه، هذا ما ازعج الصهاينة ومن معهم وبقوا يطلقون حملات هنا وهناك ضد الجزائر، محاولين بذلك ضرب استقرارها، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وبقيت الجزائر، صامدة بل اكثر من ذلك اخذت زمام المبادرة ووقفت في وجه المؤامرة الصهيونية، في المنطقة وتحركت الترسانة الديبلوماسية الجزائرية، لاطلاق حوارات لوقف النزاعات في دول الجوار، وهذا ما يزعج الصهاينة وأدواتهم في المنطقة، وخاصة بعد النجاحات المحققة في الميدان، وهنا تأتي قضية الازمة الديبلوماسية الوهمية المفتعلة من قبل موريتانيا، كمحاول لزعزعة مكانة الديبلوماسية الجزائرية الثابتة المبادئ والمواقف، ويبدو ان التقارب الإسرائيلي الموريتاني في السنوات الاخيرة، وصل الى درجة استعمال نواقشط كاداة لمحاولة التشويش على الديبلوماسية الجزائرية، وهو نفس الدور الذي تلعبه المغرب في المنطقة ، وخاصة ان موريتانيا والمغرب تجمعهما علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني. ويقول سياسيون ومحللون، أن الجزائر تبقى الدولة الوحيدة في المنطقة التي تسعى إلى حل المشكل الليبي رافضة سيناريوهات تقسيم الدولة الشقيقة، وهذا ما يتعارض مع المخططات الصهيونية وأهداف ما يسمى بالربيع العربي، هذا ما أزعج الصهاينة مما جعلهم يحركون أذرعهم في المنطقة في محاولة منهم لكبح النجاحات الديبلوماسية للجزائر المحققة في الميدان . موريتانيا تقبض ثمن انخراطها للمخطط الصهيوني في حين ذهب العديد من المحللون والمتتبعون بعيدا في القضية، مؤكدين أن نواقشط قبضت ثمن انخراطها في المخطط الصهيوني، وتهجمها على الجارة الجزائر في قضية مفتعلة في الأساس، من خلال إعلان الشركة كوسموس إينيرجي الأميركية للطاقة، عن اكتشاف احتياطات من الغاز الطبيعي قبالة الشواطئ الموريتانية، مرجحين أن الأمر لا يعدو سوى صفقة مربحة وقعت عليها السلطات الموريتانية التي استعملت كأداة لإغراض سياسية كانت الديبلوماسية الجزائرية هي المستهدفة، لتحظى بالمقابل باستثمار شركة امريكية تقوم بنهب ثورات الشعب الصحراوي باعاز نظام المخزن، الذي يحاول في كل مرة استهداف الديبلوماسية الجزائرية التي تعمل وفق مبادئ ثابتة ومقاربات موضوعية لإيجاد حلول سلمية لأي صراعات داخلية في دول المنطقة، وهذا ما لا يخدم المخططات الصهيونية وبيادقهم في المنطقة . ويبدو أن توقيت إعلان الشركة الأمريكية اكتشافها لكميات هائلة من الغاز لم يكن محض صدفة، بل جاء في إطار مكافئة قيمة من قبل اللوبي الصهيوني ومن معه في المنطقة تلقتها موريتانيا بافتعالها هذه الأزمة الدبلوماسية.