أربع دقائق كانت كافية لتبليغ المستشار الأمني للسفارة الموريتانية بأنه "شخص غير مرغوب فيه" أقدمت وزارة الشؤون الخارجية، أمس الأول، على استدعاء السفير الموريتاني لديها وأبلغته في غضون دقائق أن على مستشاره الأمني، محمد ولد عبد الله، أن يحزم أمتعته كونه "لم يعد شخصا مرغوبا فيه". وكانت "البلاد" قد انفردت في عددها أمس بتأكيد خبر طرد دبلوماسي موريتاني بنفس رتبة الدبلوماسي الجزائري بلقاسم شرواطي، المستشار الأول لسفير الجزائربنواكشوط. وأفادت أمس الخارجية الجزائرية في بيان حمل لهجة حادة أنه "تم استدعاء السفير الموريتاني بالجزائر، يوم الأحد المنقضي بمقر وزارة الشؤون الخارجية قصد إبلاغه بقرار الجزائر القاضي بطرد الدبلوماسي الموريتاني المذكور وهذا في إطار مبدأ المعاملة بالمثل". وذكر البيان أن الخطوة تأتي "ردا بالمثل" على قيام دولة موريتانيا بطرد المستشار الدبلوماسي الجزائري قبل أيام، بعد إبلاغه من قبل السلطات الموريتانية أنه "صار شخصا غير مرغوب فيه". وحرص بيان الوزارة على ذكر توقيت اللقاء الذي جمع السفير الموريتاني بمسؤولين في وزارة الخارجية، والذي لم يدم سوى أربع دقائق، ما يعبر عن "انزعاج جزائري بالغ" من الخطوة الموريتانية غير المنتظرة والتي تكون قد فاجأت السلطات الجزائرية. وأشار أمس مصدر ديبلوماسي جزائري اتصلت به "البلاد" ورفض نشر هويته إلى أن "الجزائر حاولت عن طريق القنوات الديبلوماسية استيضاح الأمر لاحتواء بوادر أزمة كانت تلوح في الأفق مع الشقيقة موريطانيا وتعمدت إطالة مدة الرد الرسمي والعلني على طرد أحد دبلوماسييها، للحيلولة دون تنامي الخلاف بين البلدين الجارين"، موضحا أن بلاده كانت تنتظر "اعتذارا رسميا" من السلطات الموريتانية، لكن الأخيرة لم تفعل، فقررت الجزائر استدعاء السفير الموريتاني في مدة وجيزة جدا لم تتعد أربع دقائق وإبلاغه بقرارها طرد إطار عسكري سام مكلف بالشؤون الأمنية في سفارة نواكشوط يدعى محمد ولد عبد الله. وتابع المصدر، أن "الجزائر بعدما استهلكت مدة الاستيضاح لقرار وصفته بغير المفهوم والمتسرع والفاقد لأي مسوغات قانونية أو ديبلوماسية تعكس خطوة طرد ديبلوماسيها، قررت استدعاء السفير دون الاكتفاء بإرسال مذكرة لسفارة نواكشوطبالجزائر". وكانت وسائل إعلام موريتانية نقلت في وقت سابق عن مصادر أمنية تأكيدها أن "نواكشوط طردت المستشار الأول بالسفارة الجزائرية في نواكشوط بلقاسم الشرواطي على خلفية اتهامه بالوقوف وراء مقال نشر بإحدى الصحف الإلكترونية الموريتانية، يسيء إلى علاقات موريتانيا الخارجية". وحسب المصادر ذاتها فإن المقال "تحدث عن شكوى موريتانية من المغرب إلى الأممالمتحدة بسبب إغراقها الحدود الموريتانية الشمالية بالمخدرات". وبتبادل طرد الديبلوماسيين، تصل العلاقات الجزائرية الموريتانية حسب مراقبين إلى مرحلة بالغة من التشنج لم يسبق أن شهدتها في حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يقود الجزائر في اتجاه تمتين علاقاتها مع بلدان الجوار في منطقة المغرب العربي والساحل، باستثناء الخلاف الذي تتحدث عنه الرباط والمرتبط أساسا بدعم مبدئي للجزائر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.