عاشت قرية لعزيب الجبلية ببلدية لقصر ببجاية، وككل سنة، أجواء مميزة بمناسبة إحيائها ل زردة انطلاق موسم جني الزيتون، شارك فيها كل سكان القرية بمن فيهم الوافدون إليها من القرى المجاورة، إضافة إلى بعض المدعوين من خارج الولاية في أجواء احتفالية تعبر بصدق عن مدى تمسك العديد من العائلات القاطنة بالقرى والمداشر المتواجدة بأعالي الجبال في بجاية، منذ أزمنة، بالعديد من العادات والتقاليد المتوارثة التي تجسد، في بعدها الإنساني، أسمى مظاهر التضامن والتآزر والتعاون العفوي بين كل أطياف العائلات البجاوية، فالكل بقرى المناطق الجبلية يحمل ألف قصة وقصة، ولكل قصة حكاية عن طقوسٍ ترفض الذاكرة الجماعية للأهالي التخلي عنها، لأنها ببساطة وكما يعتقدون، مجلبة للخير والبركة. التويزة .. الطريقة المثلى لجمع الزيتون بمنطقة القبائل وتتميز عملية جني الزيتون التي انطلقت خلال هذه الايام ببجاية منذ أيام، بعادات وتقاليد تعكس بساطة أهلها وتضامنهم، وتبيّن مدى تعلقهم بهذه الثروة المباركة نظرا لفائدتها الصحية فضلا عن كونها مصدر رزق العديد من العائلات الفقيرة حيث يدشن سكان منطقة بجاية موسم جني الزيتون بتجسيد عادة يطلقون عليها تسمية تاحمامت بذبح ثور وتوزيعه على أهل القرية قربانا لله ويتصدقون به بمساهمة رب كل أسرة في تقديم اشتراكات ومساهمات يقرر قيمتها حكماء القرية أو كما يطلق عليها ب تاجماعث ، وبذلك، تعد النسوة الطبق التقليدي المشهور بالمنطقة وهو الكسكسي باللحم ثم تتوجه العائلات إلى الحقول للانطلاق في عملية جني الزيتون الذي يختلف ويتنوع من منطقة إلى أخرى، حيث يطلق على الزيتون الكبير اسم أزاراج باللهجة القبائلية ويسمى الزيتون الصغير أشميال . كما تتوزع أشجار الزيتون بولايتي تيزي وزو وبجاية على مساحة تتجاوز ال27 ألف هكتار، وترتكز أغلبها في المناطق الجبلية ما يجعلها عرضة للحرائق التي تنشب كل صيف وتتلف نسبة كبيرة من هذه الثروة الهامة، الأمر الذي أدى، حسب تصريح العديد من الفلاحين، إلى إتلاف عدد معتبر من أشجار الزيتون، وهو ما يؤثر على نسبة المحصول لهذه السنة، الشيء الذي يجعل سعر زيت الزيتون يرتفع على ما هو عليه، حيث تجاوز سعر لتر من الزيت السنة الماضية والتي قدر فيها المحصول بحوالي 15 مليون، أكثر من 700 دج للتر الواحد. ويعتمد سكان القرى والأرياف في جمع الزيتون على عادة التويزة ، التي ما زالوا يحافظون عليها نظرا لما تمثله من معاني التضامن والأخوة، وهي تعتمد على تعاون أفراد عائلتين أو أكثر في جمع زيتون كل واحدة إلى غاية نهاية المرحلة، ويبدأون العملية منذ الصباح الباكر إلى غاية ساعات المساء كونهم يحملون معهم الزاد من الطعام وأباريق القهوة والشاي التي يحضرونها في الحقول. بعد جمع الزيتون يوضع في أكياس ثم تقوم العائلات بنقله إلى المعصرة، التي تحوله إلى مادة الزيت وهي جاهزة للاستهلاك. وللتذكير، فرغم إتلاف الحرائق في هذه الصائفة للعديد من الأشجار، إلا أن الفلاحين استبشروا بمحصول جيد لهذه السنة خاصة وأن الأمطار الأخيرة ستساهم في رفع مردود حبات الزيتون.