كان متوقعا أن تصل حالة الدول العربية إلى هذا المستوى من الهزال والتفكك والانهيار، بعدما شربت من المخططات الصهيو-غربية حتى الثمالة، ولعل النقطة الأبرز التي استهدفها ما يسمى ب الربيع العربي ، عقب نجاح تفكيك عدة دول، هي القضية الفلسطينية، التي أصبحت تتذيل اهتمامات الشعوب العربية، وحتى الإسلامية، لتباع بذلك القضية الأولى والأخيرة للعرب والمسلمين في المزاد العلني ببقشيش المذلة والمهانة والانبطاح، ولعل هذا الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يتمادى في دعمه للكيان الغاصب والذي أعلن عن ذلك أكثر من مرة، قبل فوزه بالرئاسيات الأمريكية وبعدها، ليبدأ في تجسيد وعوده، من خلال تحركاته الأخيرة، حيث إتجه إلى الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وليس هذا فقط، بل سعى للإعلان عن القدس، التي حررها صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين، عاصمة للكيان الغاصب الصهيوني بعد أكثر من 60 سنة من الاحتلال!. يترقب العالم خطابا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتوقع أن يعلن فيه مدينة القدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل، على الرغم من التحذيرات الدولية والعربية والإسلامية من تداعيات هذه الخطوة المشينة، وخطورتها على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، أعلن مسؤول كبير في البيت الأبيض، أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعلن، الأربعاء 6 ديسمبر، عن نقل السفارة الأمريكية في كيان العدو من تل أبيب إلى القدسالمحتلة، على الرغم من أن بناء سفارة جديدة وتأجيل المهمة سيستغرق سنوات. ويتوقع أن تؤجج تلك الخطوة التوتر والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، وتثير غضب العالمين العربي والإسلامي بالنظر إلى أن المجتمع الدولي لا يعترف بسيادة إسرائيل على كل القدس التي تضم مواقع إسلامية ويهودية ومسيحية مقدسة، كما أن الفلسطينيون يطالبون بالمدينة عاصمة لدولة مستقلة معترف بها دوليا على أساس حدود ما قبل الخامس من جوان 1967. ويتمسك ترامب بقراره المرتقب برغم تحذير عربي ودولي من تداعيات خطيرة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وجرت اتصالات هاتفية بين عواصم عربية عدة وواشنطن ناقشت هذا الشأن. واتصل ترامب بأربعة زعماء عرب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء، حيث أبلغهم بقراره المرتقب، حسب بيان للبيت الأبيض. في المقابل، يحذر الفلسطينيون والعرب من تصعيد على الارض في حال صدور مثل هذا القرار. وفي موقف تحذيري شديد اللهجة، دعت منظمة التعاون الإسلامي الاثنين لعقد قمة استثنائية للدول الإسلامية في حال قررت واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، في خطوة اعتبرت المنظمة انها ستشكل اعتداء على العرب والمسلمين. وصرح الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط ان اتخاذ ترامب قرارا بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ينطوي على مخاطر كبيرة على استقرار الشرق الاوسط وكذلك في العالم ككل كدت الأممالمتحدة أن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، معارضته أي تحرك من جانب واحد يخص القدس، من شأنه أن يقوض حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة، ستيفان دوغاريك، في تصريحات للصحفيين، من مقر الأممالمتحدة، في نيويورك، الثلاثاء: اعتبرنا على الدوام أن قضية القدس تتعلق بالوضع النهائي، وأنه يتعين أن تُحل من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، واستنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . وحذر الاتحاد الأوروبي من عواقب سلبية لأي خطوات أحادية الجانب حول تغيير وضع القدس، قد يؤدي إلى عواقب سلبية خطيرة في الرأي العام في مختلف الدول. كما أشار بيان الاتحاد الاوربي إلى استعداد الاتحاد الأوروبي للمساهمة في استئناف عملية السلام، بما في ذلك في إطار الرباعية، بالتعاون مع الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة وروسيا. ودعت الفصائل الفلسطينية على رأسها حركتا حماس وفتح إلى غضبة شعبية فلسطينية وعربية وإسلامية ضد التوجه الأمريكي للاعتراف بالقدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها. وحثت حماس في بيان لها الشعب الفلسطيني بكل فصائله وقواه الحية وشباب الانتفاضة على جعل يوم الجمعة القادم يوم غضب في وجه الاحتلال، تعبيرا عن رفض توجه أمريكا لنقل سفارتها إلى القدس. ودعت الجماهير إلى التوجه بعد صلاة الجمعة إلى نقاط التماس الممكنة مع الاحتلال، لإيصال صوت الشعب بأن أي مساس بالقدس سيفجر الأوضاع ويفتحها على مصراعيها في وجه الاحتلال. من جهتها، بدأت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) اجتماعات مكثفة على المستويات القيادية العليا ومسؤولي الحركة في مختلف المدن والقرى الفلسطينية بالضفة الغربية، وقالت إنها أعلنت الاستنفار في قواعدها التنظيمية. كما دعت الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية في اجتماع عقد في رام الله الشعوب العربية والإسلامية إلى التحرك ضد الخطوة الأمريكية، ودعت إلى تسيير مسيرات رفض واحتجاج. وأعلنت القوى السياسية الفلسطينية الأربعاء والخميس والجمعة أيام غضب شعبي شامل، ودعت إلى التجمع في كل مراكز المدن والاعتصام أمام السفارات والقنصليات الأمريكية. وتحسبا لاندلاع احتجاجات عنيفة في المنطقة والأراضي المحتلة خصوصا، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية بفرض قيود على حركة دبلوماسييها داخل وحول أجزاء من القدس وحذرت البعثات الدبلوماسية الأمريكية في أرجاء الشرق الأوسط من احتمال وقوع اضطرابات. قمة إسلامية طارئة بشأن القدس وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، دعوة لعقد قمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، في إسطنبول الأربعاء المقبل بشأن القدس. وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، إن أنقرة تدعو الولاياتالمتحدةالأمريكية للعدول فوراً عن خطأ إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، لاسيما أن هذا الأمر سيزيد من تعقيد عملية السلام الهشة في المنطقة. وقال المتحدث خلال مؤتمر صحفي إن القدس هي كرامتنا وقضيّتنا المشتركة، وكما صرّح الرئيس أردوغان، فإن القدس هي خطّ أحمر بالنسبة لنا . وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حذر نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، الثلاثاء، من مغبة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشددا على أن القدس خط أحمر بالنسبة إلى المسلمين. وأكد أردوغان أن تركيا ستقوم بسلسلة من التحركات في حال اتخاذ ترامب هذا القرار، حال إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية نقل سفارتها في إسرائيل إلى مدينة القدسالمحتلة، أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل. وقال أردوغان إن تركيا لن تكتفي بدعوة زعماء منظمة التعاون الإسلامي إلى اجتماع بهذا الشأن، بل ستقوم بدعوة العالم الإسلامي إلى تنظيم فعاليات مهمة، لأن هذه الحادثة ليست عادية. الجامعة العربية تتحرك! هاجم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، اعتزام الولاياتالمتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدا أن هذه الخطوة ستوجه ضربة موجعة للعلاقات الأمريكية - العربية. واستنكر أبو الغيط، بأشد العبارات، في تصريحات صحفية أدلى بها أمس الأربعاء، حسبما نقله الموقع الرسمي لجامعة الدول العربية، هذا القرار، قائلا: المكانة الدينية للقدس في قلب العرب جميعا، مسلمين ومسيحيين، تجعل من التلاعب بمصيرها ضربا من العبث، وأستغرب أن تتورط الإدارة الأمريكية في استفزاز غير مبرر لمشاعر 360 مليون عربي، ومليار ونصف مليار مسلم إرضاء لإسرائيل . وأضاف أبو الغيط: القيام بتلك الخطوة سيكون مخالفا لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي الذي لا يعترف بسيادة إسرائيلية على المدينة، وهذا التوجه مرفوض عربيا بشكل كامل، وسيمثل ضربة للعلاقات العربية الأمريكية وللدور الأمريكي كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسيزعزع ثقة الأطراف العربية في حيادية الطرف الأمريكي . وأكد الأمين العام للجامعة العربية أن هذا الإجراء الخطير ستكون له عواقب يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تستوعبها على نحو كاف، مُضيفا أنه على كل حال، الطرف الفلسطيني سيجد المساندة والدعم العربيين الكاملين في أي إجراءات يقرر اتخاذها ردا على هذه الخطوة . وشدد على أن تقرير مستقبل المدينة هو أحد موضوعات التفاوض على التسوية النهائية، ولا يمكن بأي حال إملاء وضعيتها أو تغيير مكانتها القانونية أو السياسية بشكل يستبق نتائج المفاوضات، وإلا فما الفائدة من الانخراط في أية جهود للتسوية السياسية أو الحلول التفاوضية؟ . واختتم الأمين العام تصريحاته قائلا: إن تلك الخطوة لا يمكن القبول بها أو تمريرها باعتبارها أمرا اعتياديا، وأشك أن يكون متخذو القرار الأمريكي على إدراك كامل بالتبعات المحتملة لهذه الخطوة، خاصة أنها تغلق الطريق أمام أي فرصة للتسوية على أساس حل الدولتين . وأضاف: إنني أناشد كافة زعماء العالم المحبين للسلام الإسراع بالتواصل مع الولاياتالمتحدة لتجميد تطبيق هذه الخطوة المشؤومة، وأدعو الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين أن تقوم بذلك دون إبطاء . وكان عدد من المسؤولين الكبار في الإدارة الأمريكية قد أكدوا أن ترامب سيعلن في كلمته مساء الأربعاء اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وبدء عملية نقل سفارة الولاياتالمتحدة إلى هذه المدينة العريقة من تل أبيب.