دشنت مسرحية سلالم الظلمة لمسرح قسنطينة المنافسة على جوائز المهرجان الوطني للمسرح المحترف، بالمسرح الوطني محيي الدين بشطارزي ، في أول عرض من نص إخراج كمال فراد الذي قدّم مسرحية كوميدية مبنية على مسارات حكائية متداخلة تبحث في تشكل السلطة. وعبر أربع حكايات متداخلة وباعتماد تقنية المسرح داخل المسرح، اقترح الممثل والمخرج وكاتب النص كمال فراد لوحات مسرحية يمكن أن تشاهد مفصولة كمشاهد متجزئة من ريبرتوار المسرح الجزائري. وسعى المخرج أن يقترب من الواقع الجزائري في بعض المشاهد وفي اختياراته للهامشيين في مسرحيته، بينما نأى عن الواقع واختار الرمزية في الشخصيتين المحركتين للمسرحية (السلطان والوزيرة) ووضع في مقابلهما زوجان عجوزان يتسامران بمشاهدة المسرحية أو العروض المتداخلة. تجوّلت مسرحية سلالم الظلمة بالجمهور عبر مختلف العصور، فاختارت البدء بالفني من خلال مشهد شيكسبيري اعتبر بمثابة المدخل الذي فتح المجال للحظات تاريخية أخرى في تشكيل مفهوم السلطة لدى سلطان المسرحية، فمن النموذج الشكسبيري، اقتنى السلطان وزيرة ومستشارة. وسريعا تمكنت الوزيرة من السلطان وجارت أهواءه بينما عارضته المستشارة وفضّلت أن تذكره بواجبه تجاه الشعب وبحثا عن الوصفة الانسب لحكمه يستجيب السلطان لاقتراح الوزيرة بالسعي خلف التاريخ وتفتيشه للعثور على ما يناسب سلطانه. وتأتي اللحظة الفلسفية التي استوردتها المسرحية من الإغريق، حيث يبحث في شخصية محام سفسطائي عن واضع لقانون خاص ينتصر دائما للحاكم، ثمّ ينتقل ووزيرته إلى بغداد اين يلتقيان جحا الذي ينال إعجابهما، فيقرّرا توظيفه. كلّ الحكايات المتقاطعة تدور حول الكرسي الذي يتحول إلى هاجس لدى الحاكم, فهو يعيش كوابيس ضياعه قبل ان يضيع, وهو ما يحصل في النهاية بعد أن يتآمر ضدّه جحا وبعض الرعية ويحطّموا كرسيه إلى أجزاء، فينتهي سكيرا معتوها يلقي خطابا فاشلا. يعاب على مسرحية فراد أنها أفرطت في الكوميديا وابتذال الإنسان وحتى استخدام قاموس عامي بتكرار، ولكنه يحسب لها حضور روح المسرح الجزائري من خلال استثمار إيقاع ومعالم عروض تاريخية جزائرية. طعم المخرج مسرحية بكثير من المشاهد الموسيقية، التي تكاد تحولها إلى كوميديا موسيقية، وبالغ أحيانا في الكوميديا، لكنها لم تصل الكوميديا السوداء لتفتح العرض على تأويل الألم والمعاناة التي تعيشها الرعية. اعتمد عرض سلالم الظلمة على ديكور متحكم فيه من خلال تغيير سلس أثناء العرض، وبين الضوء والظلام تتم العملية سريعا، وهو ديكور خفيف ومعبّر ناجح، في حين كانت الاضاءة والصوت مشكلتان في بعض الفترات. ودعا وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، لدى الافتتاح إلى ضرورة التعاطي مع النصوص الأدبية الجزائرية واستثمارها عبر الاقتباس، معتبرا أن المسرح الجزائري يحتاج إلى نصوص جزائرية تفهم الواقع وضرب المثل بالنصوص التي شاركت في جائزة آسيا جبار الكبرى للرواية مؤخرا والتي تجاوزت السبعين نصا. وقال ميهوبي في كلمته أنه لا معنى لإطلاق تسمية المسرح الجهوي على المسارح خارج العاصمة ، وأكد أنه يوافق من يدعو إلى نسبة المسارح إلى المدن، مذكرا بأن القطاع سيتدعم بمسارح جديدة هي قيد الإنجاز. وتتنافس 15 مسرحية للمسارح الجهوية ومسرحية واحدة لتعاونية الفصل الثاني من سيدي بلعباس للحصول على ثماني جوائز هي: جائزة أحسن عمل مسرحي متكامل وجائزة أحسن نص وجائزة أحسن اخراج وجائزة أحسن أداء رجالي وجائزة أحسن أداء نسائي وجائزة أحسن سينوغرافيا وجائزة أحسن إبداع موسيقي بالإضافة إلى جائزة لجنة التحكيم.