أثبتت سياسة المصالحة الوطنية التي أقرها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، لإنهاء المأساة الوطنية نفسها من جديد كتجربة رائدة في مجال تسوية الأزمات الأمنية في العالم، حيث أعلن الرئيس المالي، إبراهيم كايتا، عن مشروع للمصالحة لإنهاء الأزمة في بلاده شبيه بالتجربة الجزائرية، حيث ينوي إصدار عفو عن المتمردين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء. وأعلن كايتا في رسالة لشعبه بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة سأعلن خلال الأسابيع القادمة عن مشروع قانون للوفاق الوطني . وحسبه، هذا المشروع مستوحى من ميثاق السلام والوحدة والمصالحة الوطنية، الذي خرجت به ندوة الوفاق الوطني التي انعقدت شهري مارس وأفريل الماضيين. وحسب كايتا، هذه الندوة اقترحت وقف المتابعات بحق المتورطين في التمرد الذي شهده شمال البلاد عام 2012 ضد سلطات باماكو. ويقترح الرئيس المالي في مشروع المصالحة الذي ينوي الإعلان عنه، إصدار عفو عن كل المتورطين في التمرد باستثناء من تلطخت أيديهم بالدماء، على حد تعبيره، إلى جانب إجراءات لتعويض الضحايا. ويتضمن المشروع، حسبه، إعادة إدماج لكل الأشخاص الذين يتخلون عن أسلحتهم وينبذون العنف. ووفق إبراهيم كايتا، فهذا المشروع لا يعني إرساء مبدأ اللاعقاب أو إظهار ضعف الدولة، وحتى هضم حقوق الضحايا، وإنما يقوم على مبدأ التسامح. وشدد رئيس مالي أن المشروع ليس بدعة جاءت بها دولته، وإنما خطوة سبقتها إليها عدة دول عاشت أزمات مماثلة، في إشارة إلى الجزائر والتي رعت مفاوضات السلام بين الحكومة والمتمردين وتوجت باتفاق سمي اتفاق المصالحة في مالي. ويعد مشروع الرئيس المالي استلهاما للتجربة الجزائرية مع قانون الوئام المدني عام 1999 وميثاق المصالحة عام 2005، أين تضمنا تدابير عفو عن المسلحين مقابل ترك السلاح كما استثنى المتورطين في المجازر، وبمبادرة رئيس الجمهورية فتحت صفحة جديدة في تاريخ الجزائر مع الأمن والاستقرار والانطلاق في مسيرة البناء والتشييد، إذ بدأت الاستثمارات الاجنبية تتوافد على الجزائر وتحركت آلة التنمية بعد سنين من الركود. ويؤكد خبراء أن الرئيس بوتفليقة اتخذ قرارا هاما سمح لبلادنا من أن تنعم بالأمن والاستقرار كما جعل من هذا الميثاق مثالا تقتدي به الدول المتضررة أمنيا ونموذجا في تسوية الأزمات الأمنية سلميا دون أي تدخل أجنبي . ويرى كثيرون أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية كان نعمة على الجزائريين من منطلق أن الأمن مرتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية وبفضل هذا القانون تحرك النشاط الاقتصادي.