انقضت أمس 12 سنة على إقرار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أقترحه الرئيس بوتفليقة للمواطنين أنذاك لإنهاء عهد العشرية السوداء التي تلطخت بالدماء و الخراب ،فالتف الشعب الجزائري حول المشروع وتبناه في استفتاء شعبي بنسبة فاقت ال97 بالمئة،وبمبادرة رئيس الجمهورية فتحت صفحة جديدة في تاريخ الجزائر مع الأمن والاستقرار والانطلاق في مسيرة البناء والتشييد ، إذ بدأت الاستثمارات الاجنبية تتوافد على الجزائر وتحركت آلة التنمية بعد سنين من الركود. و بلغة الارقام استفاد أزيد من 9 آلاف شخص من تدابير المصالحة، بينما شهد ال 12 سنة الأخيرة تحييد نحو ألفي دموي. وتمّ استرجاع 15 ألف قطعة سلاح، وتعويض عائلات 11 ألف إرهابي لقوا حتفهم قبل 2006، وجرى إحصاء 7125 عائلة مفقود. وشملت التعويضات 90 % من عائلات المفقودين، كما جرى الحسم في 40 ألف ملف لضحايا المأساة الوطنية. وتمّ إقرار إجراءات تكميلية، مسّت مغتصبات الإرهاب . ويؤكد الخبير الأمني بن عمر بن جانة أن الرئيس بوتفليقة اتخذ قرارا هاما سمح لبلادنا من أن تنعم بالأمن والاستقرار كما جعل من هذا الميثاق مثالا تقتدي به الدول المتضررة أمنيا ونموذجا في تسوية الأزمات الأمنية سلميا دون أي تدخل أجنبي. بدوره يرى المحلل الاقتصادي جمال لحلو أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية كان نعمة على الجزائريين من منطلق أن الأمن مرتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية وبفضل هذا القانون تحرك النشاط الاقتصادي. إجراءات المصالحة لاتزال سارية من جهته أوضح النائب العام لدى مجلس قضاء جيجل بوجمعة لطفي أن إجراءات المصالحة الوطنية لاتزال سارية حتى اليوم وكثير من الملفات قد تم تسويتها بالنسبة للأشخاص الذين عبروا عن رغبتهم في العودة إلى المجتمع ، مؤكدا أنه لا يوجد أي إشكال بالنسبة للتائبين في العودة إلى حياتهم العادية. وأضاف بوجمعة لطفي أن المصالحة الوطنية مشروع وطني متجدد، فالإجراءات والقوانين التي وضعها المشرع الجزائري كانت استثنائية و بديلة هدفت إلى تعزيز السلم والأمن في البلاد ، مؤكدا أنها كانت بداية لصفحة جديدة التي أصبحت بفضلها الجزائر ناجحة على المستوى الوطني والدولي. و أشار إلى أن الجزائر اعتمدت مقاربة في مكافحة الإرهاب تقوم على مبدأ المكافحة القانونية والأمنية ، و تماشيا مع هذا نجد أسلوب سياسة المصالحة الوطنية والتي بدأت بالوئام المدني ومرافقة التائبين مع وضع الإطار القانوني والتنظيمي لهذه العملية ، مذكرا بأن دستور 2016 لأول مرة كرس مسألة المصالحة الوطنية كمبدأ دستوري ، والتي صارت يضرب بها المثل على المستوى الدولي وأصبح يقتدى بالتجربة الجزائرية والثناء عليها . و بخصوص ملف المفقودين قال بوجمعة لطفي إن المشرع الجزائري تطرق إليه بشجاعة ففي المصالحة الوطنية تم التكفل بالمسألة وتمت معالجتها وفق قاعدة قانونية فريدة من نوعها، موضحا أنه في الكثير من الحالات من الذين قدموا ملفات المفقودين استفاد ذويهم من التعويضات القانونية. هذه رسالة المتضررين من المأساة الوطنية ولعل أهم شهادة لثمار المصالحة تلك التي يقدمها المتضررون من مأساة العشرية السوداء ، الذين فقدوا أكثر من عزيز والذين لايزالون يتذكرون تفاصيل أيامها الأليمة. ومن هؤلاء سكان مداشر ولاية البويرة و مختلف الولايات المتضررة الذين يثمنون ويقفون وقفة عرفان لرئيس الجمهورية على هذه المبادرة التي غيرت حياتهم بعد استتباب الأمن وعودة الحياة دون أن ينسوا تقديم النصح للجيل الجديد من أجل الحفاظ على هذه النعمة في ظل التوتر الامني و الاقليمي الذي تعيشه عديد الدول . وارتفع عدد الارهابيين المستسلمين بين جانفي 2016 وسبتمبر 2017 إلى 77، بحسب بيانات متفرقة لوزارة الدفاع الوطني . . يبدي أهم المختصون القانونيين، ثقتهم بإمكانية تجسيد مسعى العفو الشامل في القادم، وصدر قانون الرحمة في عهد الرئيس السابق "اليمين زروال" العام 1995. ودشّن بوتفليقة وصوله إلى سدة الحكم سنة 1999، بأحد اهم الخطوات وهو قانون الوئام المدني، وأخيرا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.