- الترشيد المالي سيكون مرفقا بإصلاحات هيكلية أكد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة في حديث نشر أمس في تقرير 2017 حول الجزائر، أعده المجمع البريطاني للخبرة الاقتصادية مجمع أكسفورد بيزنيس ، أن الترشيد المالي الكلي الذي تبنته الجزائر سيرفق ببرنامج إصلاحات هيكلية، من أجل تحويل الاقتصاد وتحقيق الهدف المركزي المتمثل في تنويع الصادرات وإدامة النمو. وأوضح رئيس الجمهورية في رده على سؤال حول المراحل الواجب اتخاذها من أجل ترسيخ البلاد هيكليا في مسار النمو أنه على إثر الصعوبات الحقيقية المتعلقة بالمالية العمومية وميزان المدفوعات أدركنا طبعا وضعية الأزمة لماليتنا العمومية ومواردنا الخارجية وبشكل عام الحدود الهيكلية للنموذج الاقتصادي المتبع . وقد تم اتخاذ التدابير لمواجهة هذا الوضع في إطار يحافظ على مبادئنا في قيادة النمو الاقتصادي والاجتماعي وبشكل خاص الحفاظ على استقلالية قرارنا وتوازناتنا الاجتماعية . كما أكد رئيس الدولة أن التعديلات الضرورية أدخلت على السياسة المالية لا تضحي بمبادئ العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني التي لا طالما وجهت عملنا و لن تتم على حساب استكمال برنامج التجهيز العمومي . وإذ ذكر بأن الموارد الموجهة لمشروع ميزانية التجهيز قد سجلت ارتفاعا سنة 2018 بنسبة 76 % من اجل إعادة بعث المشاريع المجمدة في عديد القطاعات وزيادة بنسبة 8 % للتحويلات الاجتماعية، أشار الرئيس بوتفليقة إلى قرار ترشيد النفقات العمومية وذلك ليس فقط من أجل الاستعادة التدريجية لتوازن الحسابات ولكن أيضا لتخفيض الضغط على الموارد الخارجية بعمل منظم على المستوى العام لاستيراد السلع والخدمات من خلال الترشيد وكذا مكافحة الغش. وأكد رئيس الدولة في هذا الصدد أن الإجراءات التقييدية المتخذة في هذا المجال لا تشكل عودة إلى التسيير البيروقراطي ولا تراجعا عن التزاماتنا الدولية . وأوضح يقول أن هذا الترشيد المالي الكلي سيكون مرفقا ببرنامج إصلاحات هيكلية من شأنها تحويل اقتصادنا وتقودنا في الأخير إلى تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في تنويع صادراتنا و إدامة النمو . وفي رده على سؤال حول النموذج الجديد للنمو الاقتصادي بالجزائر، اكد رئيس الجمهورية أن تجسيد هذا النموذج يتطلب تحولات هيكلية عميقة بهدف تحقيق نمو اقتصادي متسارع وعدالة اجتماعية متحررة من التبعية إلى المحروقات. وأشار السيد بوتفليقة في هذا الصدد إلى أن إطلاق نموذج النمو الجديد لا يسمح فقط بتحقيق توازن الحسابات العمومية على المدى القصير، بل سيحقق، في الفترة الممتدة بين 2020-2030، ارتفاعا لنمو الناتج الداخلي الخام لاسيما خارج المحروقات الذي من المرتقب أن يرتفع بمعدل 5ر6 بالمائة في السنة، إضافة إلى تسجيل ارتفاعا محسوس في الناتج الداخلي الخام للفرد، وتضاعف حصة الصناعة التحويلية في القيمة المضافة الشاملة بنسبة 10 بالمائة، وانتقال طاقوي سيسمح بتقليص محسوس لنسبة الاستهلاك الداخلي للطاقة من خلال استهلاك اقل وأفضل، وتنوع للصادرات يسمح بتعزيز تمويل النمو. وبخصوص القطاعات الأولوية لتسريع تنويع الاقتصاد والتدابير المتخذة من اجل تشجيع الاستثمار، اعتبر الرئيس بوتفليقة ان كل القطاعات الاستثمارية ذات أولوية لما تساهم في التنوع الاقتصادي وتعويض الواردات وتطوير الصادرات خارج المحروقات والابتكار واستحداث مناصب شغل دائمة. ولذلك، يضيف رئيس الجمهورية، فإن الأولوية تكمن في استقرار الإطار القانوني للاستثمار الخاص وتطهير مناخ الأعمال لإعطاء مزيد من الوضوح والثقة للمستثمرين وطنيين منهم وأجانب. وفي معرض تطرقه للأعمال التنظيمية والعملية الموجهة لدعم وتسهيل العمل الاستثماري، أكد رئيس الدولة أننا بصفة عامة سنواصل اتخاذ كل التدابير التي من شأنها تسهيل حياة المؤسسات وتشجيعها على الاستثمار في القطاعات التي تحد من هشاشتنا وكذا في القطاعات المستقبلية مثل الطاقات المتجددة والرقمية واقتصاد المعرفة . تحسين ظروف جذب الاستثمارات الأجنبية أما فيما يتعلق بالشراكات بين القطاعين الخاص والعام، فقد ذكر السيد بوتفليقة على التذكير بأن القطاع الخاص لطالما كانت لديه مكانته في الاقتصاد الوطني، مضيفا أنه لا يمكن تصور اقتصاد السوق دون قطاع خاص قوي ونشيط. وبخصوص المسألة الهامة المتعلقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، أوضح الرئيس بوتفليقة أنها صيغة لها إيجابياتها لاسيما وانها تسمح باللجوء إلى أشكال جديدة من التسيير والشراكة والتعاون بين رؤوس الأموال العمومية والخاصة وكذا توفير موارد مالية بديلة لتمويل الميزانية التي تعتزم السلطات العمومية ترقيتها في المستقبل. وأضاف الرئيس في هذا الصدد قائلا نحن نشجع بصفة عامة كل مسعى شراكة وتعاون بين المؤسسات العمومية والخاصة، الوطنية منها والأجنبية من اجل إنجاز مشاريع بنى تحتية أو مشاريع منتجة في جميع قطاعات النشاط . كما ابرز في هذا الصدد ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليست حديثة العهد في الجزائر، موضحا أن الجزائر تعد من بين الخمس بلدان إفريقية الأولى التي تلجأ إلى هذا النوع من الشراكة خلال ال15 سنة الأخيرة حسب التقرير الذي أعدته ندوة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية في سنة 2016 حول التنمية الاقتصادية في إفريقيا. ويرى الرئيس بوتفليقة أن تجسيد نموذج التنمية الجديد والأهداف المحددة في مجال التحويل التنافسي للهياكل المنتجة للاقتصاد الوطني تشكل مجالا ملائما لإقامة الشراكة بين العام والخاص وبشكل عام لتعاون نشيط بين المؤسسات العمومية والخاصة في إطار صيغة (رابح رابح)، مؤكدا أن ذلك صالح لكل قطاعات النشاط سواء تعلق الأمر بالصناعة أو الزراعة او الهياكل القاعدية الكبرى أو الطاقة والمناجم. وابرز في هذا السياق، الرئيس بوتفليقة أن المراجعة الجارية لقانون المحروقات ستسهم بشكل اكبر في تحسين ظروف جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع. كما ذكر بأن الإسهام التقني والمالي للمؤسسات الأجنبية في المجال القبلي البترولي سيسمح بتطوير وتثمين قدراتنا الطاقوية لتأمين الطلب الداخلي على المدى الطويل والوفاء بالتزاماتنا الدولية المتعلقة بالتموين بالغاز والنفط بالشراكة مع المؤسسة العمومية (سوناطراك) .