نشجع كل شراكة منتجة بين العمومي والخاص النموذج الجديد للنمو يقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية والتضامن وفعالية النفقات العمومية أكد رئيس الجمهورية السيد، عبد العزيز بوتفليقة أن الاقتصاد الوطني يرتكز منذ سنة 2017 على استراتيجية قائمة على التنوّع وذلك حتى آفاق سنة 2030، و هذا التنوع الاقتصادي كرّسه النموذج الجديد للنمو الذي يقوم على عدد من المبادئ الأساسية مثل التضامن و العدالة الاجتماعية، فعالية النفقات العمومية، وإعطاء دور أكبر للقطاع الوطني الخاص داخل الاقتصاد الوطني، وأشار إلى أن عقلنة وترشيد المالية الكلية سترفق بحزمة من الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها المساهمة في تحقيق التحوّل الاقتصادي الذي نطمح إليه، و المساهمة أيضا في تنويع الصادرات. أدلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بحوار خاص للمجمع البريطاني للخبرة الاقتصادية" أكسفورد بزنس غروب" نشر أمس في تقريره لسنة 2017 عن الجزائر، وفي هذا الحوار عاد رئيس الجمهورية للحديث عن التوجه الاقتصادي الجديد الذي أقرته الحكومة الجزائرية منذ سنة 2017 القائم على تنويع الاقتصاد الوطني وترشيد النفقات، وتحدث أيضا عن النموذج الجديد للنمو، مشددا على أن هذه الإجراءات لن تمس المبادئ التي تقوم عليها الدولة الجزائرية سواء تعلق الأمر بالحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي السياسي أو ما تعلق بمبدأ التضامن والعدالة الاجتماعية. وأكد رئيس الدولة في هذا الصدد على أن إعادة بعث الاقتصاد الوطني لم يكن ممكنا لولا شبكة الهياكل القاعدية التي أقامتها الدولة في السنوات الأخيرة بعد التأخر الذي سجل في هذا المجال خلال سنوات التسعينيات بسبب الأزمة التي مرت بها البلاد، كما لم يكن ممكنا تحقيق التنمية الاقتصادية دون التسيير الملائم لمتطلبات المواطنين في مجالات الصحة والشغل والسكن والتربية والخدمات العامة. وهنا أبرز بوتفليقة أن "تقدما حقيقيا تحقق في هذه المجالات ويمكن لنا أن نفتخر بذلك اليوم"، مع إدراكنا التام بأنه لابد من تقوية هذه الانجازات وتحقيق المزيد من التقدم. في ذات السياق أشار رئيس الجمهورية إلى أن معدل النمو كان خلال سنوات 2000 إلى 2016 حوالي 3.7 من المائة، هذا الرقم يصل إلى6 من المائة خارج قطاع المحروقات، كما تضاعف الإنتاج الداخلي الخام للفرد في هذه الفترة وقفز من 1800 دولار سنة 2000 إلى 3900 دولار في 2016، أما القدرة الشرائية للأسر فقد ارتفعت هي الأخرى خلال نفس الفترة بمعدل 6.3 من المائة في السنة. وفي نفس الفترة ارتفعت أيضا المداخيل المالية ما ساهم برفع اقتصاديات الميزانية، وهو ما سمح للدولة بتمويل الاستثمارات العمومية وتسديد مسبق للمديونية الخارجية، لكن –يلفت الرئيس –أن هذا النظام التمويلي الذي سمح بتحقيق كل التقدم سالف الذكر وصل اليوم إلى نهايته مع التهاوي الفجائي لسعر برميل النفط، وهو ما أدى إلى تآكل مواردنا الخارجية. وعليه فمنذ سنة 2014 يواجه الاقتصاد الوطني مصاعب حقيقية في مجال التمويل العمومي وميزان المدفوعات. عقلنة المالية الكلية وإصلاحات هيكلية مرافقة وأمام هذه الوضعية الصعبة –يقول رئيس الدولة- اعتمدت الحكومة نموذجا اقتصاديا جديدا يقوم على ترشيد النفقات العمومية بغرض تحقيق توازن تدريجي في الحسابات، وأيضا تخفيف الضغط الناتج عن تراجع الموارد الخارجية، وفي نفس الوقت اعتمدت سياسة للتحكم في الواردات تجمع بين العقلانية ومحاربة الغش، وهنا نبه المتحدث إلى أن هذه الإجراءات الاحترازية لا تعني العودة للتسيير البيروقراطي للاقتصاد ولا إخلالا بالالتزامات الخارجية للبلاد، و هي تتم أيضا في ظل احترام إطار التطور الاجتماعي والاقتصادي، والحفاظ على استقلالنا وتوازننا الاجتماعي. وعاد ليشير أنه في سنة 2018 فإن الميزانية المخصصة للتجهيز عرفت ارتفاعا بنسبة 76 من المائة، ما يسمح بإعادة بعث مشاريع في قطاعات الصحة والتربية وتوفير المياه، كما عرفت التحويلات الاجتماعية هي الأخرى ارتفاعا ب 8 من المائة. كما شدد بوتفليقة قائلا أن" برنامج عقلنة المالية الكلية سيرفق بعدد من الإصلاحات الهيكلية التي ستساهم في تحول اقتصادنا، وأيضا في تحقيق تنوع كبير في صادراتنا". و ردا عن سؤال حول أهم المبادئ التي يقوم عليها النموذج الجديد للنمو قال بوتفليقة أنه في جويلية من عام 2016 تم اعتماد هذا النموذج بالاتفاق مع جميع الشركاء في إطار الثلاثية، وقد دخل حيز التنفيذ في سنة 2017 على مدى خمس سنوات، وهو يتضمن أيضا برنامجا للتنوع الاقتصادي حتى آفاق 2030. وأضاف" النموذج الجديد للنمو يرتكز على مبادئ بسيطة هي التضامن والعدالة الاجتماعية، فعالية النفقات العمومية، وتقوية دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني"، و أشار في هذا الصدد أن إطلاق النموذج الجديد للنمو لا يسمح فقط بتحقيق توازن الحسابات العمومية على المدى القصير بل سيحقق في الفترة الممتدة بين 2020 و 2030 ارتفاعا في نمو الناتج الداخلي الخام سيما خارج المحروقات، الذي من المرتقب أن يصل إلى 6.5 من المئة في السنة، فضلا عن تسجيل ارتفاع محسوس في الناتج الداخلي الخام للفرد وتضاعف حصة الصناعة التحويلية في القيمة المضافة الشاملة بنسبة 10 من المائة، وكذا تحقيق انتقال طاقوي سيسمح بتقليص محسوس لنسبة الاستهلاك الداخلي للطاقة، وتنوع للصادرات. كما اعتبر الرئيس أن كل القطاعات الاستثمارية ذات أولوية لما تساهم في التنوع الاقتصادي و تعويض الواردات و تطوير الصادرات خارج المحروقات و الابتكار و استحداث مناصب شغل دائمة، وعليه يشدد بأن الأولوية تكمن في استقرار الإطار القانوني للاستثمار الخاص، وتطهير مناخ الأعمال لإعطاء مزيد من الوضوح والثقة للمستثمرين الوطنيين والأجانب، مؤكدا في نفس الاتجاه مواصلة اتخاذ كل التدابير التي من شأنها تسهيل حياة المؤسسات و تشجيعها على الاستثمار في القطاعات التي تحد من هشاشتنا، و كذا في القطاعات المستقبلية مثل الطاقات المتجددة و الرقمية و اقتصاد المعرفة. تشجيع كل شراكة منتجة بين العمومي والخاص وعن سؤال متعلق بالشراكة بين القطاعين الخاص والعمومي و دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني ذكر بوتفليقة بأن القطاع الخاص "لطالما كانت لديه مكانته" في الاقتصاد الوطني، مضيفا أنه "لا يمكن تصور اقتصاد السوق دون قطاع خاص قوي و نشيط". أما بشأن الشراكة بين القطاعين فقد قال" نحن نشجع بصفة عامة كل مسعى شراكة و تعاون بين المؤسسات العمومية و الخاصة، الوطنية منها و الأجنبية من أجل انجاز مشاريع بنى تحتية أو مشاريع منتجة في جميع قطاعات النشاط"، مضيفا بأن هذه الشراكة صيغة لها إيجابياتها سيما و أنها تسمح باللجوء إلى أشكال جديدة من التسيير و الشراكة و التعاون بين رؤوس الأموال العمومية و الخاصة و كذا توفير موارد مالية بديلة لتمويل الميزانية التي تعتزم السلطات العمومية ترقيتها في المستقبل، مذكرا أيضا بأن هذه الشراكة ليست حديثة في الجزائر- التي تعد من بين الخمسة بلدان الإفريقية- التي تلجأ لهذا النوع من الشراكة خلال ال 15 سنة الأخيرة حسب تقرير أعدته ندوة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية في سنة 2016 حول إفريقيا. وفي سياق متصل أوضح الرئيس بوتفليقة في حديثه للمجمع المذكور بأن المراجعة الجارية لقانون المحروقات ستسهم بشكل كبير في تحسين ظروف جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، وقال إن المساهمة التقنية والمالية للمؤسسات الأجنبية في المجال القبلي للبترول ستسمح بتطوير وتثمين قدرات البلاد الطاقوية لتأمين الطلب الداخلي على المدى الطويل والوفاء بالتزامات الجزائر الدولية في مجال التموين بالنفط والغاز.