وادي سوف تتحرر نهائيا من خطر صعود المياه خرجت منطقة وادي سوف من الغرق في مياهها الجوفية الصاعدة نحو سطح الأرض حيث تم التحكم في الطبقة المائية عن طريق امتصاص المياه الزائدة عن المستوى غير المرغوب فيه من هذه الطبقة بفضل إنجاز مشروع ضخم كلف 2800 مليار سنتيم . جهود الدولة ستتواصل بتخليص بلديات الولاية من ظاهرة تصريف المياه المستعملة في الحفر و ربط كل البيوت بشبكة تصريف المياه. وهي عملية تكميلية لمشروع التطهير بالوادي ستنطلق خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية و تستمر لمدة سنة واحدة وهو موعد ربط آخر منزل بالشبكة في حين يبدأ ربط المنازل الأولى مع الإنطلاق مباشرة. و أوضح السيد رشيد شاوش مدير مشروع التطهير بالوادي أن عملية ربط بيوت11 بلدية بشبكة صرف المياه أدرجت كجزء تكميلي للمشروع الرئيسي على عاتق الدولة قصد ربح الوقت و تحقيق نسبة ربط مرتفعة حيث سيتم ربط 41 ألف منزل و تجنب الربط العشوائي في حالة إدراج العملية على حساب السكان ما من شأنه الإضرار بالشبكة و نظام تصريف المياه الذي دخل الخدمة في الثلاثي الأول من السنة المنصرمة حاليا يتم امتصاص و تصفية وتحويل 1200 لتر في الثانية من المياه الباطنية نحو السبخة، اضافة إلى المياه المستعملة لسكان بلدية الوادي وهي الوحيدة المجهزة بشبكة الصرف من بين12 بلدية مدرجة ضمن مشروع تصريف المياه لمنطقة سوف. و المهم في ربط 11 بلدية بشبكة الصرف هو أولا عصرنة حياة السكان، وثانيا حماية الطبقة المائية القريبة من سطح الأرض من التلوث و منع ارتفاع منسوب مياهها نحو الأعلى . و معلوم أن ظاهرة صعود المياه قد تفاقمت خلال العشرية الأخيرة و أغرقت بالفعل الأماكن المنخفضة من منطقة وادي سوف كالغيطان التي مات نخيلها. و صار هاجس صعود المياه كابوسا حقيقيا لا يفارق أذهان السوفيين. و لم يهدأ بالهم إلا بعد أن تأكدوا بأن صعود المياه قد توقف و أن التحكم فيها صار فعالا. كيف ظهرت محنة صعود المياه؟ ذكر السيد حسيني احميد رئيس مصلحة التطهير بولاية الوادي أن مشكلة صعود المياه بمنطقة سوف مرتبطة بالخصوصية الجيولوجية للمورد المائي القريب من سطح الأرض( الطبقة الفيرياتية) التي يتراوح عمقها ما بين 10م إلى 60 مترا. و لما كانت الحياة الأولى بسيطة أين يقضي الإنسان حاجته في الطبيعة و استهلاك المياه في الحياة اليومية قليلا ، اضافة إلى أن عدد السكان كان محدودا ، فإن الطبقة المائية السطحية لم تتأثرأأ و لم يحدث أي اختلال في النظام البيئي و استمر هذا الوضع إلى سنة 1956 حين فرض التطور و ازدياد عدد السكان الحاجة لكميات أكبر من المياه فبدأ استخراج المياه من طبقة المركب النهائي على عمق يتراوح بين 200 م إلى500 متر إضافة إلى مواصلة استغلال الطبقة الفيرياتيكية مما يؤدي حتما بفعل تصريف السكان للمياه المستعملة في الحفر إلى عودة مياه الطبقتين الأولى و الثانية لتتجمع في الطبقة العلوية التي تشكل وعاء جيولوجيا له قاعدة غير نفاذة للمياه . في سنة 1987 بدأ استغلال الطبقة الجوفية العميقة المركب القاري على عمق يتراوح بين 1600 و 2200 متر فأصبحت كل المياه المستعملة تصب في خزان الطبقة الأولى التي حصر الناس استعمالها في الفلاحة، وليس في مختلف الأغراض بعدما أصبحت ملوثة. هذا يعني أن خزان هذه الطبقة الملوثة أصبح يستوعب ما فيه، تضاف إليها المياه التي تستخرج من الطبقتين العميقتين إلى أن وصل صعود المياه إلى المناطق الأكثر إنخفاضا فكانت مفاجأة كارثية لأن هذه الأماكن هي ما يعرف ب " الغيطان ". و هي بساتين النخيل التي بدأت في الموت بعد أن غمرت جذورها المياه ثم صعدت إلى السطح و تحولت الغيطان إلى برك من المياه القذرة. المعالجة الجادة لصعود المياه بدأت سنة 2002 أشار رئيس مصلحة التطهير لدى مديرية الري بولاية الوادي إلى وجود محاولات من السلطات العمومية في الثمانينات لمعالجة ظاهرة صعود المياه و أنجزت دراسات لأنجاز شبكة تطهير لكن العملية فشلت بسبب مشاكل تخص الشركة التي أوكلت لها المهمة. و أضاف أنه مع استفحال حدة المشكلة صار الأمر ينذر بخطر كبير مما استدعى معالجة جادة بدون تأخير فتم توقيف كل مشاريع التطهير و البحث عن الحل الجذري للظاهرة و بالفعل تمت الدراسة التي انتهت سنة 2002 والتي أظهرت الحاجة لشبكة تطهير و تصريف المياه في مكان بعيد على مسافة 51 كلم بصحراء بلدية سيدي عون بشط حلوفة و تمت المناقصة في شطرين. و حسب مدير مشروع التطهير بالوادي، فإن الإنجاز قد اكتمل في الثلاثي الأول من السنة المنصرمة وكل منشآته تعمل بانتظام و تكامل بعدما إنطلقت الأشغال الفعلية سنة 2006. و تتمثل أهم منشآت المشروع في شبكة التطهير التي وصل طولها إلى 750 كلم و أربع محطات تصفية و 57 محطة ضخ و 58 بئرا عمقها ما بين 30 إلى 50 مترا لامتصاص المياه الزائدة من الطبقة السطحية الأولى و بالتالي يسمح التحكم في امتصاص كمية المياه بالقدر الذي يحافظ على المستوى المثالي للمياه بهذه الطبقة التي تبقى الحاجة إليها أكيدة في السقي الفلاحي وهو الجانب الذي جعل ولاية الوادي رائدة في إنتاج مادة البطاطا على المستوى الوطني. و في ذات السياق من المقرر أن يتم مستقبلا حسب المصدر السابق سقي حوالي ثلاثة آلاف هكتار بالمياه المصفاة التي ينتجها مشروع التطهير. و هي مياه كما قال من النوع/ ب/ التي تستعمل فقط لسقي أنواع معينة من المزروعات. و أضاف نفس المسؤول أن قدرات المشروع مدروسة لآفاق سنة 2030 . ما تجدر الإشارة إليه ، للتأكيد على ضخامة هذا المشروع ، أن مساحة محطاته الأربعة مجتمعة تبلغ 157 هكتارا موزعة كالتالي 50 هكتارا بمحطة كوينين التي تصفي مياه بلديات عاصمة الولاية و البياضة و الرباح و كوينين. ثم محطة حساني عبد الكريم و مساحتها 42 هكتارا و تصفي مياه بلديات حساني عبد الكريم و الدبيلة و قمار و تاغزوت. و الثالثة هي محطة سيدي عون و مساحتها 40 هكتارا و تصفي مياه بلديات سيدى عون وحاسي خليفة ، و مقرن . و رابع محطة بالرقيبة مساحتها 25 هكتارا وتصفي مياه بلدية الرقيبة. و بهذا الإنجاز كما يؤكد - القائمون على هذا المشروع أن خطر صعود المياه قد استبعد عن منطقة سوف . لكن ما يتأسف له - حسب مدير المشروع - هو سلوكات بعض السكان تجاه شبكة الصرف خاصة البالوعات التي ينبغي المحافظة عليها و حمايتها من أي مواد صلبة حتى لا تقع انسدادات في الشبكة تعيق نظام التصريف.