شهدت العاصمة التونسية ومدن أخرى أمس خروج رجال الشرطة ومختلف أجهزة الأمن إلى الشوارع لليوم الثاني على التوالي، وهي المظاهرات التي انضم إليها رجال الاطفاء وعمال النظافة وآلاف المواطنين الآخرين. وردد المتظاهرون هتافات طالبوا فيها بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية، مؤكدين مواصلتهم للمسيرات والمظاهرات حتى تحقق جميع مطالبهم. وعبر رجال الشرطة المتظاهرين عن احتجاجهم على ظروف عملهم، ورفضهم لسياسة القمع والاضطهاد التي مارسها نظام الرئيس المخلوع ضد المواطنين. رجال الأمن الذين تظاهروا أمس في عدة مدن تونسية، طالبوا بضرورة تأسيس نقابة تدافع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية. كما طالبوا أيضا بإصلاح القوانين المتعلقة برجال الشرطة داعين مكونات المجتمع المدني، وبخاصة وسائل الاعلام الى تسليط الضوء على ما وصفوه بالواقع الأليم الذي يعيشونه. وهتف بعض المحتجين من رجال الشرطة "بأنهم أبرياء من دم الشهداء". وقال رجل شرطة بين المحتجين "خرجنا اليوم لأننا نريد مصالحة وطنية، فكثيرون من قوات الأمن أخطأوا وبعض الجهلة شوهوا سمعتنا". وأضاف آخر "نحن أيضا عانينا من القمع ولا نملك من أمرنا شيئا". وبمدينة سيدي بويد التي انطلقت منها شرارة "ثورة الياسمين" تظاهر مئات من رجال الشرطة قالوا في هتافاتهم "نحن أيضا ضحايا عصابة الطرابلسي". من جهته، طالب الاتحاد العام التونسي بحل الحكومة الحالية وتشكيل ما أسماه حكومة انقاذ وطني ائتلافية، وكان الاتحاد قبل ذلك قد سحب وزرائه الثلاثة من الحكومة المؤقتة. الى ذلك، أعلن وزير الداخلية أحمد فريعة أن عددا من رموز النظام السابق محتجزون لدى الشرطة. وذكر أن من بين المعتقلين عماد الطرابلسي ابن شقيق زوجة الرئيس المخلوع، وكذلك الرئيس السابق للأمن الرئاسي علي السرياطي. وأشارت الوزير الى أن بعضا من أفراد عائلتي بن علي وزجته فروا من تونس قبل ساعات من قرار الرئيس السابق، مؤكدا ان الهروب من تونس لا يعني الافلات من الملاحقة القضائية، ملفتا الى أن تونس لها اتفاقيات مع العديد من الدول تتعلق بتبادل وتسليم المطلوبين. وعلى المستوى السياسي، أعلن عدد من التنظيمات السياسية تشكيل ما سمي بجبهة 14 جانفي (تاريخ سقوط بن علي) وذلك بهدف "تحقيق أهداف الثورة والتصدي للقوى المضادة لها" في اشارة ضمنية الى حركة النهضة الاسلامية. وأكدت الحركات الثمانية المكونة من قوى يسارية في بيان لها أن جبهة 14 جانفي إطار سياسي يعمل على التقدم بالثورة والتصدي للقوى المضادة لها، مشيرة الى أنها اطار يضم الأحزاب والقوى والتنظيمات الوطنية والتقدمية والديمقراطية، وذكرت جبهة 14 جانفي أن مهامها الملحة في الوقت الحالي تتمثل في اسقاط حكومة الغنوشي وحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ، وتشكيل حكومة جديدة مؤقتة تحظى "كما قالت" بثقة الشعب ا لتونسي.