لا يجب أن ننسى أي شيء من التاريخ و نتوجّه في نفس الوقت نحو المستقبل أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس أن العلاقة الشخصية التي تربطه بالرئيس بوتفليقة ستعزز العلاقات الثنائية بين البلدين على جميع الأصعدة، وقال هولاند في ختام زيارته للجزائر أمس أن «ذلك أمر بالغ الأهمية فالعلاقة التي تمكنت من إقامتها مع الرئيس بوتفليقة ستسمح لنا بتعزيز علاقاتنا على الصعيد الإقتصادي والثقافي والبشري» قبل أن يضيف أن هذه « العلاقة الشخصية ستسمح للبلدين بتقديم نفس الاقتراحات بشأن تسوية الأزمات في العالم . هولاند قال من جهة أخرى أنه من النادر أن تجد رئيس دولة في حيوية بوتفليقة مشيرا أنه وجد الرئيس في قمة قواه الفكرية. و في ندوة صحفية رد عن سؤال حول صحة مضيفه بالقول أنه ليس طبيبا لكنه وقف على رئيس بقدرات فكرية فائقة وله قدرات على استخدام حكمته في حل الأزمات. و كان رئيسا الدولتين قد تناولا خلال لقائهما وضع العلاقات الثنائية، و تم التركيز بشكل خاص على التعاون الإقتصادي، و سبل تعزيز الديناميكية القائمة لتوسيع مجالات الشراكة، كما بحث الرئيسان القضايا الإقليمية و الدولية التي تهم البلدين، لاسيما الأوضاع في الساحل، و تركزت المحادثات على الملفين الليبي و المالي و التنسيق القائم بين البلدين بشأنهما. وأكد الرئيس فرانسوا هولاند أنه عمل كثيرا خلال الأشهر الماضية مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أجل تحقيق المزيد من التقارب بين البلدين في مختلف المجالات. و قال في تصريح للصحافة، لدى وصوله إلى الجزائر « لقد عملنا كثيرا بوتفليقة و أنا خلال الأشهر الماضية من أجل تحقيق المزيد من التقارب بين البلدين و الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها». وأضاف «إن هذه الزيارة الثانية التي أقوم بها الى الجزائر تشكل فرصة لتعميق» العلاقات الثنائية في مختلف الميادين. من جهة أخرى، أكد الرئيس الفرنسي قائلا « أولا لا يجب أن ننسى أي شيء من التاريخ و أن نقوم بعمل الذاكرة هذا و التوجه في نفس الوقت نحو المستقبل». فرنسا هي أول شريك اقتصادي للجزائر و تعتزم أن تبقى كذلك و في مجال التعاون الإقتصادي، أكد هولاند أن فرنسا هي الشريك الاقتصادي الأول للجزائر، معربا عن أمله في أن تتطور هذه الشراكة أكثر. و قال «أذكر أن فرنسا هي أول شريك اقتصادي و تعتزم أن تبقى كذلك بل و أن تعزز وجودها أكثر علما أن مؤسسات هامة متواجدة ( بالجزائر) على غرار رينو و سانوفي و ألستون و قريبا بيجو». في نفس الخصوص أوضح الرئيس الفرنسي، أن هدف هذه المؤسسات يكمن في تطوير التشغيل بالجزائر و فرنسا لاسيما لصالح الشباب الجزائري. و إذ أعرب عن أمله في الالتقاء خلال زيارة العمل التي يقوم بها بالشركاء الاقتصاديين الذين يرغبون في العمل مع فرنسا، فقد أعرب هولاند أيضا عن الإرادة في تسهيل تنقل المواطنين و المتعاملين الاقتصاديين بين البلدين. كما تابع يقول «لقد أظهرنا أننا قادرون على ذلك لاسيما من خلال منح التأشيرة (...). تلكم هي أهم المواضيع التي تجسد أهمية هذه الزيارة و آفاق العلاقة فرنسا-الجزائر». و اعتبر هولاند، في ذات السياق، بأن الجزائر و فرنسا تربطهما علاقة متميزة تقوم على صداقة «حقيقية و أخوية». و أوضح قائلا «لدينا (الجزائر و فرنسا) علاقة متميزة هي علاقة صداقة ملزمة لكنها صداقة حقيقية و أخوية». بالنسبة لرئيس الدولة الفرنسي فإن مستقبل البلدين يتمحور أيضا حول التنمية الاقتصادية و التقارب الجامعي و الثقافي، حيث ألح على ضرورة العمل معا من أجل المتوسط. و بخصوص مسألة الذاكرة أشار الرئيس هولاند إلى أن الشعبين (الجزائري و الفرنسي) «يربطهما التاريخ» معتبرا بأن هذا التاريخ كان «أليما» و لكن «اليوم بإمكاننا المضي قدما في علاقاتنا الثنائية». و قال «لقد قمنا بتهدئة عدة أمور خلال زيارة الدولة التي قمت بها (ديسمبر 2012) و اليوم تربطنا شراكة حقيقية تم من خلالها تحقيق عدة مشاريع إلى جانب شراكات لنتوجه معا نحو إفريقيا». من جانب آخر، أشاد الرئيس الفرنسي بالعمل المنجز من طرف الجزائر لاسيما في مجال استتباب السلم في مالي. و قال «أحيي العمل الذي قامت به السلطات الجزائرية لاسيما بخصوص السلم في مالي» مشيرا إلى «الكفاح المشترك» ضد الإرهاب. و في هذا الصدد، أعرب هولاند عن امتنانه للحكومة الجزائرية التي «بذلت كل ما في وسعها لإيجاد مرتكبي عملية اغتيال هيرفي غورديل» الرعية الفرنسي الذي اغتيل من طرف جماعة إرهابية خلال السنة الماضية في منطقة جبلية تقع بين البويرة و تيزي وزو. كما أكد الرئيس الفرنسي بأن الجزائر و فرنسا بحاجة إلى عمل مشترك بالنظر إلى الوضع الأمني السائد في منطقة الساحل. و أكد رئيس الدولة الفرنسي قائلا «بالنظر إلى ما نعيشه لا سيما الوضع الأمني بالساحل نحن بحاجة إلى عمل مشترك». و أوضح هولاند أن «هذا هو المغزى» من زيارته إلى الجزائر بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي و الثقافي. و أضاف يقول «مع الرئيس بوتفليقة أقمنا علاقة ثقة و نصائحه و تصوره للأمور بالغة الأهمية». كما أشاد هولاند بالجزائر لمساهمتها في إنجاح الندوة الدولية حول المناخ المقررة في ديسمبر المقبل بباريس. للإشارة، فإن المحادثات بين الرئيسين بوتفليقة و هولاند جرت بحضور رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح و الوزير الأول عبد المالك سلال، و وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، و وزير الدولة وزير الخارجية و التعاون الدولي رمطان لعمامرة، و وزير الصناعة و المناجم عبد السلام بوشوارب. أما عن الجانب الفرنسي فحضرها وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي لوران فابيوس. و كان الرئيس الفرنسي قد استقبل أمس، بإقامة الدولة بزرالدة من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال، و قبل ذلك ترحم الرئيس الفرنسي على أرواح شهداء ثورة التحرير بمقام الشهيد.