تكفي نظرة واحدة إلى أسفل العديد من طاولات الباعة بالأسواق المغطاة أو الشعبية، و حتى بعض مصارف المحلات التجارية، لتلاحظ بأنها مدججة بالعصي و الهراوات ،بدل سجادات الصلاة و السبحات أو المصاحف، و كأن هؤلاء التجار يستعدون لدخول ساحات الوغى ،بدل استقبال شهر خير من ألف شهر بالعبادات و التقوى و الابتعاد عن العنف بكل أشكاله. فتيل الخلافات بين الباعة و الزبائن يبدأ أحيانا، بمطالبة هذه الشريحة ببيعها النوعية الجيدة من الخضر أو الفواكه التي تبرز في الجهة العليا المرئية بشكل جذاب من هذه المواد التي تسحر الصائمين ،لكن الباعة ، إلا من رحم ربك، يصرون على بيع ما تصل إليه أياديهم من مواد و تكون بعضها تالفة، و يبررون ذلك بضرورة اقتسام الأرباح و الخسائر بين الطرفين ،و قد يصل الأمر بفئة من التجار إلى إعلان الامتناع عن البيع بشروط و خيارات الزبون الذي يعتبر ملكا في المجتمعات المتحضرة،و في هذه الأحوال تتعالى الأصوات و تلتهب الأعصاب ،و قد يصل الأمر إلى التهديد و الوعيد و تطل الهراوات من مخبئها. في سوق الإخوة بطو مثلا ،بوسط مدينة قسنطينة ،لاحظنا بأن العديد من الباعة خاصة باعة الفواكه و الخضر الموسمية على غرار حب الملوك و التين و "القناوية" لا يلتزمون بوضع الأسعار فوق هذه السلع ،و يرفضون الرد على من يسأل عنها ،إلا إذا لمسوا وقوعهم في سحرها بشكل تام و طلبوا مقدارا منها. أحد عشاق "القناوية"التي أطلت هذه الأيام في بدايات موسمها الجديد،لتزين بخضرتها البهية طاولتين أو ثلاث بذات السوق ،سأل البائع عن ثمنها لكنه لم يرد عليه، لأنه كان يتحدث إلى زميله.عندئذ طلب الزبون منه أن يزن له كيلوغراما منها ،فتحمس لذلك و طلب منه دفع 1000 دج.و كان هذا الثمن كافيا لتثور ثائرة الزبون و يعتبر ما حدث غشا و خداعا و سرعان ما أخرج البائع هراوته مهددا و الزبون سكينه ،و لولا تدخل بعض الزبائن لوقع المحظور.ماذا لو قرر الجميع التصدي لعنف الأسواق بأشكاله؟.