ماذا حدث قبل قليل..؟ ماذا يحدث الآن بالضبط..؟ ماذا سيحدث بعد ساعة..؟ لا أحد بوسعه أن يجيب. إنها ثورة الخبز والحرية في مصر تعلن عن ميلادها. التاريخ عربة إسعاف تحمل نظاما بكامله وتنطلق باتجاه أقرب غرفة عناية مركزة. المصريون لا يريدون معالجة رأس هذا النظام أو قلبه.. رئتيه أو أمعائه. إنهم باختصار يطالبون بترحيله فورا إلى القبر، قبل أن تتعفن جثته وتزكم الأنوف. المصريون يريدون لهذا النظام أن يختفي من حياتهم تماما لهذا فهم يفتحون صدورهم للموت دون خوف ويهللون مرحبا بالحرية.. يقول خبر: إن "نحو 40 ألف متظاهر في المنصورة يحطمون مقر الحزب الوطني الحاكم بالمدينة".. ثم خبر عاجل: "المتظاهرون يسيطرون على أهم شوارع محافظة «السويس»، وهناك خبر أكثر عجالة: "نساء مصريات في سيارات مدنية يوزعن المشروبات الباردة على المتظاهرين".. "اعتقال أربعة صحافيين فرنسيين في القاهرة".. وقبل أن تدخل في التفاصيل تنتبه إلى أن السلطات المصرية بالفعل عطلت موقع «تويتر» و«فيس بوك» وحجبت خدمات الاتصال.. مهلا، هاهي قناة تلفزيونية تنقل صورا عن جماهير مصرية تطالب برحيل الرئيس بمبارك.. وهناك قرب مسجد كان قد صلى فيه «محمد البرادعي» أمس الجمعة في القاهرة حوالي 20 ألف متظاهر يزحفون باتجاه ساحة الأزهر، وثمة آلاف يتظاهرون في مدينة نصر. جمعة اللهب.. لقد عمت المظاهرات معظم أنحاء مصر أمس الجمعة، وخرج مئات الآلاف من المصريين في احتجاجات "جمعة الغضب" مطالبين برحيل الرئيس حسني مبارك. وجاء ذلك رغم تعطيل السلطات المصرية أدوات الاتصال مثل شبكات الهواتف الجوالة والإنترنت، ورغم نشر تعزيزات أمنية غير مسبوقة حول المساجد خصوصا. وخرج المتظاهرون عقب صلاة الجمعة من المساجد، في العاصمة القاهرة وعواصم المحافظات، من أسوان في جنوبي البلاد وحتى الإسكندرية شمالا، وسيناء شرقا ليتحدوا حشود الشرطة. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في القاهرة، ومنعهم من الوصول إلى ميدان التحرير وسط القاهرة، رغم احتشادهم في مناطق متفرقة من القاهرة الكبرى ومحاولتهم التوجه إلى الميدان. «البرادعي» في إقامة جبرية.. وضعت السلطات المصرية محمد البرادعي الإقامة الجبرية وذكر مراسلون صحفيون أن ميدان التحرير تحول إلى ساحة كر وفر لقوات الأمن المنتشرة في الزى الرسمي والمدني، وأغلقت الميدان والطرق والجسور المؤدية إليه إغلاقا تاما ومنعت المارة من المرور. وفي الجيزة أدى المعارض المصري البارز «محمد البرادعي» صلاة الجمعة في ساحة عامة أمام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة (جنوبالقاهرة) وسط نحو ألفي شخص. وفور انتهاء الصلاة، أخذ المصلون بالهتاف "يسقط يسقط حسني مبارك" فيما حاصرت أعداد كبيرة من قوات الأمن المنطقة، ومنعت «البرادعي»، و«أسامة الغزالي حرب» رئيس حزب الجبهة الديمقراطية من التوجه إلى ميدان التحرير. وفي الإسكندرية وقعت اشتباكات بين آلاف المتظاهرين والشرطة فور انتهاء صلاة الجمعة في مسجد القائد إبراهيم بميدان محطة الرمل، الساحة الكبرى بوسط المدينة. وفور انتهاء الصلاة، بدأ المتظاهرون يهتفون "مش عاوزينه، مش عاوزينه" في إشارة للرئيس حسني مبارك واستخدمت الشرطة على الفور القنابل المسيلة للدموع وأطلقت رصاصا مطاطيا في الهواء لتفريقهم غير أنهم توجهوا ناحية شارع الكورنيش وهم يرشقون قوات الأمن بالحجارة. "الشعب يريد إسقاط النظام" ولم يختلف المشهد كثيرا في بداية الساعة الأولى لانطلاق المظاهرات في محافظات الدقهلية، ودمياط، والمنيا، والغربية، والشرقية والسويس، والإسماعيلية، وشمال سيناء، خصوصا عاصمتها العريش، وكفر الشيخ حيث بدت سلطات قوات الأمن التي احتشدت بشكل غير مسبوق لفض المظاهرات. وشارك الألوف في الاحتجاج في الدقهلية، ودمياطوالمنياودمنهوروالسويسوالمنصورة والزقازيق وكفر الشيخ والفيوم و«كوم أمبو» بمحافظة أسوان مرددين هتافات تطالب الرئيس حسني مبارك بالتنحي ومغادرة البلاد. وقال شهود عيان إن المحتجين في دمياط رددوا هتافا يقول "الشعب يريد إسقاط النظام" وقال شاهد إن المتظاهرين الذين اكتظ بهم كورنيش النيل في المدينة رددوا في البدء هتافا يقول "حسني مبارك يمشي". وفي مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة ردد المحتجون هتافا يقول "مصر يا أم أولادك أهم راح يفدوكي بالروح والدم". وفي مدينة المنياجنوبيالقاهرة انتظم بضعة ألوف من المحتجين في مسيرة سارت بجوارها الشرطة دون تدخل واعتدت قوات أمن ترتدي ثيابا مدنية على الزميل أحمد منصور، وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن السلطات المصرية اعتقلت أربعة من مراسليها. واستبقت السلطات المصرية انطلاق مظاهرات "جمعة الغضب" بقطع خدمة الإنترنت والرسائل النصية القصيرة، ونشرت قوات العمليات الخاصة بكثافة في القاهرة، سبقتها حملة اعتقالات منذ ليلة الخميس إلى الجمعة. وتوعدت وزارة الداخلية الليلة الماضية باتخاذ "تدابير حازمة" ضد المعارضين الذين ينوون تنظيم مظاهرات بعد صلاة الجمعة، مشيرة إلى أن المتظاهرين بعثوا برسائل إلى المواطنين للتجمع في عدد من المساجد في المناطق المصرية خلال صلاة الجمعة.