اللاجئون السوريون يصومون بأطفالهم وسط الطريق السيار شرق غرب لم يمنع شهر الصيام، و لا موجة الحر الشديدة التي تشهدها البلاد خلال الأيام الأخيرة، اللاجئين السوريين من مواصلة التسول على مستوى مختلف النقاط التي ألفوها منذ أن وطأت أٌقدامهم أرض الوطن، فانتشروا بالطريق السيار شرق غرب، مستغلين الاختناقات المرورية، بعربات تحمل أطفالا تحت درجة حرارة فاقت 45 درجة مئوية. كانت درجة الحرارة 45.5 درجة عندما وصلنا إلى الطريق السيار في جزئه الرابط بين ولايتي بومرداس و البويرة، و تحديدا بدائرة الأخضرية ، كنا نعتقد بأننا لن نجد هناك لاجئي سوريا الذين طالما أحكموا سيطرتهم على كافة نقاط الاختناق المروري الناتجة عن أشغال تهيئة الطريق التي لا تنتهي، و حولوها إلى عناوين رئيسية للتسول بالجزائر، غير أننا فوجئنا و عقارب الساعة تشير إلى الثانية زوالا و النصف، بعائلات تحتل الطريق بكامل أفرادها. تحت درجة الحرارة العالية و الشمس الحارقة التي خففت من كثافة حركة المرور بالسيار كاستثناء، أبت العائلات السورية التي ألفت التسول بهذه الأماكن، إلا أن تواصل نشاط تبنته عملا يوميا لها حتى خلال شهر رمضان، فتكررت مشاهد تلك العائلات التي ترافقها عربات تحمل أطفالا رضع، و تتنقل وسط الطريق بين المركبات لطلب المساعدة. مشاهد استوقفت الكثير من السائقين، الكثيرون يطالبون الأولياء بالرأفة بأطفال يقبعون وسط عربات تحت أشعة الشمس الحارقة ، بينما يساعدهم البعض بالنقود و يزودهم آخرون بالمياه و بعض المواد الغذائية ، و ما جادت أيديهم ،عله يسد حاجات عائلات تصارع الظروف القاسية في بلاد الغربة. حاولنا التقرب من بعض السيدات للدردشة قليلا عن يوميات شهر الصيام بالطريق السيار، إلا أنهن رفضن الحديث إلينا إذا كنا لا نريد منحهن المال، في حين تحدثت إلينا إحداهن و هي تجر عربة رضيع لم يكمل السنة من عمره، قائلة: « يومياتنا كلها متشابهة، فلا فرق بين الصيام و الإفطار، فنحن نعمل كما كنا في الإفطار، و نطلب مساعدة المحسنين، و غالبا ما نتناول وجبة الإفطار على مستوى مطاعم عابري السبيل، إلا أننا أحيانا نضطر للإفطار بنقاط التسول إذا كانت هنالك حركة كبيرة، إن مستعملي الطريق لا يبخلون علينا بمختلف أنواع الأطعمة التي يقدمونها لنا و التي تغنينا عن التوجه إلى مطاعم عابري السبيل». هكذا هي يوميات اللاجئين السوريين في الطريق السيار، فشهر الصيام لم يغير من نمط معيشتهم الذي يبنى أساسا على التسول منذ أن دخلوا الجزائر، فحتى التضامن الكبير للجزائريين معهم في هذا الشهر ،و فتح الكثير من مطاعم الرحمة التي ترحب بهم، لم تمنعهم من العودة إلى مركز يشكل الفارق الأكبر لديهم، مستغلين براءة أطفال لا ذنب لهم سوى أن حربا شردتهم و آباء اختاروا لهم حياة التسول على طرقات نأمل في أن ينتقلوا قريبا منها نحو حياة أفضل خلال رمضان المقبل،و بألا نرى هذه المشاهد السوداء أكثر من سواد عباءات نساء محت أشعة الشمس بريقها .