تشهد مختلف بلديات ولاية الوادي غزوا منقطع النظير لعدد من الجاليات العربية والإفريقية، لاسيما السورية والتونسية والمالية، ممن فرّوا من الوضع الأمني الغير مستقر في بلدانهم، واتخذوا من بلديات وادي سوف مستقرا لها لما لمسوه من كرم وجود عند أهلها الذين تكفل شريحة واسعة منهم بعدد من العائلات وقاموا بإيوائهم في هذا الشهر الفضيل . المتجوّل بالشوارع الكبرى لمدينة وادي سوف يلاحظ التواجد الكبير للأفارقة في مختلف المناطق، وعادة ما يتخذون من مداخل الأسواق وقرب المساجد أماكن لمكوثهم رفقة أبنائهم الصغار في مظهر يبعث على الشفقة، نتيجة ملابسهم الرثة والقديمة وأيضا مكوثهم قرب المساجد تحت أشعة شمس حارقة للغاية تجاوزت 50 درجة مئوية، وهو ما دفع بالكثير من السكان لمنحهم المال قصد كراء منازل لهم بقصد الإحتماء من أشعة الشمس الحارقة. ويتخوّف سكان المنطقة من إيواء الأفارقة المنحدرين من عدة بلدان، خاصة من مالي ونيجيريا وتشاد، خوفا من الأمراض المتنقلة عن طريق الإنسان، لاسيما أن الأطباء بالمنطقة كانوا حذروا من الأمراض المتنقلة عن طريق الأفارقة نتيجة تعرضهم لعدة أمراض خاصة السيدا، وهو ما يجعل الخوف يخيم على نفوس المواطنين ممن يشاهدون الوضع الكارثي لإيوائهم في الساحات العمومية التي يتخذونها مكانا للإيواء والنوم والراحة نساء ورجالا وأطفالا في مشهد مؤثّر للغاية. أما الإخوة الوافدون من سوريا هروبا من الوضع الأمني المتدهور هناك، فيحظون بمعاملة خاصة من قبل سكان الوادي، حيث نقل أحد السوريين أنهم يقصدون وادي سوف لما سمعوه عن كرم هذه الديار حتى في سوريا من بعض التجار الذين تربطهم علاقات تجارية سابقا بالأسواق السورية. وتجد في مدن الوادي عائلات بأكملها تجول الشوارع والمساجد بحثا عن الرزق والراحة. ويقول هؤلاء السوريون ”.. نحن إخوانكم من سوريا ليس لنا ماء ولا أكل ولا مسكن إلا الله وأنتم..”، وكلمات أخرى عن القمع في سوريا غالبا ما تحرك المصلين في المساجد والمواطنين في الشوارع فيقومون بأخذهم للمبيت معهم والراحة في بيوت يتم كراؤها لأجلهم. أما التونسيون فغالبا ما يكونون عابري سبيل ممن يتسوقون في أسواق الولاية التي تعد زهيدة رغم ارتفاعها مقارنة بدولتهم تونس، بيث يقصدونها يوميا لأخذ كل مستلزماتهم المنزلية والعائلية. ومع حلول شهر الصيام تطوعت عدة جمعيات محلية بقصد التكفل بهؤلاء العرب والأفارقة قصد إفطارهم وتعمد هذه الجمعيات لفتح مطاعم للرحمة عبر الطرق الوطنية، لاسيما القريبة من دولة تونس الشقيقة أوالمؤدية إلى الولايات القريبة من الدول الإفريقية. وفي هذا الصدد بادر الهلال الأحمر الجزائري لفتح 9 مطاعم للرحمة تقدم وجبات طازجة لعابري السبيل ولهؤلاء الناس الذين تعذر عليهم إيجاد مأوى لهم. وتعرف هذه المطاعم توافد أعداد كبيرة من الجالية الإفريقية والسورية التي استحسنت هذه المبادرة الطيبة التي عبرت عن تلاحم الشعوب فيما بينها، وكرم وجود أهل سوف ممن يقومون بإخراج الحليب والتمر قرب الطرقات الوطنية لكل عابر طريق صادفه أذان المغرب وهو في طريقه إلى منزله أوعمله.