عائلات متوسطة تصرف من 40 ألف إلى 70 ألف دج خلال شهر رمضان تتعامل الكثير من العائلات مع شهر رمضان على أنه مناسبة للاستهلاك المفرط والإنفاق دون حساب، وتعتبر الأمر حتمية ولا تجد حرجا في صرف ما يعادل راتب عامل مهني لاقتناء الفواكه أو المشروبات الغازية ، وهو ما يجعل لهذا الشهر ميزانية خاصة تحوله إلى مناسبة استثنائية تتطلب الاستعداد و الادخار وحتى الاستدانة.أفراد العائلات يتشاركون خلال رمضان في تأمين الميزانية كما يتحول فعل التسوق إلى شأن جماعي يحول مائدة الإفطار إلى ما يشبه معرض للمواد الغذائية يؤول الجزء الأكبر منها إلى المزابل مساء. وهي ظاهرة لا تقتصر على الفئات التي لديها دخل معقول أو متوسط إنما تمتد إلى المتقاعدين والعمال البسطاء ومحدودي الدخل، الذين يرون أن للشهر خصوصية يختزلوها في الاستهلاك، ليعيشوا بقية أشهر السنة على وقع أزمة مالية خانقة. النصر ومن خلال هذا الاستطلاع حاولت رصد عادات الإنفاق في رمضان لدى فئات مختلفة من المجتمع، تشترك في كون الميزانية تتضاعف وفي كونهم يتعدون مداخيلهم الشهرية بأضعاف، وعن قناعة، ويصرفون على الكماليات ما بين المشروبات والفواكه والحلويات ما يعادل مصروف شهر عادي بينما تتطلب اللحوم ما لا يقل عن 20 ألف دينار شهريا ، كما تبين أن رمضان ترصد له مبالغ تتراوح ما بين 40 ألف إلى 70 ألف دج دون احتساب متطلبات العيد التي تقتنى بداية من الأسبوع الأخير. ن/ك أحمد: مائدة رمضان ترفع الميزانية للضعف اعترف "أحمد" تاجر ورب أسرة متكونة من زوجة وولدين، بارتفاع إنفاقه خلال شهر الصيام للضعف، حيث أوضح أن الميزانية تقارب 60 ألف دينار، بينما لا تتعدى خلال الأشهر العادية 40 ألف دينار، وذلك بسبب ما تفرضه مائدة شهر رمضان والمناسبات التي تتخلله مثل "النفقة". وصرح "أحمد": "في شهر رمضان لا تخلو المائدة عادة من المأكولات المتنوعة، والتي لا تقل عادة عن الطبقين، زيادة على بعض المقبلات، دون نسيان المشروبات والفواكه، وهذا ما يزيد من حجم الإنفاق لدي، أنا أحاول أن أتسوق يوميا تقريبا من أجل اقتناء بعض الحاجيات..."، في حين يخصص يوما في الأسبوع لإقتناء اللحوم ويؤكد أحمد أن حجم الإنفاق اليومي على مائدة رمضان فقط يتراوح بين ألف إلى ألفي دينار، بينما لا يتجاوز تقريبا الألف دينار في باقي الأيام، هناك ارتفاع في الإنفاق لكن يجب الاعتراف بارتفاع الأسعار أيضا، وهو ما يزيد من تكاليف المأكولات «سمير»، أب لطفلين : مصروفنا يتضاعف بمرتين «سمير» 33 سنة تاجر وأب لبنتين، يقول أن مصروفه الشهري يتضاعف خلال شهر رمضان مقارنة مع باقي أيام السنة، وذلك بسبب تزايد الاستهلاك شأنه في ذلك شأن الكثير من العائلات الجزائرية، وفي هذا الخصوص أوضح محدثنا: «رغم أننا اثنين فقط من نصوم في المنزل إلا أن الاستهلاك يرتفع خاصة ما تعلق ببعض المأكولات، مثل الفواكه، الحلويات والمشروبات». ليضيف أن كونه تاجرا يجعله يحدد مبلغا كمصروف للبيت يوميا ، في حين يكون الأسبوع الأول الاستثناء، مشيرا أن الأسبوع الأول من شهر رمضان الذي يكون فيه الإنفاق مرتفعا جدا، وذكر أنه هذه السنة توجه نحو سوق معروفة لشراء المؤونة وتعدت وقتها الفاتورة 12 ألف دينار، وتضمنت الكثير من المستلزمات والمواد الغذائية كالطماطم، الزيت، السكر وغيرها، وذلك حتى يكون الإنفاق في الأيام الأولى محددا». ليواصل محدثنا أنه بعد الأسبوع الثاني ينخفض الإنفاق نوعا ما ويقتصر على بعض الضروريات، في حين ينفق بكثرة على المشروبات الغازية والفواكه، حيث يقول: "عادة لا يزيد المبلغ المصروف على المشروبات الغازية 150 دج، لأننا نكتفي بقارورة واحدة بسعة لترين تدوم يوما كاملا، في حين نستهلك خلال شهر رمضان أزيد من نوع وفي بعض الأحيان عندما يكون معنا ضيف قد يزيد عدد المشروبات عن اثنين، وهو ما يعني بعملية حسابية أزيد من 9000 دج شهريا، أما بالنسبة للفواكه فهي موجودة يوميا على المائدة خلال شهر رمضان، و يرى سمير قائلا أنه يصرف حوالي 15 ألف دج طيلة الشهر ". ليختتم: «باختصار خارج شهر الصيام يكون معدل الإنفاق خارج الظروف الاستثنائية بين ألف إلى 1200 دج يوميا يتوزع بين مواد غذائية مواد التنظيف وبعض مستلزمات ابنتاي، بينما يزيد بالضعف خلال شهر رمضان». محمد متقاعد: «نحضر الميزانية مسبقا تفاديا للضائقة المالية» كشف "عمي محمد" متقاعد ورب عائلة من ستة أفراد، أنه وحتى لا يقع في ضائقة مالية خلال شهر رمضان، فإنه يشرع في التحضير لهذا الشهر قبل وصوله، وذلك باقتناء بعض المستلزمات التي يمكن تخزينها بشهر على الأقل، وذلك حتى لا يقع تحت أي ضغط مادي فيما بعد، بل ويمكنه التفرغ بعد نهاية الأسبوع الثاني للتحضير للعيد.ويصرح "عمي محمد": "هناك الكثير من الأشياء التي أقتنيها قبل بلوغنا شهر رمضان بمدة، وأقصد السكر، القهوة، الطماطم المصبرة، الزيت، وغيرها من المواد الغذائية التي يمكنني اقتناؤها، ولا يتبقى فيمابعد إلا بعض الأمور التي يجب اقتناؤها في يومها مثل اللحم والدجاج". ويضيف "عمي محمد": «قيامي بهذه الأعمال قبيل رمضان يضمن لي عدم الوقوع في ضائقة مالية خلال شهر الصيام، زيادة على أنه يمنحني هامشا ماليا مريحا، ويسمح لي بإضافة بعض المأكولات التي تطرأ على مائدة رمضان دون أي ضغط، عموما لا يزيد مصروف المنزل يوميا خلال شهر رمضان عن ألف دينار، إلا في حالات تواجد ضيف معنا، ولهذا فإن حدود الإنفاق في شهر رمضان لا تتجاوز 40 ألف دينار غالبا» وهو ما يعادل ضعف راتبه .واعتبر محدثنا أنه وجد ضالته في هذه الطريقة بعد أن كان يقع في ضائقة مالية خلال سنوات سابقة بسبب كثرة الإنفاق من جهة وغلاء الأسعار من جهة ثانية. لمين موظف « ألجأ للإستدانة لتأمين الشهر» لا يختلف "لمين" عن الأغلبية الساحقة للجزائريين فيما يخص ميزانية شهر رمضان، حيث أوضح أنه لجأ للاقتراض من أجل سد العجز المالي الذي وقع فيه من أجل إتمام شهر رمضان والاستعداد للعيد. وأوعز محدثنا سبب عدم تمكنه من إتمام شهر رمضان وفقا للميزانية التي يخصصها لمصروف المنزل عادة والتي تبلغ 30 ألف دينار ، للغلاء الفاحش للمواد الغذائية في الأسواق مع حلول شهر رمضان، فضلا على تزايد معدل استهلاك عائلته الصغيرة لبعض المواد خصوصا ما تعلق بالحلويات، والمشروبات الغازية. وصرح محدثنا: «هناك الكثير من المأكولات التي تطرأ على مائدة شهر رمضان، فأنا مضطر للتسوق كل يوم تقريبا، حيث لم أتمكن من تحديد الميزانية التي اعتدت عليها في الأيام العادية، حيث والتي تجاوزت ألف دينار يوميا، بين 400 دج للحم، 150 دج خضر، حوالي 200 دج للفواكه، عدا المشروبات الغازية، وحلوى، وبعض المستلزمات التي تخص ابنتي الصغيرة». وواصل محدثنا: «إنفاقي وان كان متواضعا نوعا ما مقارنة مع الكثير من العائلات إلا أنه تجاوز حدود إمكانياتي، وهو ما دفع بي للاقتراض من أجل إتمام ما تبقى من أيام، الخزينة عندي اليوم «صفر»، كما أنني سأصطدم بنفس المشكل مع نهاية الشهر القادم، حيث سيلازمني هذا العجز بين الإنفاق و المدخول لأشهر قادمة». عمي الشريف، رب أسرة من 6 أفراد: «كل أبنائي يشاركون في الميزانية» كشف «عمي الشريف» وهو متقاعد ورب أسرة متكونة من زوجة و6 أبناء أن مصروف المنزل خلال شهر رمضان يتضاعف، بحكم المصاريف التي تطرأ خلال هذه الفترة، موضحا أن أبناءه الثلاثة يساهمون في ميزانية المنزل من خلال مبلغ بداية الشهر، عدا اقتناء الحلويات، المشروبات الغازية وبعض المأكولات الخفيفة يوميا. يقول عمي الشريف: «نحن عائلة كبيرة ومنحة تقاعدي البالغة حوالي 40 ألف دينار غير كافية لتلبية كافة متطلبات الحياة فما بالك خلال شهر رمضان الذي يرتفع فيه حجم الاستهلاك والأسعار أيضا، لذلك يقوم ثلاثة من أبنائي وهم الموظفون بالمساهمة في مصروف المنزل، حيث أتلقى منهم مبلغ يقارب 35 ألف دينار منهم لتحقيق التوازن بين الطلبات ومنحتي المحدودة». كما يؤكد محدثنا أن مساهمة أبنائه لا تتوقف عند هذا الحد بل تتواصل من خلال اقتناء بعض المأكولات الخفيفة أو المشروبات والحلويات يوميا: «الأمر لا يتوقف عن مساهمة أبنائي في الميزانية، فنحن كغيرنا من العائلات الجزائرية نزيد من حجم استهلاكنا للمشروبات الغازية، إلى جانب الحلويات والفواكه، وهذا الشق يتحمله أبنائي، حيث ننفق تقريبا في هذا الجانب يوميا ما يزيد عن ألف دينار، زيادة على بعض الضروريات كالخبز والحليب، فيما أتكفل أنا بشراء المواد الأخرى كاللحوم وذلك مرة في الأسبوع». السيدة مريم: إطار: «مائدة رمضان تكلفنا 70 ألف دينار» كشفت السيدة «مريم» إطار أن عائلتها المتكونة من أربعة أفراد تنفق ما لا يقل عن 70 ألف دينار خلال شهر رمضان ، وذلك بسبب الإنفاق الكبير على بعض المقتنيات التي اعتبرتها في الأخير أمورا يمكن الاستغناء عنها أو التقليل منها. وأوضحت محدثتنا: «التحضير لشهر رمضان واقتناء بعض المستلزمات يكون قبل حلوله بأيم، حيث تجاوزت قيمة المقتنيات 12 ألف دينار، غير أنه ومع مرور الأسبوع الأول وجدنا أنفسنا مضطرين للتسوق من جديد، وهو ما أرهق جيوبنا بعض الشيء»، لتضيف: «عادة أجد نفسي أقتني بعض الأمور التي يمكن الاستغناء عنها أو التقليل من بعضها، المشروبات الغازية مثلا نقتني حتى 4 قارورات، ومع ذلك لا نستهلك حتى نصفها، لولا بعض الأطفال لرمينا جزء كبيرا مما نقتنيه». وتواصل متحدثة: «كل فرد من عائلتنا يتسوق بمفرده، وأغلب ما ننفقه يوميا يكون موزع بين الفواكه، الحلويات والمشروبات الغازية، رغم هذا فأنا لا أعتبر الأمر مبالغ فيه، فمنزلنا هو منزل «العائلة الكبيرة» ولا يكاد يخلو يوما من الضيوف، لذلك فأنا أجد حجم الإنفاق هنا مبررا.