كشفت دراسة أجريت لأول مرة في الجزائر، حول سلوكيات المستهلك خلال شهر رمضان، بأن متوسط إنفاق الأسرة خلال الشهر الفضيل يصل إلى 76 ألف دينار، أي أكثر من أربع مرات الأجر القاعدي المضمون. وحسب الدراسة التي استعرضها عبيدي محمد، خلال أشغال الجامعة الصيفية التي نظمتها الفيدرالية الوطنية للمستهلكين بوهران على مدار ثلاثة أيام، واختُتمت فعالياتها، أمس الجمعة، فإن البحث الاستقصائي تم من خلال إجراء مقارنة بين حجم الإنفاق الذي تعتمده أسرة من خمسة أفراد في شهر رمضان المنقضي، وشهر جوان الذي سبقه كشهر نموذجي لاستظهار مدى تغير سلوكيات المستهلكين في فترة زمنية جد وجيزة، حيث خلصت الدراسة إلى فوارق شاسعة باتت تشكّل تأثيرات جسيمة على القدرات الاقتصادية الوطنية، وليس على الموارد المالية للأسرة فحسب. وبلغة الأرقام، أوضحت الدراسة التي استندت إلى معطيات الديوان الوطني للإحصائيات، والمنظمة العالمية للصحة، وبعض الهيئات الاقتصادية الأخرى، بأن حجم استهلاك الأسرة الجزائرية للحوم بشتى أنواعها، يقفز من 8.7 كلغ في الشهر النموذجي (جوان) إلى 23 كلغ في شهر رمضان، أي معدل 750 غ في اليوم الواحد على الأقل في اليوم بغلاف مالي يصل إلى 11800 دينار، مؤكدة بأن هذا الارتفاع الرهيب ينعكس على باقي المواد الاستهلاكية الأخرى، على غرار الفواكه التي ترتفع من 32.7 كلغ إلى 55.7 كلغ (تسعة آلاف دج)، والخضروات من 68.25 كلغ إلى 114 كلغ (سبعة آلاف دج)، ومختلف المواد الغذائية العامة التي ترتفع من 183 كلغ إلى 322.8 كلغ بمبلغ إجمالي يصل إلى 22 ألف دج. وتطرقت الدراسة ذاتها إلى النفقات الأخرى التي تستلزمها المناسبة، والمتمثلة في 12600 دينار نظير مستلزمات ملابس العيد والحلويات، فضلا عن مصاريف ثابتة حُددت قيمتها ب11 ألف دج تخص أساسا مصاريف الكهرباء، والغاز، والماء، والإيجار وغيرها من النفقات، فضلا عن 25 ألف دينار لمصاريف تدخل في نطاق الحقل الغذائي، الأمر الذي يرفع متوسط حجم الإنفاق لأسرة من خمسة أفراد فقط إلى 76 ألف دينار، علما بأن إجمالي عدد الأسر الجزائرية محدد بحوالي 7.8 مليون أسرة. كما دقت الدراسة ناقوس الخطر جراء الاستنزاف الكبير لمختلف المواد الاستهلاكية بفعل استشراء ظاهرة الإسراف، ما بات يشكّل عبئا كبيرا على القدرات الوطنية، خاصة فيما يتعلق ببعض المواد مثل المشروبات الغازية التي يصل حجم إنتاجها الوطني إلى أربعة ملايير لتر في السنة، بمعدل استهلاك يصل 11 مليون لتر في اليوم، يُستهلك منها 5 ملايين لتر، بينما تهدر الكمية المتبقية، أي ما يعادل 6 ملايين لتر ضائعة، في حين يقدر إنتاج مادة الخبز ب49 مليون خبزة في اليوم، تستهلك 39 مليون خبزة منها، وتسجيل ضياع عشرة ملايين خبزة بصفة يومية، أي ما يعادل خسائر مالية ب80 مليون دينار يوميا.