"العفو الشامل على التجار غير الرسميين مطلوب لإصلاح السوق الداخلية" 200 مليار دينار قيمة التهرب والغش الضريبي كل سنة قال الخبير الاقتصادي فارس مسدور ، أن مسعى الحكومة لاسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية ومحاولة دمجها في القنوات البنكية واستغلالها في الاقتصاد الوطني، لن يكون ذا فعالية إلا إذا كانت الحكومة ذكية في التعامل ، من خلال ، اتخاذ قرارات سيادية، تتعلق بالعفو الضريبي وترسيم السوق الموازية ، وأضاف أن الأرقام الحقيقية للتهرب والغش الضريبي كل سنة تقدر ب 200 مليار دينار و قال أن حوالي 40 بالمئة من الكتلة النقدية التي طبعها البنك المركزي، يتم تداولها بشكل غير رسمي في الأسواق الموازية. وأوضح مسدور، في تصريح للنصر، أنه لا يمكن محاربة الاكتناز أو الإبقاء على الأموال بشكل نقدي في بيوت الناس و في ممارستهم التجارية بين عشية وضحاها وعلى المدى القصير بل يحتاج ذلك إلى مرحلة انتقالية، «تتطلب نوعا من الترويض على استعمال الأدوات الإلكترونية أو الأدوات القانونية مثل الحوالة الإلكترونية أو الصك أو غيرها من الأدوات التي تغنينا عن استعمال النقود بكميات كبيرة في المعاملات التجارية». وأضاف ، أن الخطأ الذي ارتكبته الحكومة، هو أنها تريد أن تحارب هذه الظاهرة بإصدار قوانين دون أن يكون هناك نوع من الذكاء في التعامل معها ويرى مسدور، أن الحكومة قادرة على تحفيز الناس على استعمال أدوات الدفع عوض استخدام النقود، عبر تبنيها لفكرة التخفيضات الجبائية وشبه الجبائية، عند الدفع باستعمال الشيكات وهنا يلجأ الناس إلى استعمال الشيكات نظرا لوجود تخفيضات ضريبية معتبرة وهوما يجعلهم يميلون لاستخدام أدوات الدفع الرسمية عوض الدفع النقدي . وفي السياق ذاته قال الخبير الاقتصادي، أن محاربة استخدام الكتلة النقدية في السوق الموازية، يستدعي ترسيم السوق الموازية، الذي يمر عبر العفو الجبائي وليس الاعفاء ، وذلك من خلال إصدار عفو شامل على كل التجار غير الرسميين في شكل مصالحة اقتصادية بين الحكومة وهؤلاء التجار الذين يلجأون إلى العمل الرسمي، عوض العمل في الخفاء والتهريب والغش وغيرها من الممارسات وهذا سيكون له نتيجة إيجابية في اصلاح السوق الجزائرية الداخلية. 40 بالمئة من الكتلة النقدية التي طبعها البنك المركزي، يتم تداولها بشكل غير رسمي من جانب آخر أكد مسدور، على ضرورة تطوير المنظومة المصرفية، خاصة المنظومة العمومية، كونها ما زالت كلاسيكية متخلفة، بيروقراطية ضعيفة الأدوات الإلكترونية، فلا يمكنها ، أن تساير ما تريد الحكومة أن تتبناه كاستراتيجية .من جهة أخرى أشار الخبير، إلى الخطورة المتأتية من انخفاض قيمة الدينار وتراجع أسعار البترول، معتبرا أن ارتفاع الدولار لن يكون له الأثر البالغ في تحسين وضع عملتنا وقال أن الفساد عندنا لم يعد فسادا محليا إنما أصبح يحمل بعدا دوليا، فلا يعقل - يضيف -، أن بلدا كالجزائر يستورد القمح و الخضروات والحبوب الجافة والمواد الغذائية. وذكر، مسدور، أن مسعى الحكومة لاسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية ومحاولة دمجها في القنوات البنكية واستغلالها في الاقتصاد الوطني، لن يكون ذا فعالية إلا إذا كانت الحكومة ذكية في التعامل ، مشيرا في هذا الاطار إلى الحرب التي أعلنتها على «سوق السكوار» دون جدوى، حيث تتواصل عملية بيع العملة بشكل عادي في هذا السوق. وأوضح أن الأموال الموجودة في السوق الموازية هي أكثر بكثير من 3700 مليار دينار بالمقابل يوجد في البنوك 50 مليار أورو . ودعا الحكومة للتعامل بذكاء مع الأزمة الراهنة بعد تراجع أسعار المحروقات ، مشيرا في هذا الصدد، إلى ما وصفه ب «فكرة الجنة الضريبية» للمستثمرين الأجانب لجلبهم للاستثمار في بلادنا، حيث أكد على تبني سياسة ترويجية للاستثمار في الجزائر باعتماد هذه الفكرة من خلال إعفاء المستثمرين الأجانب من الضرائب أو تخفيضها بشكل كبير، لتحفيزهم على الاستثمار ، شريطة أن يكون هناك نقل تكنولوجي وإحداث قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. وأضاف مسدور، أن فكرة الجنة الضريبية قد تكون أداة أساسية لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في بلد يوجد في قمة النمو و قادر أن يحقق لهؤلاء الناس أغراضهم ونستفيد نحن أيضا من استثماراتهم . الفساد أصبح يحمل بعدا دوليا وانتقد المتحدث ، الاستثمار المتعلق «بمصنع رونو» في الجزائر، داعيا إلى تنويع سلة الاستثمارات بحيث لا تكون سلة أوروبية وإنما يجب اللجوء إلى القارة الأسيوية و أمريكا اللاتينية . وبالنسبة لأسعار البترول أوضح المتحدث، أنها ستشهد استقرارا في 2016 وسترتفع أكثر من الأسعار الموجودة حاليا وأشار مسدور في هذا الصدد، إلى عودة إيران بقوة إلى السوق النفطية لتستدرك ما فاتها من برامج تنموية وهو ما سيكون له - كما قال- أثر كبير في انخفاض أسعار المحروقات، خاصة وأن لديها نزاع كبير مع السعودية ودول الخليج ولم يستبعد المتحدث انسحاب إيران من منظمة الأوبك.