أجمع الخبراء في الشؤون الاقتصادية والمصرفية على أن معالجة الإشكاليات المتعلقة بأزمة السيولة النقدية على مستوى مكاتب البريد والمؤسسات البنكية والمصرفية، مرهون بالمقام الأول بتحكم السلطات العمومية في الكتلة النقدية الوطنية المتداولة، ليؤكدوا بالمقابل أن طبع أوراق نقدية جديدة من شأنه تقليص حجم الأزمة، على أنه لا بد من إعطاء الأولية لفئتي 200 و500 دينار وأوضح الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد الرحمان مبتول، في اتصال أمس مع ''البلاد''، أن علاج ظاهرة تقلص السيولة النقدية يستدعي من السلطات العمومية وعلى رأسها الحكومة وضع إستراتيجية وطنية اقتصادية واجتماعية محددة المعالم، تنطلق من دراسات معمقة للقرارات الرامية إلى إصلاح المنظومة المصرفية. وعلى هذا الأساس، قال المتحدث إن مصدر الأزمات الاقتصادية كظاهرة تقلص السيولة النقدية سياسي بالدرجة الأولى، مشيرا في هذا الشأن إلى تراجع الحكومة عن القرارات المتخذة لتنظيم التداولات النقدية، كما هو الشأن بالنسبة لتأجيل العمل بقرار إلزامية التعامل بالصكوك في التداولات التي تساوي أو تزيد على مبلغ 500 ألف دينار، وأضاف أن السوق الموازية تتحكم في حوالي 40 بالمائة من التداول النقدي الإجمالي. وعلى الرغم من أن الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، قد ذهب من جهته إلى ذات الرأي، مؤكدا أن سوق المال الموازية تسيطر على كتلة نقدية معتبرة تصل إلى حدود 14 مليار دولار، إلا أنه اعتبر بالمقابل الإجراءات المتخذة من طرف وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال بخصوص طبع أوراق نقدية جديدة من شأنه الحد من ظاهرة أزمة السيولة النقدية، بالعمل على تغطية الطلبات المتزايدة بسبب ارتفاع أجور العديد من موظفي القطاع العام. واستبعد المتحدث تأثير طرح هذه النسبة من السيولة على مستوى التداول سلبا على المنظومة الاقتصادية، انطلاقا من أن هذه الأخيرة كما أضاف تعاني حاليا من حالة انكماش أضحت معها بحاجة إلى السيولة النقدية لتحريكها، وقال بناء على ذلك إن طبع أوراق نقدية جديدة لن يؤدي إلى ظاهرة التضخم على أساس أنها ستتداول ضمن القنوات الرسمية بين المؤسسات المالية ومكاتب البريد، على خلاف ما يكون عليه الأمر في تداولها على مستوى السوق السوداء. ونصح فارس مسدور بإعطاء الأولية لطبع الأوراق النقدية من فئتي 200 و500 دينار بدلا من فئة 1000 دينار نظرا لعدة اعتبارات، أبرزها يتعلق بكثرة الاستعمال اليومي لهاتين الفئتين من الأوراق النقدية، والإجراء القاضي بسحب الأوراق العتيقة من فئة 200 دينار الأمر الذي يستدعي تعويضها، فضلا عن تجنب محاولات التزوير المتكررة للأوراق النقدية من فئة 1000 دينار.