تعجز الحكومة على مواجهة نفوذ “لوبي” يسيّر السوق السوداء للعملة الصعبة، إذ تظل أقوى من برنامج السلطات العمومية للقضاء على الاقتصاد الموازي، من منطلق أنه اقتصر على محاربة التجارة الفوضوية دون التطرق إلى سوق العملة غير النظامي التي تدير اقتصاد “خفي” يعادل في قيمته أو يزيد عن الاقتصاد الرسمي المصرح به. وتُقدّر الكتل النقدية المتداولة في السوق الموازية للعملة الصعبة ( تقديرات غير رسمية) بحوالي 30 في المائة من قيمة فاتورة الاستيراد، أي ما يزيد عن 15 مليار دولار، تدخل الاقتصاد الوطني “الرسمي” في شكل تبييض الأموال الذي تحاول السلطات العمومية مواجهته من خلال القوانين الصادرة مؤخرا في الجريدة الرسمية، بالإضافة إلى الاتفاقيات ضمن الدول العربية للتصدي إلى ظاهرة غسيل الأموال في المعاملات بين البلدان العربية، على اعتبار أنها تبقى بعيدة عن التطبيق في الواقع في ظل وجود تأثير كبير لسوق سوداء للعملة الصعبة. وفي هذا الإطار، أرجع الخبير في الشؤون المالية والاقتصادية، فارس مسدور، تواصل تأثير السوق الموازية للعمل الصعب إلى تقصير الحكومة والجهات الوصية على ترسيم طريقة صرف العمل ضمن الأسس الشرعية، وأشار إلى ضرورة استحداث ما يعرف بمكاتب الصيّرفة الموجودة حتى في الدول المتخلفة بينما تظل غائبة في الجزائر، ونوّه إلى ما أسماه ب«مافيا” التي تجعل من إنشاء هذا النوع من المكاتب المنظمة لسوق الصرف حسب البورصة الرسمية، أمرا صعبا بالنسبة للحكومة تتجاوز إصدارها القوانين غير القادرة على التجسيد ميدانيا. وأوضح المتحدث في تصريح ل«الخبر” أن الخزينة العمومية تخسر ما يعادل 200 مليار دينار سنويا باستمرار نشاط السوق السوداء للعملة الصعبة، تمثل حجم الخسائر المتعلقة بالتهرب جبائي، من منطلق أن المعاملات المالية للكتل النقدية الضخمة غير خاضعة لدفع المستحقات الجبائية بحكم أن نشاطها غير شرعي، بغض النظر عن الخسائر المرتبطة بعدم استعمال الأموال المتداولة خارج القنوات غير الرسمية في الاقتصاد النظامي.