بنك الجزائر يحقق في التحويلات المالية لشركة "لافارج" الفرنسية علمت "النصر" من مصدر مطلع، أن بنك الجزائر يجري تحقيقات حول التحويلات المالية التي قامت بها شركة "لافارج" الفرنسية لصناعة الاسمنت إلى الخارج، وقام البنك المركزي بإيفاد بعثة تضم خبراء ومحققين إلى البنوك التي تتعامل معها الشركة للتدقيق في الأموال التي حولتها الشركة في الأشهر الأخيرة بسبب شكوك حول طبيعة بعض هذه التحويلات، وتأتي العملية في سياق التحقيقات التي يقوم بها بنك الجزائر على مستوى عدد من الشركات الأجنبية للتحقق من التزام هذه المؤسسات بالتدابير الجديدة المنصوص عليها في قانون الصرف الذي يمنع أي تحويل إلى الخارج قبل تسديد المستحقات الضريبية.يجري فريق يضم مفتشين تابعين لبنك الجزائر تحقيقات على مستوى بعض البنوك الأجنبية العاملة بالجزائر، حول ملفات التوطين البنكي التي أودعتها الشركة الفرنسية المختصة في صناعة الاسمنت "لافارج" التي تسيطر على 37 بالمائة من إنتاج الاسمنت في الجزائر، وقال مصدر مصرفي، أن بعض البنوك استقبلوا في الفترة الأخيرة محققين من بنك الجزائر وطالبوا بمنحهم كل الملفات المتعلقة بالشركة والتحويلات التي قامت بها الشركة الفرنسية في الفترة الأخيرة، بسبب شكوك حول بعض التجاوزات التي قامت بها المؤسسة المعنية في تحويلاتها المالية إلى الخارج. وتشمل التحقيقات عدة ملفات منها مستويات الأرصدة المالية المودعة لدى البنوك، وكذا العمليات المالية التي تقوم بها الشركة، وعدد ملفات التوطين وكل ما يخص عمليات استيراد المواد الأولية والتجهيزات، والتدقيق في قيمة هذه الصفقات، والتأكد من صحة التصاريح المقدمة للسلطات مع العمليات المالية المسجلة على مستوى البنوك، لا سيما "سيتي بنك" الأمريكي " والبنك الباريسي "باريبا"، كما تشمل التحقيقات كل ملفات التحويل المالي التي تتم في إطار عمليات تحويل الإرباح أو استيراد الخدمات، والذي تحول إلى وسيلة تلجأ إليها الشركات الأجنبية لتبرير تحويل الأموال بعد تشديد الخناق على تحويلات الإرباح، بحيث تشير الإحصائيات أن مستوى التحويلات في إطار استيراد الخدمات قد فاقت العام الفارط 10 ملايير دولار.وليست المرة الأولى الذي يفتح فيه بنك الجزائر تحقيقا حول الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر، بحيث سبق وان تم إخضاع حسابات عدة مؤسسات للتحقيق، منها "جيزي" وكل من "دانون" و"ميشلان" لصناعة العجلات المطاطية وكذا شركات متخصصة في صناعة السيارات ومؤسسات تنشط في مجالات أخرى. وكانت الحكومة قد منعت في وقت سابق الشركة تحويل أرباح لشركة "لافارج" الفرنسية بقيمة 300 مليون يورو (403.6 مليون دولار) منذ بداية نشاطها في الجزائر عام 2007. وقال مسؤول في الشركة في تصريحات لوسائل إعلامية أجنبية قبل فترة، إن "لافارج" لم تتمكن من تحويل أرباحها إلى الخارج بسبب خلاف مع الحكومة الجزائرية، لكنه لم يوضح أسباب الخلاف ولا قيمة المبلغ الذي كانت ترغب في تحويله، غير أن مصادر على اطلاع بالملف أكد أن المبلغ يقارب 300 مليون يورو.وتجاوزت حصة "لافارج" في السوق الجزائرية 37 بالمائة مقابل 63 بالمائة للقطاع العام الذي يلجأ إلى استيراد حوالي مليون طن سنويا من الخارج، وبفضل تعديل قانون الاستثمار السنة المنقضية والعودة إلى اشتراط 51 بالمائة للطرف الجزائري في أي مشروع مقابل 49 بالمائة للمستثمر الأجنبي، تمكنت الحكومة من حماية 12 مصنعا عموميا من الغلق. وبلغ الإنتاج الوطني سنة 2009 حوالي 11.5 مليون طن من طرف المصانع العمومية للأسمنت ال12 التابعة لشركة تسيير مساهمات الدولة للاسمنت التي تم إدماجها في مجمع واحد للإسمنت بصلاحيات وطنية. وبحسب التحقيقات التي قامت بها أجهزة الرقابة، أن مسؤولي شركة "لافارج" عمدوا إلى تضخيم الفواتير الخاصة بإقتناء بعض التجهيزات الخاصة بمصانع الإسمنت، وفي هذا الإطار أوفدت المصالح المعنية، لجنة تقصي وتحقيق في التجهيزات التي إستفاد منها مصنع الإسمنت بحمام الضلعة بالمسيلة، على اعتبار أن هناك شكوكا تحوم حول تضخيم فواتير تجهيزات ذات المصنع، والتي فاقت 120 مليار سنتيم عبر ثلاث مراحل، المرحلة الأولى في ديسمبر 2009، وتم تحويل 45 مليار سنتيم، المرحلة الثانية في مارس 2010، حوّل فيها لافارج 45 مليار سنتيم، والمرحلة الثالثة في شهر أكتوبر 2010، وتمّ فيها تحويل 30 مليار سنتيم. وكانت الحكومة قد أقرت في إطار قانون المالية التكميلي للعام الفارط تدابير جديدة لمواجهة المخالفات الجبائية والتهرب الضريبي، وتسمح هذه الإجراءات لأعوان الإدارة الجبائية مباشرة تحقيقات ميدانية للتحقيق من سلامة التقارير المسلمة من قبل الشركات، وفي حال ثبوت عناصر يفترض منها وجود تحويلات غير مباشرة للأرباح بمفهوم قانون الضرائب، يمكن لأعوان الضرائب أن يطلبوا من المؤسسة معلومات ووثائق توضح طبيعة العلاقات بهاته المؤسسات ومؤسسات أخرى متواجدة خارج الجزائر وطريقة تحديد أسعار التحويلات المتصلة بعمليات صناعية أو تجارية أو مالية مع المؤسسات المتواجدة خارج الجزائر، أو عند الاقتضاء لمقابل المتفق عليه والنشاطات الممارسة من طرف المؤسسات المتواجدة خارج الجزائر والتي لها صلة بالمؤسسة محل التحقيق عن طريق عمليات صناعية أو تجارية أو مالية وكذا المعالجة الجبائية المخصصة لهاته العمليات.