واردات الخدمات تجاوزت 11 مليار دولار سنة 2001 باشرت المديرية العامة للضرائب وبنك الجزائر، التحقيق في ملف الأجور الممنوحة للعمال والخبراء الأجانب العاملين في الشركات البترولية والبنوك والمؤسسات المالية الأجنبية العاملة في الجزائر وشركات الهاتف الأجنبية ووكلاء السيارات والمخابر الصيدلانية الأجنبية ومكاتب الخبرة والاستشارة والتدقيق المحاسبي الأجنبية وشركات الإشهار الأجنبية التي فتحت فروعا لها بالجزائر منذ سنوات . وتم الشروع في التحقيق بطلب من الوزارة الأولى بعد تلقيها تقارير مفصلة من اللجنة المصرفية لبنك الجزائر مفادها أن بعض الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر تمكنت من تحويل مبالغ خيالية من العملة الصعبة نحو بنوك أجنبية عن طريق لجوئها إلى تضخيم أجور العمال الأجانب الذين يتم إدخالهم إلى الجزائر للعمل كفنيين وخبراء وهم في الغالب لا يتوفرون على أدنى خبرة، مقابل أجور لا تقل عن 10000 دولار في الشهر، فيما يحصل بعض المختصين في ميادين معينة مثل قطاع المحروقات والهندسة والخبرة المالية والإنشاءات الهندسية الدقيقة أجورا تصل إلى 1200 دولار في اليوم لفترات تصل إلى 48 شهرا فقط . وكشف بنك الجزائر، أن شركات أجنبية عاملة في الجزائر، تحول من الجزائر إلى الخارج وعلى مدار سنوات عديدة، أجورا لا تقل عن 170 ألف أورو في السنة لبعض موظفيها يصنفون في خانة الإطارات المسيرة، وبعد التحقيق ومقارنة هذه الأجور تبين أن الأجر السنوي للرئيس المدير العام لشركة »اتصالات الجزائر« لا يتعدى 42 ألف أورو في السنة وهو نصف الأجر الذي يحصل عليه مدراء بعض شركات الأدوية الفرنسية والأمريكية العاملة بالجزائر، حيث يحصلون على أجور لا تقل معدلاتها عن 80 ألف أورو في السنة. وبغرض تصحيح صورتها أمام السلطات، شرعت بعض الشركات الأجنبية الخاضعة للقانون الجزائري بتعويض موظفيها من جنسيات أجنبية بموظفين وإطارات جزائرية، وهو ما شرعت فيه رسميا شركة »لافارج« التي قررت تسريح جميع العمال المصريين في وحدتها لصناعة الإسمنت بالمسيلة، وتعويضهم بعمال وإطارات جزائريين، وهو القرار الذي اتخذته الشركة بعد اكتشافها لجميع التجاوزات التي سادت لأزيد من 5 سنوات من طرف المسيرين السابقين للشركة الذين كانوا يعمدون إلى تضخيم أجور العمال الأجانب لتهريب العملة الصعبة من الجزائر نحو الخارج. وأمر الوزير الأول أحمد أويحيى بمنع التعامل مع شركات ومكاتب خبرة أجنبية بعد اكتشاف لجوئها إلى التحايل وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج عن طريق تضخيم الأجور أو تضخيم فواتير الخدمة المنجزة في الجزائر، وهو القرار الذي لجأت إليه الحكومة بعد أن تجاوزت واردات الجزائر في مجال الخدمات سنة 2009 مستوى 11 مليار دولار لأول مرة منذ الاستقلال، وهو مستوى يعادل إجمالي فاتورة الواردات الجزائرية سنة 2001، حيث استغلت المجموعات الأجنبية وجود سيولة هائلة في الجزائر بفضل ارتفاع أسعار البترول وغياب تشريعات خاصة بتحديد أجور الخبراء الأجانب لتحويل مبالغ بملايير الدولارات إلى الخارج مقابل دراسات وخبرات رديئة جدا بالمقارنة مع نظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا . وتمكنت الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر من الاستفادة من حالة غياب قانون محدد يحكم العمال الأجانب في الجزائر، حيث يعتبر العامل الأجنبي في العادة موظفا لدى الشركة المستقبلة التي هي في العادة شركة خاضعة للقانون الجزائري والتي تكون في غالب الأحيان حرة في تحديد المقابل المادي الذي يحصل عليه العامل الأجنبي والذي يمكنه تحويل 80 بالمائة منه إلى بلده الأصلي وهو المبرر الذي يكفي الشركات الأجنبية لتقديم طلب لبنك الجزائر لتحويل ملايين الدولارات إلى الخارج سنويا، وعادة ما تكون تلك المبالغ غير خاضعة للضرائب عندما يكون بين الجزائر والدولة الأصلية للعامل اتفاقات ضريبية تمنع الازدواج الضريبي، وفي هذه الحالة اكتشف بنك الجزائر تحويل مبالغ كبيرة لعمال أجانب بدون الاقتطاعات الضريبية التي حددها المرسوم الوزاري المشترك 55 93 الصادر في 4 جويلية 1993، كما حدد نفس المرسوم القطاعات التي يسمح فيها باللجوء إلى الإطارات والخبراء الأجانب وعددها 37 قطاعا . وينص المرسوم على أن الأجر الأدنى الخاضع للضريبة يجب أن لا يقل عن 80 ألف دج، وهو أجر محترم بمقاييس سنة 1993، وتم فرض ضريبة موحدة على الدخل الإجمالي بنسبة 20 بالمائة .