ارتفاع الطلب ينعش تجارة المعجنات التقليدية قبيل العيد مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، زاد الطلب على المعجنات التقليدية الجزائرية كالشخشوخة و التريدة و الكسكس، و المسمن، و انتعشت السوق الموازية لهذه المواد الغذائية، التي أصبحت تباع على الأرصفة و في الأسواق الشعبية، بعدما طلقت ربات البيوت الجزائريات صناعتها منزليا، و حولنها بذلك إلى منتوج نادر تحترف صناعته القليلات منهن، ويقبل عليه الرجال بشكل كبير بالرغم من أسعاره التي تصل إلى 500دج الكيلوغرام الواحد. تعرف تجارة المعجنات المنزلية إقبالا متزايدا، من طرف القسنطينيين، على اعتبار أن مثل هذه الأطباق تعد من العادات الأساسية المرتبطة بعيد الأضحى و تحضير واحد من بينها هو ضرورة، غير أن تراجع الجزائريات على تحضيرها يدويا بسبب ما تتطلبه من جهد و وقت، خلق سوقا خاصة بهذه الأغذية، تنتعش عند كل مناسبة دينية جديدة خصوصا الأعياد. جولة صغيرة بين أزقة السويقة القديمة و بعض المحلات الأخرى الخاصة ببيع المواد الغذائية، أبرزت حجم الطلب الكبير على المعجنات التقلدية، فغالبية الباعة يملكون دفاتر شبه ممتلئة تخص طلبيات مسبقة، و الطريف في الأمر هو أن أغلب زبائنهم هم رجال، من عشاق الأكلات التقليدية، أخبرنا الباعة بأنهم مستعدون للدفع دائما مقابل هذا النوع من العجائن المنزلية، كما أن من بينهم من يجيد التمييز بين العجائن الجيدة عند الطهو و العجائن السيئة. و بالرغم من توفر العديد من العلامات التجارية الغذائية التي تنتج مثل هذه المعجنات التقليدية، على غرار الشخشوخة و الكسكس، إلا أن الزبائن يفضلون تلك المعجنات المصنوعة في المنازل، من قبل ربات بيوت يسترزقن من تجهيزها و بيعها للمحلات، وذلك لكونها أفضل من حيث الجودة و أقرب إلى الذوق المطلوب، أما تلك المعلبة فهي أشبه باي سلعة صناعية محفوظة و غير صحية، كما عبر زبائن قابلناهم بأحد محلات السويقة. و لملاحظ هو الفرق الكبير في الأسعار بين العجائن منزلية الصنع التي تباع حسب الطلب و بالكيل، و تلك المعلبة، فسعر كيلوغرام الشخشوخة المصنعة لا يتعدى 180دج، على رفوف المحلات، بينما يصل سعر كيلوغرام تلك المصنوعة في المنازل إلى 250دج، و يتراوح سعر كيلوغرام الكسكس بين 300 و 350دج، أما المسمن و المشلوش فيتعدى 550دج، و يتعين على من يريده تقديم طلبية مسبقة بحوالي أسبوع إلى عشرة أيام لصاحب المحل من أجل الحصول عليه في الموعد المحدّد. باب رزق للعديد من العائلات هذا الإقبال على المعجنات التقليدية، سمح برواجها كتجارة و فتح الباب أمام الكثير من العائلات للاسترزاق من صناعتها وبيعها، لسد احتياجاتها، إذ تعد باب رزق أمام الكثير من الأرامل و المعوزات، وبهذا الصدد تقول السيدة صليحة، ربة بيت وأم لخمسة أطفال بأنها مسؤولة عن رعاية أبنائها الخمسة، منذ وفاة زوجها وقد وجدت في هذه الحرفة بابا لسد الحاجة، حيث تمتهن صناعة و بيع العجائن منذ سنتين، مشيرة إلى أن أغلب زبوناتها هن سيدات عاملات. وتضيف محدثتنا التي أصبح بيتها أشبه بمخزن صغير للعجائن التقليدية التي تحفظها كما قالت، بكل عناية داخل أكياس من القماش في انتظار تسليمها لأصحابها، «على الرغم من أن تحضير العجائن في البيت أمر شاق للغاية يتطّلب الجهد والوقت، إلا أن الربح فيه أكيد، خاصة ونحن مقبلون على عيد الأضحى المبارك، حيث يزداد الطلب على هذه المادة الغذائية في الأسواق». للعروس أيضا حقها في العجين وعن سر ازدياد الطلب على هذه المواد الغذائية مع اقتراب هذه المناسبة، تقول السيدة صليحة « إن هذه العجائن فضلا عن كونها من الأطباق الرئيسية التي تحبذ العائلات القسنطينية تناولها في المناسبات السعيدة، هي تطلب كذلك لتشكل أحد أهم عناصر « المهيبة» ، و هي الإكرامية التي تمنح للمقبلات على الزواج أو العرائس في عيد الأضحى المبارك، سواء بالنسبة لأهل العروس أو أهل العريس المرشح للزواج، فعادة ما تهدي العائلات القسنطينية المتصاهرة بعضها بعضا في الأعياد من باب المجاملة، و المعجنات هي أحد أهم هذه المجاملات التي تمنح مع شيء من لحم الأضحية، ويفضل الفخذ منها أو الكتف، وبعض الفواكه، وهو ما يعرف محليا « بعيد العروس»، و هو تقليد متوارث. كما تشكل السيدات العاملات النسبة الأكبر من زبونات السيدة صليحة بالإضافة إلى أصحاب المحلات، خصوصا النساء العاملات في قطاع التعليم ، تقول محدثتنا بأنهن يفضل شراء هذه العجائن، لأن أزواجهن يحبون تناولها باستمرار وليس لديهن وقت كاف لتحضيرها»، مضيفة "سواء كانت المرأة عاملة أو ماكثة بالبيت يظل توفر هذه العجائن ضروريا ببيوت القسنطينيات، ما يدل على تمسكهن الشديد بالأطباق التقليدية التي يحلو الاجتماع حولها، خاصة إذا حضرت في مناسبات معيّنة، مثل الأعياد والأعراس. بدورهم وجد أصحاب محلات بيع المواد الغذائية في هذا النوع من العجائن مكسبا وربحا وفيرا، وفي هذا الإطار يراهن عمي بشير، صاحب متجر لبيع المواد الغذائية بوسط مدينة قسنطينة، على هذه العجائن فيقول « إن العجائن المنزلية الصنع، على غرار الشخشوخة والتريدة هي الأكثر طلبا من تلك المصنعة آليا على الرغم من غلائها».