أصبحت صناعة العجائن التقليدية المنزلية في قسنطينة مربحة بالنسبة للنساء الماكثات في البيت، لانشغال العاملات خارج البيت منهن أولضيق وقتهن، كما أن أهمية تواجد هذه العجائن التي يطلق عليها اسم "العولة" في المنزل ضروري. يأتي على رأس هذه العجائن؛ "الكسكسي" و"التريدة" و"الشخشوخة" و"الرشتة"، حيث بات الطلب عليها خلال السنوات الأخيرة كبيرا، باعتبارها من أهم المكونات الرئيسية لأهم الأطباق التقليدية التي تعرف بها عاصمة الشرق، والتي تحضرها في المناسبات الهامة، على غرار "الأعياد الدينية وعاشوراء، والمناسبات السعيدة، كالأعراس والاحتفالات التي تغدو فيها علامة مطلوبة في السوق. وإذا كانت العديد من السيدات يفضلن صناعة هذه المواد الغذائية في منازلهن بسبب تفرغهن أو رغبة منهن في تحضير ما يستهلكنه وأفراد عائلاتهن بأيديهن، فإن الكثيرات، خاصة العاملات منهن، يعجزن عن هذا العمل لانشغالهن بالوظيفة أو بسبب مرضهن، خاصة أن تحضيرها يتطلب الكثير من الجهد والوقت، وهو ما دفع ببعض السيدات والشابات إلى استثمار وضعهن كماكثات في البيت وحاجتهن إلى دخل، حيث تخصصن في صناعتها وبيعها للمحلات أو بشكل مباشر للزبونات اللائي أعجبن بما يحضرنه، ففضلن الاستقرار في التعامل معهن مع كل مناسبة أو حتى تحضير المؤونة السنوية الخاصة بالبيت أو"العولة"، ورغم أن صناعتها شاقة، إلا أن من يحترفنها يرين فيها بابا للرزق يبقى أفضل من العمل في مجال آخر، حيث تشهد محلات البقالة طوابير خاصة وسط المدينة من نساء وحتى رجال يرغبون في شراء هذه العجائن بأسعار مختلفة تتراوح بين 220 و250 دينار للكيلوغرام الواحد من ‘الشخشوخة' و'التريدة'. تجارة العجائن التقليدية لم تعد اليوم حكرا على السيدات فقط، بل باتت تمتهنها شابات في مقتبل العمر، حيث قالت "إيمان" شابة في ال18 من العمر، بأنها تعلمت صناعة العجائن التقليدية من والدتها، كما أن سعرها أثار فضولها، خاصة أنها تكسب مبالغ معتبرة مقابل بيعها ل"الشخشوخة:، مما يسمح لها باقتناء كل ما تحتاجه دون اللجوء إلى والدها العامل البسيط، وأضافت بأنها باتت اليوم تساهم في مصروف البيت وإعانة والدها. أما السيدة رشيدة، فقالت بأنها ألغت من قاموسها منذ سنوات طويلة مصطلحات العطلة والراحة والمصيف والترفيه، لأن الصيف يعني بالنسبة لها دروة النشاط وتكريس كل الوقت والجهد من أجل تحضير أكبر كمية ممكنة من "الكسكسي" و"التريدة" و"الشخشوخة"، ثم بيعها وجمع ما تيسر من النقود لإعالة أبنائها وتغطية بعض مصاريف المناسبات الدينية والاجتماعية المتتالية. فنساء قسنطينة اليوم، بتن يستثمرن وقت مكوثهن في المنزل بتحضير هذه العجائن المنزلية التقليدية التي تضمن لهن دخلا محترما.