لم تتمكن وكالات السياحة والأسفار من تغطية الطلب الكبير على الرحلات المتجهة نحو القاهرة بسبب محدودية تذاكر السفر المخصصة للجزائرين ورفضت المغامرة بإقتنائها من مصر كما شهدت تدفقا كبيرا للراغبين في التنقل برا بعد أن إستحال عليهم ذلك جوا. مسؤولي الوكالات أكدوا أنهم إضطروا لإلغاء عدد من الحجوزات لأسباب مختلفة منها على الأساس التخوف من المغامرة بعد الإجراءات المعلن عنها والمتعلقة بقصر عملية بيع التذاكر على الخطوط الجوية الجزائرية، وأيضا لمستجدات طرأت أثناء التعامل مع شركات الطيران سواء بالجزائر أو بتونس و مصر. في البداية الوكالات جعلت العملية مفتوحة ولاقت التسهيلات اللازمة من وكالات في مصر تتعامل معها كوسيط، حيث أكد لنا مسؤول بوكالة "نوميديا ترافل سارفيس" أنه تم تسجيل 200 شخص على أساس أن السفر سيتم عبر طائرات من العاصمة وتونس، لكن الوجهة التونسية ألغيت أياما فقط قبل المقابلة ومباشرة بعد الإعلان عن طريقة بيع التذاكر التي إقتصرت على الخطوط الجوية الجزائرية مما جعل الوكالة لا تغامر بالزبائن على إعتبار محدودية العدد، "نوميديا" وحسب مسؤوليها شهدت منذ الإعلان عن تاريخ المباراة تدفقا كبيرا للمواطنين بمعدل عشرة أشخاص يوميا، حيث تقدم لهذه الوكالة فقط ما يزيد عن 500 شخص من مختلف الفئات والأعمار. وكالة بلارة من جهتها حضرت الإجراءات اللازمة لتخصيص رحلة للمناصرين لكنها ألغيت لعدم توفر العدد الكافي من المسافرين مع ذلك ظل مكتبها يستقبل مواطنين يستفسرون عن الأسعار والإجراءات ولوحتى من باب الفضول، أما وكالة أخرى بوسط المدينة فقد كان سبب إلغاء الوجهة بالنسبة إليها لكون مسؤولي الطيران بمصر وتونس رفضوا التأشيرات الجماعية. مسؤول وكالة ألفا من جهته أكد أن الإقبال كبير جدا لكن المشكل بالنسبة لأي شركة سياحية هو نقص الأماكن حيث قال "لو كانت العملية مفتوحة لأمكن بعث الآلاف من كل وكالة لأن الجزائريين يتوقون للتنقل إلى القاهرة"، في البداية شركة الأسفار هذه برمجت رحلة من قسنطينة مباشرة لكن واجهتها مشكلة عدم ترخيص هيئة الطيران المدني بمصر للطائرات بالنزول في مطار االقاهرة ، المسافرون سيوزعون على طائرتين واحدة جزائرية وأخرى مصرية في رحلتين منفصلتين واحدة من العاصمة وأخرى عبر تونس. إجراءات إستثنائية لضمان أمن وسلامة المناصرين الشركات ونظرا لكون الأمر لا يتعلق بأفواج سياحية عادية راعت ضرورة تأمين المسافرين، حيث سيضمن النقل من المطار نحو الفنادق ومنها إلى الملعب ذهابا وإيابا، كما تم تأمين المسافرين وإدراج الخدمة الصحية ضمن البرامج، مع تأكيد كل من تحدثنا إليهم بأن الوكالات المصرية لم تستغل الظرف لرفع الأسعار كما كان متوقعا ذلك أن الشركاء من البلد الآخر لا تعد علاقتهم بالوكالات الجزائرية ظرفية ويخشون فقدان عملائهم الدائمين. الفنادق وعكس ما روج تقع بوسط مدينة القاهرة ، حيث قال لنا إطار "نحن من نحدد نوعية الفندق وما يروج مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة"، فأغلب الإدارات التي قصدناها أكدت أن الفندق قريب جدا من الملعب ومع ذلك سيتم التنقل بواسطة حافلات سياحية تابعة لشركات مصرية متعاقد معها. ومن بين التسهيلات التي قدمها الشركاء المصريون منح التأشيرات في المطار لكن بشرط إستظهار تذكرة الملعب مع تعبير النشطاء في مجال السياحة عن إرتياحهم لسهولة الحصول على التأشيرات . وكالات مصرية تعرض تذاكر للبيع وقد عبرت وكالات سياحية مصرية عن إستعدادها لتوفير تذاكر الدخول إلى الملعب لجزائريين خارج الحصة الرسمية لكنها إشترطت أن لا يظهر المعنيون أنفسهم على أنهم ليسو مصريين، أي لا يرتدون أو يحملون الألوان الوطنية لأنهم سيدخلون وسط الجمهور المصري وعليهم التفاعل معه حتى لا يسترعوا الإنتباه ويعرضون أنفسهم للخطر، وهو ماجعل الوكالات تتحاشى ذلك خوفا من المغامرة . لكن هذا لا يعني أن هناك من المناصرين من فضلوا المغامرة بدل مشاهدة المباراة في التلفزيون، حيث قال لنا أحد الخواص الناشطين في قطاع السياحة أن هناك من يقضون حاليا شهر العسل بمصر وقد إتصلوا به للحصول على تذكرة لكنه شرح الأمر وترك لهم أمر الإختيار، فيما أكد مسؤول آخر أن 5 بالمائة فقط ممن قصدوا وكالته إختاروا الوجهة دون تذكرة حتى وإن كان ذلك غير ممنوع قانونا لأن حصولهم على التأشيرات يكون على أساس أنهم سواح عاديون. فئة أخرى إختارت الذهاب برا وقد تقدمت من الوكالات بهدف الحصول على التأشيرات لكن الوكالات أجابت المعنيين بأن مصر لاتمنح تأشيرات برية وأن الحصول عليها لا بد أن يكون من السفارة المتواجدة بالعاصمة حيث قال لنا مدير وكالة أن هناك من حصلوا على تأشيرات جوية ويريدون إستعمالها برا وسيواجهون مشاكل كبيرة في الحدود المصرية، وحتى وإن كانت التأشيرة برية فإن المناصرين سيجدون صعوبة في الحصول على مقعد في الجزء المخصص للجزائريين ويضطرون للجلوس أمام مصريين، وهو أمر يهدد سلامتهم، حسب ما قاله لنا صاحب وكالة سياحية، إعترف بوجود فئة لم تتوان في مغامرة غير محمودة العواقب. موظفون يضحون بالراتب وشباب يلجأون للإقتراض لتحقيق الحلم يتطلب التنقل إلى مصر عن طريق وكالة سفر مبلغا يتراوح من 57 ألف إلى 65 ألف دينار، وفق الأسعار المتعامل بها والتي تضمن من ثلاثة إلى أربعة أيام من الإيواء، مع رحلة سياحية في المعالم الأثرية التي ستكون بالنسبة للمناصرين أمرا ثانويا في ظروف كالتي دفعتهم للتنقل إلى مصر، وهي مبالغ تعادل ما لا يقل عن أربعة أضعاف الأجر الأدنى المضمون، وإذا إحتسبنا مبلغ العملة الصعبة الذي يجب توفره للتمكن من أخذ الوجبات، على إعتبار أن أحسن الوكالات توفر وجبة واحدة إضافة للفطور، فإن تشجيع الفريق الوطني يتطلب على الأقل سبعة ملايين سنتيم، وهو مبلغ لا يمكن لإطار سام تأمينه بسهولة، لكن ومع ذلك الوكالات تلقت إقبالا كبيرا من المواطنين منهم من عادوا أدراجهم لقلة الحيلة لكن هناك من تكبد معاناة توفير المبلغ ولو بالإقتراض، حيث قال لنا الشاب "بوبكر زعومة" الذي يشتغل عون بالحماية المدنية أن راتبه بسيط لكنه تصرف وأمن المبلغ من أجل أن يشهد العلم الجزائري يرفرف في أرض الفراعنة، ليضيف شاب آخر يعمل تاجرا حرا، أنه سيتنقل مع مجموعة من الشباب منهم البطال ومنهم من إقترض لضمان رحلة وصفها بالتاريخية. المجموعة التي سترافق بوبكر إختارت الذهاب جماعيا لتوفير أجواء جزائرية محضة في الملعب حيث تقرر الذهاب عبر تونس ومن قسنطينة إلى تونس يتم التنقل برا للمزيد من الحماس. ولكن على العموم فإن أغلب المتجهين إلى مصر من التجار مثلما هو الحال بالنسبة لزين الدين 24 سنة الذي قال أن المال لا يعد عائقا لكن والدته تلح عليه لعدم الذهاب خوفا على حياته لكن مصر للذهاب وقد حضر العلم والقبعة وما يلزم "لإقتحام مصر". ونجد الصيادلة والأطباء والموظفين في الدرجة الثانية من حيث العدد، حسب المعلومات المتحصل عليها من وكالات السفر التي قال لنا العاملون بها أن المناصرين ليسوا من الشباب فقط بل من مختلف الفئات العمرية. المناصرون بدؤوا بداية من أمس الأول في التنقل إلى العاصمة المصرية عبر رحلات تختلف في تفاصيلها وتشترك في وجهة واحدة دفعت الآلاف من المناصرين إلى تدبر أمرهم والتضحية بأيام من العمل أو مبلغ مخصص لإقتناء كبش العيد لتأمين تكاليف رحلة كلهم أمل في أن تكون نهايتها سعيدة.