أفاد البروفيسور جازولي محمد، من مصلحة طب العمل بمستشفى بن زرجب بوهران، بأنه خلال سنة 2007 صنفت الهيئة الدولية الصحية «سيير» العمل الليلي للمرأة كعامل للإصابة بسرطان الثدي، ومنذ 2013 توصلت الأبحاث في أوروبا إلى أن العمل المتواصل و العمل الليلي يهدد المرأة بالإصابة بسرطان الثدي خاصة، بسبب الاختلال في وظائف الجسم. البروفيسور بين بأن النظام الهرموني لجسم المرأة يختلف في الليل عن النهار، فهناك هرمونات تنشط في جسم المرأة خلال الفترة الصباحية و تبدأ في خفض نشاطها ليلا، وبالتالي إذا ظلت المرأة تعمل ليلا، فستضغط على تلك الهرمونات وتنشطها بصورة عكسية، مما يولد اضطرابات كبيرة في الجسم تهددها بالإصابة بالسرطان، لأنها ستكون مرفقة غالبا بنمط غذائي سريع و كثير الدهون، ظنا من العاملة أنه سيساعدها على تحمل مشقة العمل ليلا. و شرح البروفيسور جازولي للنصر، على هامش إحياء اليوم العالمي للسرطان بوهران، بأن الجدول الصحي الذي يحدد أنواع الإصابات بالسرطان، الناجمة عن الوسط المهني بالجزائر، لا يدرج مثل هذه الحالات، لأنه لم يتم تحيينه منذ 1997، و أمام هذا التأخر يجد طب العمل نفسه عاجزا عن تصنيف إصابة المرأة العاملة ليلا بالسرطان على أنه ناجم عن الوسط المهني، بالإضافة لكون سجل مرضى السرطان لا يحمل كل المعطيات الدقيقة الخاصة بالمريض، رغم أنه على الصعيد العالمي تم إدراج العمل الليلي كعامل مسبب لسرطان الثدي للنساء. و كشف محدثنا بأن هناك عمل سينجز بهذا الصدد من خلل أطروحة متخصصة لإحدى الطالبات في الطب الإقامي و سيشرف عليها بنفسه وقد بدأته الطالبة في العام الماضي و من المقرر أن تنتهي منها قبل نهاية 2016، و يتمحور البحث حول علاقة السرطان بالأخطار المهنية، حيث سيرتكز العمل على مساءلة مرضى السرطان، سواء الرجال أو النساء، حول ماضيهم المهني و نوعية الوسط المهني الذي كانوا يعملون به والظروف المهنية و الاجتماعية وغيرها من المحاور التي تهدف إلى التوصل لضبط إحصائيات حول هذه العلاقة و طرحها للنقاش على جميع المستويات. وأكد المتحدث أن هناك نقصا أيضا في التغطية الصحية لطب العمل من طرف الأطباء المتخصصين الذين لا تتعدى نسبتهم 40 بالمائة على المستوى الوطني، مما يصعب غالبا الاكتشاف المبكر للإصابات بالأمراض الخطيرة لدى العمال، و تتم التغطية الصحية عموما في الوسط المهني بالجزائر، حسب المتحدث، من طرف أطباء عاميين الذين يجب أن يدققوا في أسباب المرض من خلال أسئلتهم للمريض، حول ظروف الوسط المهني و ما هي المواد التي يتعامل معها العامل والتي ممكن أن تكون سببا مباشرا أو غير مباشر للإصابة بالأمراض الخطيرة والمستعصية، مثلما دعا إليه البروفيسور جازولي. من جانب آخر، قال مصدرنا أن طب العمل لا يتدخل فقط عندما يصاب العامل بمرض ما، لكن مهمته الأساسية هي التدخل منذ بداية إنجاز المصنع أو الشركة و الاستمرار لغاية الوصول لحماية العامل من الأخطار، لكن للأسف هذه الخطوات غير متبعة وغير محترمة في بلادنا، فأصحاب الشركات لا يلجأون لطب العمل إلا لدى وقوع كوارث. وعلى صعيد آخر، قالت الدكتورة بن يحلو أثناء تقديمها لمداخلة حول أخطار الإصابة بالسرطان في الوسط المهني، بأن 40 بالمائة من الإصابات بالسرطان، مرتبطة بطرق العيش و العمل و نمط الاستهلاك عبر العالم، وفي الجزائر فإنه ما بين 5 إلى 10 بالمائة من الإصابات بالسرطان تكون ناتجة عن الوسط المهني، فمن بين 45 ألف حالة إصابة جديدة سنويا في الجزائر، يوجد ما بين 2000 إلى 4500 حالة إصابة بالسرطان، ناجمة عن تعرض المريض لمواد مسرطنة بالوسط المهني، فمثلا حسب الدكتورة بن يحلو، وجود مادة الأميونت في وسط مهني يكون فيه العامل مدخنا يضاعف الإصابة بالسرطان إلى 50 بالمائة.