وصف الرسام سمير بن سالم الصالونات التشكيلية الجماعية المنظمة بالجزائر، بغير المجدية، لأنها لم تقدّم إضافة للفنانين الذين سرعان ما يعودون إلى واقع التهميش، بمجرّد انتهاء التظاهرة الثقافية، و تنتهي كما بدأت دون خلق سوق للإبداع و لا ترتقي بالذائقة الفنية للجمهور. ابن ولاية برج بوعريريج و خريج المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بمستغانم، المتخصص في رسم اللوحات الزيتية ، قال أنه لا يتحمس كثيرا للمعارض الجماعية و إن كان كثير الحضور و المشاركة فيها، لأن تجربته و خبرته التي تزيد عن 15 سنة، جعلته يقف على حقيقة مؤسفة مثلما وصفها، تتمثل في عدم تحقيق أغلب المبادرات المجسدة في هذا المجال بالجهات الأربع للوطن، لشيء يبعث على التفاؤل بتحسن مستوى الفنانين التشكيليين و أعمالهم، فقد يبرزون في تظاهرة ما، ثم يختفون أو يهمشون كالعادة، دون أن تمنح لهم فرص و فضاءات لتسويق إبداعهم داخل و خارج الوطن، كما تحدث عن غياب التفاعل بين الجمهور و الفنان التشكيلي، إذ غالبا ما تقتصر لقاءاتهم على لحظات محدودة خلال افتتاح المعرض، الذي لا تتخلله عادة محاضرات و نقاشات فنية من شأنها الارتقاء بالحس الفني للمواطن. بخصوص أعماله التي يغلب عليها اللون الأحادي، عبّر الفنان عن ولعه بالآثار و الحفريات، قائلا بأنه مفتون باللون الحجري الذي يأسره، كلما حمل ريشته، حيث ينساق وراء سحره، معترفا بأنه لم يخذله أبدا، فهو يتمكن دائما من منحه عدة أبعاد و يستقرئ من كثافته و أرجائه الفسيحة، شساعة الرمزية التي ينتمي إليها، و التي يحاول من خلالها التعبير عن واقعه المعيش و معاناته و تجاربه، حيث ينهل من الواقع و الرموز و التراث الحضاري لوحات تحاكي الزمن و الإنسان، فهو تارة يظهر كمناصر و حقوقي يدافع عن المرأة، و تارة أخرى كناقد و محلل اجتماعي، يجعل من تناغم ألوانه المتدرجة مفردات لمواضيع شتى يعبّر عنها بسلاسة و تتقاطع فيها الأحاسيس و الخيال و الواقع، و لا ينكر تعبير لوحاته كلها عن تجربته و معاناته كطفل، تربى بعيدا عن والدته بحكم انفصالها عن والده، و مدى تأثير ذلك على أعماله، تماما مثل تأثره بالعشرية السوداء و مختلف الفترات و الأحداث التي عايشها بالجزائر و التي وجدت لها مكانا بلوحاته التي يزيد عددها عن 300 لوحة. «المطلقة»، «الغيرة»، «المرّبع الملعون» و غيرها من العناوين التي اختارها لتحفه التي اتخذت المرأة بكل تجلياتها محورا لها، جعلت الكثير من زملائه ينعتونه برسام و نحات المرأة، و هو ما يعتبره فخرا و إشادة بإبداعه. الفنان المتأثر بإسياخم، قال بأن إعجابه بهذا الفنان الفذ تضاعف بعد قراءته مؤلفا عنه بتوقيع الأديب كاتب ياسين، و ذكر بأنه كلما قرأ ما كتب عنه، يشعر بأنه قريب جدا منه و يشبهه إلى حد كبير. بن سالم الذي تناول محاور مهمة في أعمال جابت عديد المعارض التشكيلية الدولية منها مصر، إيران، مالي و ليبيا.. شبّه لوحاته بمجسم تحتك فيه معطيات الماضي الحضارية مع نبض الحاضر بكل تفاصيله، لكن مفاتيح كل ذلك بيده، و يرفض منحها للمتلقي حتى لا يؤثر عليه و يترك له حرية قراءتها على طريقته، مضيفا بأنه يرفض بيع أعماله و يفضل الاحتفاظ بها حتى لو لم تسعها مساحة بيته، خاصة و أن زوجته الفنانة التشكيلية تشبهه في هذه النقطة بالذات، و لم تفكر يوما في بيع لوحاتها التي زاد عددها عن 400 لوحة، مما يضطره أحيانا إلى ترتيب لوحاته المقرّبة إلى قلبه تحت سريره، حفاظا عليها. و إن كان يهوى الرسم أكثر من باقي الفنون، فهذا لم يمنع الفنان من خوض مجال النحت، حيث أبدعت أنامله عديد التحف الخشبية التي اختار لها عناوين مثل «توازن»، «وشوشة»، و أخرى فضل تركها دون عناوين، و قال بأنه احتفظ بها كمجموعة خاصة، و لم يفكر يوما في عرضها في معرض تشكيلي لولا إلحاح صديق له، كان له الفضل في مشاركته مؤخرا بمعرض للفنون التشكيلية بقسنطينة.