ملك الراي الشاب خالد لم يكن ضحوكا في صغره قال مطرب الأغنية الوهرانية الأصيلة الشيخ الهبري بأن «ابن حومته» ورفيقه في صفوف الكشافة الاسلامية في السبعينات، الشاب خالد كان شخصا هادئا وطيبا ومتواضعا وودودا ولم يكن يشاهده الا نادرا، حتى أنه تفاجأ بضحكاته الصاخبة التي اشتهر بها لاحقا تحت الأضواء الساطعة في الحوارات التلفزيونية والحفلات الرايوية. المطرب الذي ارتبط اسمه منذ أكثر من ثلاثة عقود بالعزف المحترف على آلة «الأكورديون» وأداء الأغاني الوهرانية العبقة بعطور التراث والأصالة والابداع، أوضح بأنه لا يزال يرفض أغاني الراي التي لاتتوافق مع قيمه ومبادئه وقناعاته حتى وإن قادت العديد من أصدقائه وجيرانه الى العالمية.. وتحدث بالكثير من الحماس والحنين عن الكشافة الاسلامية التي يعتبرها مدرسته الفنية والتربوية الأولى، ففي صفوفها تعلم ر فقة صديقيه الكينغ خالد والشاب الهندي أصول العزف على آلة القيتار، وتدربوا على الانشاد والغناء وعاشوا أجمل الذكريات قبل أن يختار كل منهم طريقه الفني وطريقته في تحقيق ذاته وأحلامه. وهو غير نادم –كما أكد لنا- خلال مشاركته من 6 الى 11 مارس الجاري في فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية وهران بقسنطينة، لأنه تمسك بأخلاقيات ومبادئ الكشاف الملتزم، فأقبل على انتقاء أجمل وأنظف الأغاني الوهرانية الأصيلة وتقديمها للجمهور بطريقته الخاصة، الى جانب كتابة كلمات وتلحين معظم أغاني ألبوماته ال 16 المطروحة في السوق. توقف الشيخ الذي اشتهر بأداء أغنية “هذا مكتوبي” التي كتبها ولحنها بنفسه الى جانب ابداعه في أداء أغاني رواد الأغنية الوهرانية وفي مقدمتهم بن زرقة وبلاوي الهواري وأحمد وهبي، في محطة الكشافة الاسلامية التي انخرط في صفوفها –كما قال- في سنة 1974، فاعتقل بحماس أعز ذكرياته مع “أبناء حومته” ومن بينهم الشاب خالد.. لقد ربطتهما علاقة أخوة وصداقة وطيدة بالرغم من أنهما لم يكونا بنفس الفوج.. فخالد كان بفوج الرجاء والهبري بفوج النصر .. وكلاهما ينحدر من عائلة وهرانية بسيطة مشبعة بعشق الفن والتراث. أكد بأن خالد كان شخصا هادئا وطيبا ومتواضعا ولم يكن يضحك الا نادرا في اشارة الى أن ضحكاته الصاخبة عادة اكتسبها لاحقا ربما بتأثير أضواء الشهرة، وقد قضيا سنوات طويلة في خضم ما أسماه ب “المعركة” من أجل التعلم والتدرب على العزف والغناء وصقل موهبتهما الفطرية.. ولم يفترقا الى غاية سنة 1986 عندما قرر خالد أن يتوجه الى ديار الغربة بحثا عن الشهرة والمجد.. والتقيا أثناء زيارة هذا الأخير لمسقط رأسه وقاما بإحياء حفلات مشتركة.. وبصفوف الكشافة أيضا، التقى بابن حومته ورفيق دربه الشاب الهندي، ولاتزال صداقتهما مستمرة الى الآن، ولايتردد في مشاركته احياء العديد من الحفلات. ووصف أغاني الراي التي يؤديها هذا الأخير ب “الحلوة” لأنه يختار –كما قال- الكلمات النظيفة والألحان المنسجمة والجميلة. ويرفض بشدة أن تقحم أغاني الراي الهابطة ذات الكلمات المبتذلة ضمن التراث الوهراني حتى وان قادت الكثير من زملائه ورفاقه وابناءحومته الى الشهرة العالمية ومن بينهم الشاب بلال.. فهذا الأخير، كان أحد أعضاء فرقته الموسيقية، وكان يعزف على القيتارة واعتقد بأنه سيواصل الدرب الذي رسما ملامحه معا لكنه توجه –على حد قوله- لأداء أغنيات تحرض الشباب على العنف وتعاطي المخدرات والاجرام وأضاف: “الغناء مهما كان نوعه من المفروض أن يعالج مشاكل الشباب بطريقة أخلاقية وكلمات نظيفة تبعدهم عن الانحراف والسجون وليس العكس” واستطرد قائلا: “يعجبني الفنان الذي يعود الى الصف وجادة الصواب، ليعيش ويعايش التراث الجزائري ويبدع فيه.. وينسحب من “راي” الكباريهات والملاهي.. وأنا مستعد للتعاون معه ودعمه .. إن تراثنا غني ومتنوع ولو نتعاون ونتفاهم مع بعضنا البعض، فسنرتقي به ونطوره لينحت مكانته في كل أنحاء المعمورة لا أقصد هنا الطابع الوهراني فقط.. فهناك المالوف والشاوي، والسطايفي والصحراوي وكل هذه الألوان ساحرة ومبهرة”. وبخصوص سؤالنا عن أسباب عدم التحاقه بزملائه الذين فاقوه نجاحا وشهرة، لأنهم توجهوا الى الخارج، قال: “أحمد الله على النجاح الذي حققته ببلادي بأداء أغنيات نظيفة وأصيلة من كنوز الطابع الوهراني .. وأشير هنا الى أن مساري الفني كان متقطعا وليس متواصلا مثل الكثير من رفاق الدرب .. ان صعوبة المحيط الفني وقساوة ظروف الفنان الذي يفتقد لقانون يحميه وراتب قار يضمن له اعالة نفسه وأسرته من الأمور التي كانت تبعدني من حين لآخر عن الفن، لكن عشقه المتجدر في أعماقي كان يعيدني اليه بلهفة”. وتابع قائلا: “ان النهضة التي يشهدها قطاع الثقافة ببلادنا في السنوات الأخيرة، وتعيين الاستاذة موساوي على رأس مديرية الثقافة بوهران، أعاد المياه الى مجاريها أو على وشك.. لقد عدت بقوة الى الساحة حيث وجدت التشجيع والدعم للطابع الأصيل الذي لن أحيد عنه مهما كانت الاغراءات .. لقد أتيحت لي الفرصة للمشاركة في عدد كبير من الحفلات والمهرجانات والأسابيع الثقافية عبر أرجاء الوطن.. ونجحت في الربط مجددا بين الأغنية الوهرانية وآلة الاكورديون بعد انفصالهما لمدة طويلة. وبخصوص مشاريعه قال بأنه بصدد تحضير ألبوم غنائي جديد من نفس الطابع سيرصعه بأغنيتين ثنائيتين الأولى مع الشابة نصيرة والثانية مع الشابة منى.. ويفتخر بمشروع يلوح في الأفق مع المطرب القسنطيني الشاب خالد وليد، مؤكدا بأنه يعشق المالوف ويتمنى أن يؤديه. إلهام.ط