مواقع التواصل الاجتماعي والأنترنيت لا يمكن أن تحلّ محل الصحفي المحترف أكدت الباحثة في علوم الإعلام والاتصال، فاطمة بن سعد دوسو، من جامعة بوردو بفرنسا، أمس الاثنين، استحالة أن تحل الشبكة العنكبوتية محل الصحفي المحترف، باعتبار أن المعلومات التي تنشر عبرها لا تخضع لمعايير المصداقية والصحة، في حين أن دور الصحفي يكمن في فرز ذلك الكم الهائل من المعلومات، ليقدم أصدقها وأصحها للمتلقي.وأفادت المختصة في الإعلام التي قدمت أمس محاضرة بالمدرسة العليا للصحافة تحت عنوان: « الإعلام أمام التحولات التكنولوجية، وما مكانة أخلاقيات المهنة» بحضور وزير الاتصال حميد قرين، بأن التطور التكنولوجي المتسارع والتقدم الملحوظ في مجال الرقمنة، جعل الصحفي يواجه تحديات عدة، خصوصا أمام الثراء الذي توفره شبكة الأنترنيت من حيث كمية المعلومات التي تتجدد كل ثانية، مذكرة بأن بداية اختراق الشبكة العنكبوتية للمجتمعات كان في حدود سنة 95، مما عرض قطاع الإعلام إلى هزات قوية، حيث لم تعد هناك حدود ما بين الصحافة والجمهور، متسائلة عن دور الصحافة ضمن هذا المجتمع الذي أصبح لصيقا بشبكة الأنترنيت، وكيف يمكنها التعامل مع سرعة تدفق المعلومة، وكيف للصحفي المحترف أن يتموقع وسط مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن فقد السيطرة على مسار المعلومة، ما يعد في نظر المحاضرة تغيرا تاريخيا مهما، معتقدة بأن هذا التقدم التكنولوجي أثر بشكل واضح على الصحافة المكتوبة، في ظل بروز جيل جديد شديد الارتباط بشبكة الأنترنيت، وخاصة الواب، مما جعل الصحفي في مواجهة رهان تكريس دوره في المجمتع، مقابل امتيازات عدة توفرها الشبكة العنكبوتية، منها مجانية المعلومة، التي فقدت تدريجيا قيمتها التجارية، مع سهولة الوصول إلى الأنترنيت، هذا الواقع الجديد جعل المحاضرة، تطرح تساؤلات عدة حول مصير الصحفي، و معنى الصحافة في ظل هذه المتغيرات، ومن هو الصحفي، الذي ظل يوصف بحارس الديمقراطية، و ممثل السلطة الرابعة.وبحسب السيدة دوسو، فإن مجرد تمكن أي شخص من نشر المعلومة عبر الشبكة العنكوبية، أو حمله لبطاقة الصحفي، أو تحكمه في الوسائل التكنولوجية لا يجعل منه صحفيا، وإنما الأمر يتعلق بمغزى ممارسته للأعلام، وكذا بالتزامه بأخلاقيات المهنة، التي تخضع لمعايير ثابتة وأخرى متغيرة، منها حرية الممارسة الإعلامية، وكذا الاستجابة لحق المواطن في الوصول إلى المعلومة، فضلا عن احترام الآخرين، وكذا قيم المجتمع، وأيضا الحياة الجماعية المشتركة في ظل التنوع والاختلاف. ومن بين نقاط الاختلاف الجوهرية ما بين الصحافة والشبكة العنكوبية، وفق منشطة الندوة أن من ينشر المعلومات على الشبكة الافتراضية يقوم بذلك غالبا بأسماء مستعارة ليختفي وراءها وهي لا تفرض عليه الخضوع لأخلاقيات المهنة، على عكس الصحفي. فضلا عن الاختلاف الجوهري بين اهتمام الإعلام الذي يركز عادة على السياسة وعلى المواضيع ذات الإثارة، في حين يميل جمهور الأنترنيت وكذا المدونات، إلى كل ما يتعلق بالتكنولوجيا المتطورة. ودعت منشطة الندوة الصحفيين إلى ضرورة فهم المعلومة جيدا والتأكد من مصداقيتها قبل تقديمها للجمهور، على أساس إنتمائهم إلى وسيلة إعلامية معروفة، خلافا لما ينشر على شبكة الأنترنيت، التي تتفوق على الإعلام في سرعة نشرها للمعلومة، في حين يتفوق الصحفي في ضمان مصداقية ما ينشر، وكشف المعلومات التضليلية. كما دعت الباحثة الصحفيين إلى ضرورة التكيف مع هذا الوضع الجديد، والاستفادة من الدورات التكوينية، إلى جانب التحكم في الوسائل التكنولوجية نافية أن تؤدي الرقمنة والتقدم التكنولوجي إلى زوال الصحفي الذي أضحى اليوم مطلوبا منه أن يقوم بدور ريادي، وهو فرز ما ينشر من معلومات هائلة ومرافقة التقدم التكنولوجي، عن طريق التقصي والتحليل والبحث، وتقديم المعلومة الصحيحة.