نتاج غزير من الحليب في غياب مصانع التحويل يشهد نشاط تربية الأبقار الحلوب بولاية سوق أهراس تطورا ملحوظا يظهر من خلال توسع القطيع وارتفاع الإنتاج و ازدياد عدد المربين. لكن الممارسة لا زالت تقريبا في شكلها التقليدي لدى أغلب المربين، ولا يوجد من يمارس هذا النشاط بصفة استثمارية واسعة إلا القليل. نظرا لثقل الكلفة وارتفاع خطورة المجازفة. فحتى الآن لا زالت تقنية التلقيح الإصطناعي للأبقار غير مطبقة بالولاية بسبب عدم اجتماع كل عوامل النجاح محليا لتطبيق هذه التقنية أبرزها ضرورة انخراط كل المربين أو نسبة كبيرة منهم على الأقل حتى يضمن البيطريون مردودية كافية تسمح لهم بممارسة التلقيح الإصطناعي. روبورتاج وتصوير : م/ بن دادة عرفت المواسم الفلاحية الأخيرة انتعاشا في إنتاج الحليب بولاية سوق اهراس التي تعد قطبا وطنيا معروفا في مجال تربية الأبقار، فقد أنتجت السنة الماضية 19.7 مليون لتر والسنة التي قبلها 12 مليون لتر فيما تتوقع المصالح المختصة وصول الإنتاج في نهاية السنة الجارية إلى 30 مليون لتر. و هذه الأرقام تشير إلى الكميات المجمعة فعلا وهي لا تمثل سوى نسبة 30 بالمائة من الإنتاج الحقيقي الذي يتم تسويقه بعدة طرق خاصة منها المباشرة ما بين المنتجين و محلات بيع الحليب المنتشرة بمختلف المدن والقرى وحتى المقاهي بسوق اهراس تستقبل نسبة معتبرة من حليب الأبقار نظرا للتقليد السائد بها وهو تفضيل الزبائن استهلاك حليب الأبقار. وفي الوقت الراهن تزود ولاية سوق اهراس عدة ملبنات موجودة بأربع ولايات من شرق البلاد هي قالمة ، سكيكدة ، الطارف ، قسنطينة وقد بلغ الإنتاج الفعلي للحليب بولاية سوق اهراس السنة الماضية 77 مليون لتر. ويضم قطيع الأبقار الموجود بولاية سوق اهراس 47900 بقرة من جميع الفصائل المحلية و المستوردة، هذه الأخيرة وصل عددها حاليا إلى 4800 بقرة. فيما بلغ عدد مربي الأبقار 4800 منهم حوالي 1080 يملكون شهادة فلاحية و استفادوا من دعم الدولة. شهادة التعريف تسمح بالإستفادة من دعم الدولة و أشار المفتش الولائي للبيطرة أن القانون الجديد يسمح للمربي حتى وإن لم يكن لديه اعتماد صحي أن يستفيد من دعم الدولة المقدر ب 12 دينار عن كل لتر حليب بشرط حيازته لشهادة تعريف الأبقار من طرف بيطري عمومي. و بفضل هذا الإجراء سلمت مفتشية البيطرة السنة المنصرمة 1280 شهادة اعتماد صحي إضافة إلى 495 إعتماد صحي . مما يفسح المجال لأن تكون كمية الحليب المجمعة أكثر بكثير من السابق. و يذكر نفس المسؤول أن المربي كان خائفا من الذبح الصحي في حالة إصابة بقرة بمرض الحمى المالطية أو السل في مقابل تعويض يساوي فقط 35 بالمائة من سعر البقرة في حالة الحمى المالطية و نسبة تتراوح ما بين 25 بالمائة و 50 بالمائة في حالة المرض بالسل. و لما صار غير مجبر على إجراء التحاليل للأبقار ويحصل على شهادة تعريف صحي تسمح له بالحصول على نفس الدعم الذي يأخذه من يملك اعتمادا صحيا ارتفع الإقبال على الإنخراط في الحصول على الدعم و تسليم المنتوج لمجمعي الحليب المعتمدين. و معلوم أن دعم الدولة لمنتجي الحليب يشمل عدة جوانب تدخل في هذا النشاط و منها 30 بالمائة من الدعم لتغطية اقتناء وسائل الإنتاج و 1800 دينار لتغطية التلقيح الإصطناعي وهي تشكل تقريبا نسبة 100 بالمائة و 30 بالمائة خاصة بتهيئة الإصطبلات وإنجاز ما يعرف بالسيلاج للمحافظة على اخضرار أعشاب الأعلاف قصد استمرار البقرة في إنتاج كمية أكبر من الحليب. ويضاف إلى هذا الدعم التقني الذي تقدمه مفتشية البيطرة للمربين فيما يخص التوجيه الصحي و حملات تلقيح الماشية و الإرشاد الفلاحي من طرف المعهد التقني لتربية الحيوانات. ذكر رئيس جمعية منتجي الحليب بولاية سوق اهراس أن مربي أبقار كنديون زاروا الولاية أكدوا له أن المربي في كندا إذا لاحظ أن بقرة لديه سخنت وصارت مستعدة للتلقيح يكفيه أن يعلق راية حمراء فوق اصطبله فيأتيه في الحين التقني الذي يقوم بعملية التلقيح الإصطناعي نظرا لكثرة الممارسين لهذا النشاط، إضافة إلى إعتماد المربين على هذه التقنية اعتمادا كليا. في حين لازالت لحد الآن عملية التلقيح الإصطناعي غير مطبقة في سوق اهراس وعدد البياطرة الذين يعرفون هذه التقنية لا يزيد عن ثمانية وهو عدد كما يرى المربون قليل جدا في حالة تعميم هذه التقنية على مستوى الولاية. وذكر أمين عام الغرفة الفلاحية أن تعميم التلقيح الإصطناعي بالولاية سيبدأ لدى عينة مشكلة من 40 مربيا تتكفل بهم تعاونية الخدمات الفلاحية لدائرة سدراتة حيث سيذهب التقني الذي يقوم بالتلقيح الإصطناعي للأبقار إلى إصطبلات المربين على غرار المقاييس المطبقة في هذا الجانب. ويعلم المربون أن من مصلحتهم تطبيق التلقيح الإصطناعي لأنه سيعفيهم من تربية فحل البقر الذي ليس له من وظيفة سوى تلقيح الأبقار بالطريقة التقليدية. ويربح الفلاح مكان هذا الفحل بقرة ولودة و منتجة للحليب. توسيع مساحات الأعلاف الخضراء إضافة جديدة بالولاية يعد توسيع المساحات المسقية المنتجة للأعلاف الخضراء إضافة كبيرة مساعدة على تطوير نشاط تربية الأبقار بولاية سوق اهراس بالإعتماد على مياه سد وادي الشارف التي تمون محيط السقي الجديد لسدراتة الذي يمتد على مساحة مجهزة قدرها 1545 هكتارا التي دخلت في الإستغلال السنة الماضية. وتمتد هذه المساحة الخصبة ما بين بلديتي سدراتة و الزوابي وسمح استغلالها فيما يخص جانب الأعلاف فقط بتوسيع المساحة المخصصة له بنسبة 300 بالمائة حسب مسؤولين بقطاع الري و الديوان الوطني وسقي وصرف المياه مقارنة بالمساحة المسقية المخصصة للأعلاف سابقا بسدراتة. وقد زاد هذا العامل من أهمية حوض سدراتة في إنتاج الحليب على مستوى الولاية إلى جانب الأحواض الأخرى المعروفة بالولاية وهي مناطق الراقوية و تيفاش و لحنانشة. توجد بولاية سوق اهراس وحدة تحويل واحدة مما يجعل نسبة كبيرة من حليب الولاية يذهب إلى ولايات أخرى على غرار عنابة ، قالمة، الطارف، قسنطينة. ويذكر مسؤولون بقطاع الفلاحة أنه رغم التسهيلات المعلنة من طرف الولاية في مجال الإستثمار لم يتقدم حتى الآن أي متعامل بأي مشروع لإنجاز ملبنة أو مصنع يستطيع أن يستقطب الإنتاج المتزايد من الحليب. لكن يوجد أمل آخر في فتح وحدة مغلقة قدرتها 60 ألف لتر يوميا تم حجزها من طرف البنك الفلاحي، فقد ذكر مدير الفلاحة أن حوارا يجري على المستوى المركزي مع إدارة البنك قصد محو الفوائد المقدرة ب 18 مليار سنتيم حتى يستطيع المستثمرون شراء هذا المصنع و إعادة تشغيله بدلا من بقائه مغلقا. وكانت هذه الوحدة قد اشتغلت حوالي ثلاث سنوات قبل أن يستمر غلقها بسبب الحجز مدة وصلت حتى الآن إلى حوالي ثماني سنوات. من جانبه أشار صاحب ملبنة "حمادة" الوحيدة الموجودة بسوق اهراس إلى أن سبب قلة الملبنات بسوق اهراس راجع إلى سبب تجاري بحيث أن ملبنته رغم أنها الوحيدة إلا أنها تعاني من تسويق منتوجها نظرا لتفضيل الكثير من المواطنين استهلاك الحليب المباع باللتر في المحلات عن حليب الأبقار الموضب في الأكياس. وفي رأيه أن تسويق الحليب يكون أفضل في جهات غير منتجة للحليب أو قليلة الإنتاج. و قصد تطوير إنتاج الحليب أكثر يرى صاحب ملبنة حمادة ضرورة توفير تغطية قانونية تسمح لوحدات تحويل الحليب بمساعدة المربين على زيادة عدد الأبقار و توسيع نشاطهم وفي المقابل يحصل المحول على تحفيزات جبائية و ضمانات قانونية تثبت شرعية استرجاع حقوقه من المربي إذا أخل بالتزاماته مع وحدة التحويل. و في الوقت الراهن مثلما قال تخضع وحدة التحويل للنشاط وفق ما يحدده السجل التجاري وهو حق محدود لا يسمح بالشراء للغير مما يجعل من يرغب في دعم المربين على التعامل معهم بالثقة فقط وهذا ليس له أي أثر قانوني يضمن حقوق الطرف المانح. جامعو الحليب يشتكون من تأخر حصولهم على دعم الدولة الحلقة الوسيطة بين منتجي الحليب و مصانع تحويلة هم جامعو الحليب و قد خصصت لهم الدولة دعما قيمته 5 دنانير في اللتر الواحد. إلا أن أحد المجمعين وجدناه بملبنة حمادة اعتبر أن المشكل الوحيد الذي ينغص عليهم حياتهم هو تأخر الحصول على مستحقاتهم من دعم الدولة الذي يصل أحيانا إلى ثلاثة أشهر و هذا في نظره وقتا كبيرا يصعب على جامع الحليب مواصلة نشاطه بهذا الشكل، لأن هذه الخمسة دنانير هي مصدرهم الوحيد الذي يعيشون منه ويحافظون به على سلامة شاحناتهم وتجهيزات جمع الحليب. ويشير هذا المتعامل إلى أن عملية جمع الحليب تتطلب نشاطا متواصلا على مدار 24 ساعة قصد جمع الحليب بعد وقت وجيز من حلبه ووضعه في الصهاريج تحت درجة حرارة منخفضة حتى لا يفسد. م / ب