تسيّد المنتخب البرتغالي سهرة أول أمس القارة العجوز بخطفه كأس الأمم الأوروبية من المنتخب الفرنسي في عقر داره، بعد ساعتين من الندية والإثارة الناتجة عن تبادل الهجمات وحبس الأنفاس بكرات وجدت في طريقها حارسين كبيرين، باستثناء واحدة وضع بها البديل إيدير «برازيليي أوروبا» على عرش الكرة الأوروبية، وتمكين الدولة الإيبيرية من حصد أول لقب دولي في مشوارها الكروي.«برازيل أوروبا» الذي وفق في صناعة التاريخ ودخول نادي المتوجين باليورو خارج أرضه، أبكى فرنسا في «عرسها» وأجهض جميع الترتيبات الاحتفالية التي سبقت النهائي، أكد على مدار شهر من اليورو أنه حفظ الدرس اليوناني بعد 12 سنة، فتمكن الجيل الحالي بقيادة كريستيانو رونالدو في تحقيق ما عجز عنه سابقوه من النجوم العالمية في مقدمتها الأسطورة إيزيبيو و روي كوستا و لويس فيغو، حيث أدرك مهندس الانتصار فرناندو سانتوس أن اللعب الجميل وحده لا يمنح الألقاب، بدليل لعب السيليساو الأدوار الأولى دون التتويج، في مونديال 1966 (المركز الثالث) ومونديال 2006 (المركز الرابع) و يورو 2004 وصيف البطل، وهي النسخة التي احتضنتها البرتغال وألهمت الناخب سانتوس الذي أدرك أن إحراز اللقب يتطلب تغيير منهجية اللعب و الذهنيات، فنجح في منح البرتغال أول لقب في صمت وبعيدا عن الأضواء، حيث ظل رفقاء رونالدو خارج دائرة الترشيحات حتى المحطة النهائية التي بلغوها «زحفا» بتحقيقهم ثلاثة تعادلات في دور المجموعات والتأهل دون أي فوز رغم تواضع المنافسين، ليأتي أول فوز في البطولة في الدور ثمن النهائي أمام كرواتيا في الوقت الإضافي من مباراة كان الكروات الطرف الأفضل فيها، تماما كما هو الحال في ربع النهائي أين تخطوا بولونيا التي كانت أفضل منهم بضربات الترجيح، وكان الفوز على ويلز في الدور نصف النهائي الوحيد الذي تحقق في الوقت الأصلي، على اعتبار أن التتويج أمام الديكة حسم في الوقت الإضافي بفضل هدف البديل إيدير، ليسطر المدرب سانتوس اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الكرة الأوروبية، ووضع أول نجمة على قميص منتخب بلاده، ومن محاسن الصدف أن مهندس تتويج البرتغال استهل مشواره بخسارة أمام فرنسا في مباراة ودية وكان ذات المنافس آخر عقبة أمام اللقب الغالي، هذا المدرب الحامل لشهادة في هندسة الاتصالات والذي يطلق عليه جمهور نادي بورتو»مهندس الانتصارات» استفاد سهرة أول أمس من تجربة 30 سنة في تسيير مراحل النهائي، فلم يتأثر لخسارة ورقة رونالدو مبكرا وعرف كيف يستدرج ديشان إلى الوقت الإضافي ليضيفه على قائمة ضحاياه بالضربة القاضية، ويفك عقدة عشر سنوات أمام الديكة التي حرمها من الاحتفال وحصد ثالث لقب على أرضها، كما حوّل العرس الفرنسي إلى مأتم.