تنتشر في بلدية بئر حدادة و هي إحدى أقطاب الصناعة و الفلاحة، على بعد 30 كلم من مدينة سطيف، الكثير من النشاطات المرتبطة بتربية الدواجن، كما يقوم سكانها بزراعة الخضر داخل البيوت البلاستيكية، على سفح جبل يوسف الذي يتزايد به نشاط 13 محجرة. لكن التلوث الناجم عن ذلك يثير سخط السكان و الفلاحين، كما يغضبهم نشاط بعض مربي الدواجن الذين أقاموا مذابح سرية، حيث تشتهر بئر حدادة بتسويق اللحوم البيضاء و البيض عبر الوطن، و منها ظهرت حادثة التسمم بداء البوتيليزم قبل 18 عاما. روبورتاج: رمزي تيوري خلال زيارة النصر للمنطقة، وقفنا على توسع مختلف النشاطات، سواء الشرعية أو غير الشرعية، في منطقة تعتبر محور ربط هام بين مختلف البلديات الجنوبية لولاية سطيف، و من المفارقات أن شبابها لا يشتكون من البطالة، لأن فرص العمل متوفرة مثلما يؤكد أحد شبان المنطقة، لكن الكهول يتذكرون كارثة سنة 1998، عندما توفي 37 شخصا متأثرين بداء البوتيليزم، بعد تناولهم الكاشير الفاسد، كان مصدره إحدى الورشات السرية بالمنطقة، عمد صاحبها إلى صناعة الكاشير من بقايا و جثث الحيوانات. بعد 19 سنة من الحادثة الأكثر دراماتيكية بولاية سطيف، لم تتغير أوضاع البلدية كثيرا، فلا تزال ورشات سرية لصنع مادة الكاشير وأخرى لتربية الدجاج منتشرة في بئر حدادة، في غياب شروط الصحة والنظافة وسط غبار المحاجر المتطاير، و صار سكان مشاتي الضواوقة، أولاد حميدة و أولاد ساتة يتنفسون الغبار و الأتربة، كما تضررت بيوتهم من التفجيرات المتكررة في جبل يوسف، و ذكر سكان من تلك المشاتي أن أعداد المصابين بالأمراض الصدرية والحساسية تتزايد من يوم لآخر. و أشار مصدرنا بأن ممارسي النشاط الفلاحي، يشتكون من شح المياه و من رفض مصالح الري منحهم تراخيص لحفر آبار جديدة، مضيفا بأن العشرات من أصحاب البيوت البلاستكية، سجلوا انتشار مرض غريب، فتك بالمنتجات، التي تمثل المصدر الرئيسي لأسواق ولاية سطيف من الخضروات مثل الفلفل الحلو والحار، الطماطم، الخيار، الجزر وغيرها. كما أن بعض مربي الدجاج في حديثهم معنا، اشتكوا من ظاهرة انتشار فيروسات، أهلكت الصيصان و تسببت لهم في خسائر، جعلت العديد منهم يعلقون نشاطهم مؤقتا. قادنا بعض المواطنين إلى نقطة تلوث سوداء أخرى بالمنطقة، تتمثل في رمي فضلات سائلة ذات لون أبيض، يقوم أصحاب مصانع للبلاط بسكبها في مجرى وادي سكرين، المحاذي لجبل سكرين الواقع بين بلديتي عين آزال و بئر حدادة، بعيدا عن أعين الرقابة.الشبان في المنطقة لم يشتكوا من البطالة بفضل توفر فرص العمل أمامهم في شتى المجالات، لكنهم عبروا عن تذمرهم من غياب المرافق الترفيهية الشبانية والرياضية والترفيهية، سواء في مركز البلدية أو القرى و المشاتي المجاورة على غرار الضواوقة و الشواورة، و قالوا أن الملعب البلدي ، حوله بعض الباعة إلى سوق لعرض مختلف السلع، مما جعل العشرات منهم يسقطون في فخ تعاطي المخدرات و المشروبات الكحولية، فيما ندد آخرون بغياب المرافق الصحية و طالبوا بإنجاز عيادة متعددة الخدمات. مذابح فوضوية تنشط ليلا تنتج لحوما بيضاء غير صحية كشف مراد حرّاق، رئيس مكتب جمعية البيئة والتنمية المستدامة ببئر حدادة، بأن أعضاء الجمعية وقفوا على العديد من التجاوزات في حق البيئة، مؤكدا بأن البعض يقوم بالنشاط في مذابح سرية ليلا، خوفا من مصالح الرقابة والصحة، و يتم العمل أحيانا داخل فراغات صحية و في مستودعات ليست مؤهلة لممارسة نشاط الذبح، موضحا بأن أصحاب المذابح كانوا في وقت سابق، يستغلون المساحات العارية و يرمون فضلات الدجاج و الدماء في الهواء، لكن تم إلزامهم منذ أشهر برمي الفضلات في حفر عميقة، يتم ردمها بمجرد امتلائها. و لكن أصحاب المستودعات الفوضوية المستغلة كمذابح سرية، مازالوا يتخلصون من الفضلات و بقايا الذبح في أكياس يرمونها وسط الأراضي المهجورة و على حواف الغابات القريبة. جلول خنفر صاحب مذبح دواجن نتعرض لمنافسة غير شريفة وأصحاب المذابح السرية يقلدون ويزورون التصاريح البيطرية لم يعد نشاط مذابح الدواجن الفوضوية التي تعمل بصورة سرية مضرا بالبيئة و خطرا على الصحة فقط بل مس الضرر أيضا عددا من أصحاب المذابح القانونية الذين تحدثوا عن منافسة غير نزيهة يتعرضون لها متهمين أصحاب المذابح السرية بتقليد و تزوير التصاريح البيطرية لتسويق منتوجاتهم من اللحوم البيضاء. فقد ذكر خنفر جلول، صاحب مذبح للحوم البيضاء ببلدية بئر حدادة، بأنهم يتعرضون لمنافسة شرسة من طرف مربي الدجاج و أصحاب المذابح الفوضوية المنتشرة بتراب البلدية، الذين لا يدفعون الضرائب، و لا يخضعون للرقابة من طرف المصالح البيطرية، موضحا بأنهم يمارسون النشاط في ظروف كارثية، دون احترام أدنى شروط الصحة و النظافة. و كشف المتحدث بأن بعض أصحاب المذابح السرية يعمدون إلى تزوير و تقليد الوسم التجاري و التصاريح المؤشر عليها من طرف الطبيب البيطري، لاستظهارها عند الحواجز الأمنية، خاصة و أن بعضهم يسوقون سلعتهم باتجاه المناطق الصحراوية، و ذكر بأن نشاط المذابح الفوضوية تسبب في حدوث مضاربة في سوق اللحوم البيضاء و تسبب في زعزعة استقرار الأسعار، لأنهم يعرضون سلعهم بأسعار متدنية و يمارسون المنافسة غير شريفة، مشيرا إلى تسجيل بعض الممارسات من طرف أصحاب محلات بيع اللحوم البيضاء، بالذين يقومون حسب مصدرنا باقتناء كمية محدودة من المذابح المرخصة و يوفرون بقية احتياجهم من المذابح الفوضوية، للتحايل على مصالح الرقابة، مضيفا بأنهم كمربين وأصحاب مذابح معتمدين، قدموا شكاوى عديدة للمصالح المختصة، قصد وضع حد للنشاط السري و الفوضوي لبعض المربين. أما بخصوص الرمي العشوائي لفضلات الدجاج، فأوضح المعني بأنهم يخصصون شاحنات لرميها بالمفرغات العمومية، سواء بمدينة العلمة أو بقجال، إضافة إلى استحداث حفر بمناطق غير آهلة بالسكان، تحدد من طرف مصالح مديرية البيئة يدفعون مقابلها حوالي 10 ملايين سنويا، يردمونها بمجرد امتلائها، للمحافظة على البيئة و نظافة المحيط، مطالبا بإنجاز مفرغة عمومية. غبار المحاجر يفتك بالإنسان والنبات و الماء التقينا بعدد من سكان المناطق المحاذية للمحاجر بجبل يوسف،حيث أشار المدعو (ق.سليم) بأن العديد من العائلات رحلت وتركت منازلها، لتأثرها من الغبار وصوت التفجيرات المتكرر، بينما أوضح المدعو عبد الحق بأن عددا من أصحاب الأراضي، أودعوا شكاوي و رفعوا دعاوى قضائية ضد أصحاب المحاجر، بسبب الاستغلال غير الشرعي لأراضيهم سواء بالمرور فوقها أو ركن المركبات عليها، إضافة إلى المرور دون إذن، كما اشتكوا من تضرر المياه الجوفية بفعل التفجيرات و أشار أحد الفلاحين بأن عددا من الآبار بالمنطقة جفت. نائب مدير المصالح الفلاحية لولاية سطيف السيد قبايلي أوضح بأنهم يتابعون باهتمام تطور الثروة الحيوانية والنباتية بمنطقة بئر حدادة، مشيرا إلى تسجيل انتشار مرض داخل البيوت البلاستيكية السنة المنصرمة، حيث «قمنا باتخاذ الإجراءات، و أوفدنا لجنة تحقيق مكوّنة من مختصين، كشفوا بأن الفلاحين جلبوا بذورا جديدة للفلفل، لا تقدم إنتاجا وفيرا» مضيفا بأن بعض الفلاحين لا يضعون الأسمدة و المبيدات لقتل حشرات تنقل المرض. أما بخصوص ظاهرة نفوق صيصان الدجاج و تكبيد المربين خسائر، فأشار بأن أغلب الحالات سجلت لدى أصحاب المستودعات الفوضوية، حيث أن بعضهم يربي الدجاج داخل البيوت البلاستيكية، و لا يحترمون شروط الصحة والنظافة، و قد قامت مديرية الفلاحة بالتحليلات المخبرية و تأكدت بأن المرض الذي أدى إلى هلاك الكتاكيت ليس فيروس «نيوكاسل»، أما بخصوص عمليات الرقابة على نشاط المذابح، فأشار السيد قبايلي بأن مصالح المديرية أغلقت العديد من المذابح الفوضوية. من جهته نائب مدير مؤسسة جمع النفايات والردم التقني بولاية سطيف، ذكر أن مديرية البيئة تتولى مهمة منح اعتمادات فتح مفرغات عمومية، و قال بخصوص وضعية بئر حدادة، أنها تابعة للمفرغة العمومية سي الطاهر ببلدية قلال و من المفروض على النشطين بالبلدية في مختلف المجالات أن يرموا فضلاتهم بها، وأشار بأنه تم منح تسهيلات لمربي الدجاج من أجل رمي نفاياتهم في المفرغة، لكن أصحاب المذابح السرية و المربين الفوضويين، لا يستفيدون من تلك التسهيلات، ذات المصدر اعتبر أن توفر مفرغة عمومية بكل بلدية غير ضروري، و قال أن على المتعاملين ضبط طرق النقل لتفريغ الفضلات بالأماكن المخصصة لها. رئيس بلدية بئر حدادة عين على محاربة الظواهر السلبية و أخرى لتنشيط التنمية أكد الطيب شوار رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية بئر حدادة، بأن البلدية تسعى لمحاربة كل المظاهر السلبية، مضيفا بأن بئر حدادة غير معزولة عن العالم و تسجل بها بعض الخروقات و التجاوزات، التي تسعى مصالحه لمحاربتها، مؤكدا طلب تسجيل مشاريع لدى السلطات المختصة، على غرار إنجاز ملعب بلدي و توفير المياه الصالحة للشرب، بعد إنجاز خزانات و مد شبكة التوزيع، إضافة إلى النهوض بالتنمية في مشاتي الضواوقة و أولاد أوصيف سواء بتعبيد الطرقات أو التهيئة الحضرية. و اعتبر «المير» بأن المنطقة في أمس الحاجة لقاعة متعددة النشاطات و منشآت أخرى على غرار دار للشباب، التي هي في طور الإنجاز و سيتم استلامها قريبا، زيادة على تحويل منشأة تابعة للحرس البلدي، إلى فضاء للترفيه والتسلية و الثقافة، كما أكد ذات المصدر بأن المنطقة في أمس الحاجة إلى مضمار للفروسية. وحول مجهودات البلدية لمحاربة التلوث ذكر رئيس البلدية أنها تسعى إلى إنجاز حوض لتطهير المياه الصرف الصحي و القضاء على ظاهرة فيضانها داخل الأراضي الزراعية، إضافة إلى رصد أموال لمد شبكة الغاز و تخصيص اعتمادات للنقل المدرسي تربط المشاتي بالمؤسسات التربوية. و عن الظواهر السلبية، و أغلبها على صلة بملف البيئة أوضح محدثنا بأن نشاط المحاجر شرعي و قد تحصل أصحابها على اعتماد من طرف مصالح مديرية الطاقة و المناجم، و أشار أن ذات المصالح تدرس فكرة استحداث طريق خاص يربط محاجر بئر حدادة بالطريق السيار و الطريق الوطني، لتفادي إزعاج المواطنين، مؤكدا على احترامها لدفتر الشروط بخصوص كميات المتفجرات المستعملة و توقيت القيام بذلك مع التزامها بوضع مصفيات. أما عن الرمي العشوائي للفضلات من طرف أصحاب مذابح اللحوم البيضاء، فأشار رئيس البلدية إلى وجود اتفاقية مع مصالح البيئة من أجل امتصاص الفضلات واستقطابها في المفارغ العمومية، لكن بعض أصحاب المذابح الفوضوية، يعمدون إلى الرمي العشوائي مؤكدا أن مصالح النظافة و التطهير التابعة للبلدية قامت بغلق عدد من المذابح الفوضوية، بالتنسيق مع مصالح الدرك الوطني، و تواصل القيام بالعملية في مساع مشتركة لوضع حد لنشاط تلك المذابح و القضاء على مظاهرها السلبية.