فرانسوا فيون يحاول تدارك انزلاقات حكومته ضد الجالية العربية الإسلامية بفرنسا أشرف الوزير الأول الفرنسي فرانسوا فيون أمس في خطوة غير مسبوقة على تدشين مسجد بمدينة أرجونتاي بالضاحية الباريسية بحضور وزير الداخلية بريس هورتفو. واعترف فيون في كلمة بالمناسبة بأن الجالية الإسلامية في فرنسا لطالما كانت هدفا لإعتداءات لايمكن السماح بها، وأن 30 بالمائة من أعمال العنف المرتكبة على التراب الفرنسي على مدى سنة 2009، كانت ذات طابع عنصري، ويأخذ الكثير منها شكل تهديدات المسلمين المقيمين بشكل عام. وقال فيون بلهجة جديدة غير معهودة في خطاب حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي، أن "العلم الفرنسي واسع بمافيه الكفاية لاحترام كل فرد بفروقاته واختلافاته". وتعد هذه هي المرة الأولى التي يقوم رئيس حكومة فرنسي بالإشراف شخصيا على تدشين مسجد في احتفالية كبيرة دعي لها 800 شخص وسخرت لها وسائل مادية كبيرة، فيما يبدو أنها خطوة متأخرة من الحكومة التي يرأسها فيون لتدارك أخطائها وانزلاقاتها الكثيرة والمتتالية في حق الذين يحملون أصول عربية واسلامية لاسيما المنحدرين من الجالية المغاربية المتواجدة بكثافة بالمدن الفرنسية الكبرى. وتأتي تطمينات فيون للجالية الإسلامية والتي لم تحمل اعتذارا صريحا في وقت مازال فيه اجل حول البرقع محتدما وعلى مسافة اسبوع من التصويت على القانون الذي يهدف إلى منع ارتداء النقاب الكامل. وبعد الإستياء الكبير الذي خلفه النقاش حول "الهوية الوطنية" والذي أخذ أبعادا عنصرية غذاها اليمين الحاكم الذي انتهج سياسة اقصاء وتهميش للمهاجرين، وبشكل خاص ضد الذين يحملون أصول عربية وإسلامية، وقد تجد الإنتكاسة الأخيرة لفريق الديكة في مونديال جنوب إفريقيا بعض تفسيراتها في سياسة الإقصاء التي مارستها حكومة ساركوزي تجاه المنحدرين من الجالية العربية الإسلامية. واللافت أن حضور وزير الداخلية بريس هورتفو احتفالية تدشين مسجد الإحسان بالضاحية الباريسية يقدم هو الآخر مؤشرا على الإنعطاف الجديد للحكومة الفرنسية لتدارك اخطائها في حق الجالية العربية الإسلامية، لاسيما بعدما أدين هو رتفو في 4 جوان الجاري من طرف محكمة باريس بدفع غرامة رمزية ب750 أورو بتهمة اطلاق تصريحات وشتائم عنصرية ضد شاب فرنسي من أصل جزائري، حينما قال أن أمثال هذا الشاب يصبحون مشكلا إذا كثر عددهم. وكانت التصريحات العنصرية التي أطلقها وزير الداخلية الفرنسي السنة الماضية قد أثارت غضب وسخط المهاجرين في فرنسا لاسيما المنحدرين من أصول عربية ومغاربية، وطالب اليسار الفرنسي وقتئذ باستقالة هورتفو.وبمعسكر المعارضة قال أمس رئيس بلدية آرجنتاي الإشتراكي فيليب دوسي "لسنا أغبياء" حتى لا نتفطن إلى هدف فيون من وراء حرصه شخصيا على تدشين مسجد المدينة" مشيرا إلى أن زيارته تهدف إلى تدارك وتصحيح خطأ الحكومة بشأن النقاش المغلوط حول الهوية الوطنية. وشكك عمدة آرجنتاي في امكانية أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تدارك انزلاقات الحكومة خلال الأشهر الأخيرة.