العلاج النفسي الذي يقدمه أنقذ ثلاثة أيتام من الانتحار يعد المركز الجزائري للرعاية النفسية و الاجتماعية و الصحية التابع لجمعية كافل اليتيم بالبليدة التجربة الفريدة من نوعها على المستوى الوطني التي تتكفل بالرعاية النفسية للأطفال الأيتام وضحايا المأساة الوطنية خاصة في ظل الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر في العشرية الماضية وما خلفته الآثار النفسية على الأطفال ،وبالأخص الذين عايشوا عن قرب هذا الوضع ومنهم أحد الأطفال يلقى الرعاية النفسية بهذا المركز قامت جماعة إرهابية ببلدية بوينان بذبح والديه أمامه. وتعود فكرة إنشاء هذا المركز حسب المكلفة بالإعلام في جمعية كافل اليتيم فضيلة بلمهدي إلى سنوات ماضية وذلك من خلال الاحتكاك الدائم بالأيتام وخاصة ضحايا المأساة الوطنية من خلال الرحلات التي كانت تقوم بها الجمعية لهذه الفئة والنشاطات الأخرى المختلفة الخاصة بها مما جعلهم يكتشفون بعض الاضطرابات النفسية لدى هذه الفئة وجعلهم يفكرون في خلق مركز للتكفل النفسي والصحي بهذه الفئة . لكن المشروع لم يجسد فعليا إلا في سنة 2010 وذلك بسبب ضعف الإمكانيات المادية وخاصة المقر ،وتجسدت هذه الفكرة مع تبرع أحد المحسنين بفيلا من طابقين بوسط مدينة بني مراد لجمعية كافل اليتيم ،وأصبحت هذه الفيلا عبارة عن وقف للجمعية والتي خصصت لإنشاء مركز الرعاية النفسية والصحية للأطفال. وتتمثل الخدمات التي يقدمها هذا المركز حسب نفس المتحدثة في الإرشاد النفسي والمتابعة النفسية وكذا التأهيل ،كما توسعت خدماته لتشمل المتابعة الدراسية للأطفال الأيتام ومواجهة أخطار الآفات الاجتماعية المتعددة ، إلى جانب الاستشارات الزوجية . كما فتح المركز أبوابه لغير الأيتام للعلاج النفسي وذلك مقابل مبالغ مالية رمزية عن كل حصة علاج، هذا و يضم المركز اليوم 30 حالة علاج من غير الأيتام و150 طفل من الأيتام ،كما يتوفر المركز على عدة اختصاصات في مجال الطب النفسي منها علم النفس التربوي ، العيادي ، الأرطفوني وعلم النفس المدرسي ويشرف على هذه التخصصات أطباء نفسانيين يقومون بمتابعة الأطفال . وتشير في هذا السياق المكلفة بالإعلام إلى تسجيل عدة حالات تم علاجها بهذا المركز ومنها حالة فتاة طالبة جامعية في السنة الثانية حقوق بجامعة سعد دحلب بالبليدة التي سببت لها الاضطرابات النفسية فقدان النطق، ومن خلال حصص العلاج بالمركز مع الأطباء النفسانيين ورئيس المركز عاد لها النطق والتحقت من جديد بمقاعد الدراسة حالة يتيم ذبح الإرهابيون والديه أمام عينيه برزت أهمية هذا المركز أكثر من خلال خطورة بعض الحالات التي يعالجها والتي وصل بها الأمر إلى الانتحار ، وتذكر في هذا الإطار المكلفة بالإعلام أن المركز عالج ثلاث حالات من هذا النوع تتعلق بالأيتام ، وتذكر أن اكتشاف هذه الحالات تم من خلال الاحتكاك الدائم لأعضاء الجمعية بأرامل الأيتام، خاصة المسجلين في قوائم الجمعية . وتذكر أن الحالة الأولى سجلت بحي خزرونة تتعلق بفتاة حاولت الانتحار بسبب مشاكل عائلة ، وبعد وصول الخبر إلى الجمعية تنقل أطباء نفسانيون وأعضاء من الجمعية إلى المنزل العائلي وبعد عدة جلسات معها تخلت عن فكرة الانتحار وهي اليوم تنتقل إلى المركز واندمجت اجتماعيا وما ساعد في هذا الاندماج هو الرحلات السياحية التي يقوم يها المركز و التي كان لها الدور الكبير في ذلك . أما عن الحالة الثانية فقد سجلت بالعفر ون و تتعلق هي الأخرى بفتاة يتيمة حاولت الانتحار بعد خطوبة شقيقتها الأقل منها سنا ، فلم تتقبل الأمر وهددت بالانتحار ،وكانت في البداية ترفض العلاج لكن من خلال الزيارات الميدانية التي قام بها أعضاء المركز إلى بيتها العائلي استجابت وتخلت عن فكرة الانتحار . أما الحالة الثالثة فتتعلق بفتاة هي الأخرى يتيمة بحي ديار البحري ببني مراد وقع لها حادث انجر عنه بتر أحد أصابع يدها وهو ما لم تتقبله خاصة وأنها في سن المراهقة ، وتذكر نفس المتحدثة أن والدة هذه الفتاة هي من اتصلت بالمركز وبلغت بمحاولة ابنتها الانتحار ، ومن خلال جلسات العلاج اندمجت من جديد وهي اليوم من الرواد الدائمين على هذا المركز . وفي سياق متصل تحدثت المكلفة بالإعلام عن حالة طفل يتيم الأبوين من بلدية بوينان ذبحا والديه أمام عينيه وهو في عمره الثامن من طرف جماعة إرهابية في العشرية الماضية مما أثر عليه ذلك نفسيا وخاصة على ذاكرته خاصة في مرحلة الدراسة لا يتذكر شي مما يقال له ، لكن اليوم ومن خلال تلقيه العلاج النفسي بالمركز بدأت حالته تتحسن تدريجيا . وتضيف نفس المتحدثة أن ما ساعد في اندماج الأيتام بهذا المركز هو الجو العائلي الذي يتلقونه بحيث تخصص لهم ألعاب ويتناولون وجبة الفطور جماعيا بالمركز بالإضافة إلى النشاطات الترفيهية والرحلات السياحية ، بحيث نظمت في عطلة الشتاء الماضي رحلة للأطفال الأيتام إلى ولايتي بسكرة والوادي ، وكانت هذه الرحلة فرصة للأطفال للتعرف على صحراء الجزائر لأول مرة بالإضافة إلى رحلات أخرى إلى حديقة التجارب بالعاصمة ، وتشير محدثتنا أنه حتى هذه الرحلات تكون فيها عملية انتقاء حسب درجة الحالات النفسية كما أن العلاج يكون في سرية تامة بين الطبيبة النفسانية واليتيم حتى يتسنى للطفل البوح بكل شيء ، وفي السياق ذاته يركز المركز على ورشات الرسم للأيتام والذي له دور كبير في إخراج المكبوتات لدى الطفل ، كما أبرم المركز اتفاقية مع فوج الفرسان للكشافة الإسلامية تمنح من خلالها شهادات في مسرح الطفل والتهريج للأيتام وخاصة فيما يتعلق بتقبل فكرة اليتم لدى الطفل وترسيخها في ذهنه أن الأمر ليس سلبيا ولا اختلاف بينه وبين باقي الأطفال قوافل الخير تكشف الوجه الخفي لعائلات الأيتام من بين النشاطات التي تقوم بها جمعية كافل اليتيم ومركز الرعاية النفسية والصحية والاجتماعية زيارات ميدانية لعائلات الأيتام بالمناطق النائية بعدة ولايات وتسلم لها بعض الإعانات الممثلة في مواد غذائية وبعض الألبسة ، وتذكر المكلفة بالإعلام أن هذه الزيارات كشفت لهم الوجه الخفي لهذه العائلات ، التي تعيش في ظروف قاسية جدا بعد فقدان رب العائلة . وتشير في هذا الإطار إلى زيارة عائلة بإحدى البلديات النائية بولاية الشلف ووقفوا على حال أرملة أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 26 سنة رحل عنها زوجها إلى الأبد وتركها تصارع الحياة مع أبنائها الثلاثة ، وعجزت محدثتنا عن وصف حال هذه العائلة التي لا مصدر رزق لها ، بحيث تقيم في كوخ من الطين لا يليق كمأوى حتى للحيوانات ناهيك عن عجزها عن توفير قوت أبنائها ، ومن حسنات هذه الأرملة أن زيارة وفد الجمعية لها كان من أعضائه أحد المحسنين الذي تأثر كثيرا لحالها وقرر بعين المكان فتح حساب بريد ي لها وتخصيص لها راتب شهري ، كما اشترى لها قطعة أرض وشرع في بناء لها مسكن يليق بها وبأولادها الذين لم ينعموا بطعم الأبوة وزادت في معاناتهم قسوة ظروف الحياة ، كما كانت لقوافل الخير زيارات أخرى لعائلات الأيتام بولايتي تيبازة والمدية ، وكل العائلات ظروفها كانت قاسية للغاية . وفي الأخير يسعى الناشطون بهذا المركز توسيع خدماته أكثر إذا توفرت الظروف المناسبة خاصة الإمكانيات المادية والمالية ، لهذا فهم يطالبون أن يكون المركز تحت وصاية الدولة حتى يستطيع توفير خدمات أكبر مما يقدمها حاليا.