فرحة وحسرة في قرعة الحصة الإضافية للحج بقسنطينة شاركوا مرارا في قرعة الحج، و بلغوا من الكبر عتيا، حتى أصبحت قلوبهم معلقة بزيارة البقاع المقدسة و حلمهم الأكبر "دفتر الحج"، لم يسعفهم الحظ في مارس الماضي، فكانت مبادرة رئيس الجمهورية بتخصيص 1500 تأشيرة جديدة لمن شاركوا 10 مرات و تجاوز سنهم السبعين، فرصة ليجددوا آمالهم، في أداء مناسك الحج للموسم المقبل. النصر عايشت أمس، أجواء إجراء قرعة الحج الإضافية لولاية قسنطينة، و حضرت عملية السحب، التي تباينت خلالها مشاعر الحاضرين، بين الفرحة و دموع الفرح عند الفائزين، و بين الخيبة و الغضب عند من لم يكتب لهم أن يكونوا ضمن قائمة الحجاج لهذه السنة. امتلأت قاعة المحاضرات بمقر ولاية قسنطينة، منذ الصباح الباكر، و على غير العادة بحضور، أغلبهم من الشيوخ و العجائز، سكوت يطغى على المكان، و أعين تترقب المنصة أين وضع صندوق مملوء بالأوراق التي كتبت عليها أسماء المعنيين بالقرعة، اقتربنا من الحاضرين، و قد أبلغنا معظمهم بأنهم شاركوا خلال جميع الأعوام السابقة في القرعة، على الأقل 10 مرات، و بعضهم وصل عدد مشاركاته ل 17 مرة. بعد قرابة الساعة من الانتظار، خرج مدير التنظيم و الشؤون العامة لولاية قسنطينة، ليعلن عن انطلاق العملية، بعد أن أكد للحضور أن الحصة المخصصة لقسنطينة هي 39 دفترا، موضحا بأن النساء التي سيتم سحبهن، سيرافقهن محرم، حسب ما تسمح به القائمة المرسلة من وزارة الداخلية، و بحضور لجنة مكونة من مدير التنظيم و الشؤون العامة و ممثل عن الشؤون الدينية و مواطنين، بدأت عملية السحب، التي شارك فيها أيضا من رغب من الحاضرين، و منهم أطفال و شباب، قاموا بخلط الأوراق، ثم سحبها بشكل عشوائي. محظوظ من يرافق زوجته إلى البقاع المقدسة بعد سحب كل ورقة، يتم المناداة على أسماء من ابتسم لهم الحظ، و كلما ظهر اسم امراة، يتم النظر في قائمة وزارة الداخلية، عبر جهاز حاسوب، للإعلان إن كان سيرافقها محرم، أو تخصص لها رفقة آمنة، و بعد أن تم المناداة على عدة أسماء، لم يكونوا حاضرين في القاعة، تم المناداة على اسم امرأة، فصرخ أحد الشيوخ الجالسين في مقدمة القاعة إنها زوجتي، لم يتمالك نفسه من الفرحة، و أخبر المنظمين، بأنه لا داعي للنظر في قائمة وزارة الداخلية، لأنه موجود ضمن قائمة الحجاج الذين سحبوا في قرعة مارس الماضي. اقتربنا من عمي حمدان الذي بدا في غاية السعادة قائلا "الحمد لله لن أتوجه بمفردي إلى الحج سترافقني زوجتي، لقد تركتها تترقب في البيت، لن أخبرها حتى أعود، أخشى عليها من شدة الفرحة عندما تعلم بالخبر"، و لقد أبى إلا أن يوجه رسالة للسلطات، مفادها أن الرجل يجب أن ترافقه زوجته، مثلما للزوجة الحق في أن يرافقها محرم، فليس بالإمكان للشيوخ كبار السن أن يسافروا بمفردهم في رحلة الحج، على حد قوله. مع كل اسم يسحب، كانت تقل فرص الحاضرين، الذين تزداد علامات الترقب و القلق على وجوههم، فبعضهم لا يستطيع الانتظار في مكانه و حتى يقترب من المنصة، يطلب المشاركة في عملية السحب، و بين لحظة و أخرى، ينطق أحد المترقبين، "اخلطوا الأوراق جيدا فهناك زاوية على اليمين لم تخلط بعد". عمي السبتي الذي كان ينتظر كغيره، قفز من الفرحة عندما تمت المناداة على اسم زوجته، و سأل المنظمين، هل سأرافقها ؟، و بعد أن نظروا في قائمة وزارة الداخلية، أعلموه أنه سيكون مرافقها، فتضاعفت فرحته، اقتربنا منه فأعلمنا أنها المرة 13 التي يشارك فيها مع زوجته في قرعة الحج، و قد بلغ عمرهما 74 سنة، مؤكدا بأنه أدى العمرة عدة مرات، لكن للحج طعم أخر، حسبه، و قال بأن زوجته لم تحضر معه، لكنها ستفرح كثيرا، لأنها كانت تبكي بحرقة، في الأعوام السابقة. لم يكن معظم أصحاب الأسماء المسحوبة من الحاضرين، و بعد أن تم الانتهاء من سحب 39 اسما، سُحبت قائمة احتياطية من أربعة أسماء، و أعلن عن نهاية العملية. عندها لم يتقبل بعض الحاضرين عدم ورود أسمائهم ضمن قائمة الفائزين بدفاتر الحج، و التف الكثيرون حول لجنة المنظمين، بعضهم بدأ في الصراخ، إحدى العجائز اضطر حفيدها لإخراجها، لأنها لم تتوقف عن الصراخ، و أخريات تجمعن و بدأن في انتقاد طريقة إجراء القرعة. أحد الشيوخ تسمر في مكانه، و كان يضع يديه على رأسه، بدت الصدمة ظاهرة على وجهه، اقتربنا منه، فلاحظنا أن عينيه اغرورقتا بالدموع، قال بأن الدموع قد غلبته، إنها المرة 11 التي يشارك فيها و لا يوفق، على حد تأكيده، مضيفا "ظننت أن هذه الفرصة ستكون ثابتة، لكنها كانت غير ذلك"، يقول عمي السعيد الذي أكد بأن عمره اقترب من الثمانين.