يعد أداء فريضة الحج وزيارة البقاع المقدسة حلم الكثير من الجزائريين، بل يتحول في الكثير من الأحيان، إلى هوس يسكن عقول وأذهان الحالمين بزيارة بيت الله الحرام، وتجدهم يسعون إلى تحقيق ذلك، مهما كلفهم الثمن، ويمكن أن يلجؤوا حتى إلى الحرام للظفر باللقب الشرفي ''الحاج فلان''، التي أصبحت درجة اجتماعية في المجتمع الجزائري، وكثيرا ما يصطدم هذا الهوس والحلم مع حاجز القرعة التي قد تحرمهم من ذلك، والأكيد أن مشروع ''الحاج'' لن يستسلم لقانون الصندوق وسيقاوم ولو بأضعف الإيمان، لذلك ارتأينا زيارة عدد من مراكز القرعة عبر الوطن، ورصدنا غير المألوف لسلوكات المترشحين للحج. حج ''النسا'' هذا العام..! هي عبارة لم يتوقف أحد المشاركين في قرعة الحج لهذا الموسم عن ترديدها بمسجد الشهداء في بلدية المرادية في العاصمة، بعد أن كانت معظم الأوراق المسحوبة في القرعة خاصة بسيدات رفقة محارمهن، وهو ما أثار غضب هذا المترشح لوحده، خاصة بعد بقاء اسم واحد وتنفذ ''كوطة'' البلدية من جوازات السفر الخاصة بالحج، وهو ما جعل اللجنة تبحث عن اسم واحد لرجل واحد دون مرافقة، وهو ما زاد من غضب الحاج الذي صاح مخاطبا المير قائلا ''زيد اسمي والسلام''، وهو ما رفضه المير الذي واصل العملية وخرج اسم وجين، وطلب من المصلين الإتصال بالزوج لمعرفة إن كان يرغب في أداء المناسك لوحده، وإلا سوف يسجل في القائمة الإضافية، وهو ما تكفل به أحد جيرانه، كونه يملك هاتفه النقال، ورغم أن الفائز بالقرعة كان في فرنسا، إلا أن المصلين اتصلوا به وأكد لهم أنه سيذهب منفردا، وهو ما جعل الحاج يخرج غاضبا قائلا:''هذه قرعة النسا في بلاد النسا''، وهي نفس تعاليق أحد المترشحين الذي كان مسجلا رفقة زوجته. الحج ''نية ومكتوب'' قبل كل شيء قبل شروع رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية المرادية السيد محمد السعيد في عملية القرعة، أكد على أنها ستدور في جو من الشفافية والوضوح، وفضل التأكيد على أن الحج قبل كل شيء هو ''مكتوب ونية''، وهنا قرر سرد قصة طريفة لعجوز طاعنة في السن، تقدمت منذ سنتين لحضور القرعة الخاصة بالحج، وكانت في مؤخرة المسجد، وما إن سمعت اسمها عند قراءة كل أسماء القائمة المشاركين في القرعة، حتى غادرت المسجد ظنا منها أنها حازت على جواز للحج وظهر اسمها في القرعة، وعادت في اليوم الموالي إلى البلدية مطالبة بجوازها، لكن تفاجأت بعدم ظهور اسمها في القائمة، واتهمت الموظفين بالتلاعب بالقائمة، لكن وبعد أن شرح لها رئيس البلدية ما حدث اعتذرت للجميع وعادت إلى بيتها، وفي السنة الموالية كان اسمها في أول قصاصة تسحب في القرعة، لتتمكن من الذهاب إلى الحج. رجم الفائزين بالقرعة بدلا من إبليس! قال مجموعة من المسجلين في القائمة الإسمية الخاصة، بدخول قرعة الحج في بلدية الشيقارة في ولاية ميلة، أنهم سيضطرون إلى رجم من خرج اسمه ضمن الناجحين، وتعالت أصوات ما يزيد عن العشرين مرشحا للحج داخل مقر البلدية، حيث كان من المقرر تنظيم القرعة، لكنها فشلت بسبب رفض الجميع للعملية، ومطالبة الحصول على حقهم كاملا، فيما يخص تعداد جوازات السفر، وبينما كاد أحد الشيوخ أن يصعد فوق الطاولة التي يوجد عليها الصندوق لرميه خارج مكان العملية، لولا تدخل البعض من العقلاء لتهدئة خاطره وباله، بينما تعهد غالبيتهم برمي من يتم اختياره ضمن قائمة الفائزين إن تمت، دون أن يتم حصول البلدية على حقها كاملا من تعداد مجموع الجوازات، البالغ إحدى عشرة جوازا بدل خمسة جوازات، كان 118 شخص سيقترعون عليها، بالحجارة والرجم المسبق للحجاج المحتملين بدل الرجم في منى بالبقاع المقدسة! ولم تتوقف هذه التهديدات عند هذا الحد، بل تعداه إلى شبه اعتصام قام به الحجاج في الشارع، حيث مكثوا زمنا تحت أشعة الشمس الحارقة، تعبيرا منهم عن استيائهم الشديد لحرمانهم من الحصة كاملة، وأشار رئيس البلدية؛ أنه تم تحرير محضر بذلك، ولم يستبعد إمكانية أن يتم حرمان سكان الشيقارة من الحج، إذا لم تجر القرعة لغاية الساعة الخامسة بعد الظهيرة من مساء ذلك اليوم. عمال البلدية ليسوا بحاجة لقرعة الحج ولعل من بين ما ظل عالقا في ذهن الكثير ممن دخلت أسماؤهم قرعة موسم الحج الماضي في عاصمة الجنوب الغربي بشار، هي وقائع عملية القرعة التي أجريت بسينما البلدية في عاصمة الولاية، أين أسفرت عن قائمة تضمنت 250 مسجل من أصل 273؛ أي أن 23 المتبقية لم تشملهم تلك العملية، وهي ''الكوطة'' التي أكد الكثير بأن مير بلدية بشار، قد احتفظ بها لبعض أعضاء مجلسه والمقربين منه، دون إشعار مديرية التنظيم والشؤون العامة لولاية بشار، التي أبلغته بأن العدد الذي حددته الوزارة الوصية لبلدية بشار قد بلغ 275 حاج. غير أن بعض الأعضاء من المحسوبين على معارضة المير، كانوا قد أكدوا من جهتهم بأن الأعضاء المستفيدين من كرم رئيس مجلسهم، كانوا قد أبلغوا بدورهم بهدية المير قبل عملية القرعة بكثير، وهو ما أثبت فرضية التفاهم المسبقة بين المير وأعضائه، الذين تفاجؤوا فيما بعد بقرار الوالي الذي جمّد 23 جواز سفر، الأمر الذي لم يجد فيه الشارع البشاري وإلى غاية يومنا هذا تفسيرا لما اعتبره '' تبزنيس '' في أركان الإسلام. مؤذن يتزوج بعد فوزه في القرعة ويتحصّل على تأشيرة ثانية لها عادة ما تشهد عمليات القرعة الخاصة بالركن الخامس في الإسلام، المتمثل في حج بيت الله الحرام بمدينة سيدي بلعباس، حالة من السيسبانس تنجر عنها بعض الحوادث المميزة، مثلما حدث مع المؤذن المتطوع لمسجد الرحمة بحي بيران غرب المدينة العام المنصرم، أين استفاد من فرصة أداء مناسك الحج بعد أن تنازل له عنها أحد المصلين، والغريب في الأمر أن المؤذن أكد أمام جموع المصلين، أنه أعزب وبالتالي يحق له الزواج قبل الحج، مما دفع إمام المسجد بالمطالبة بجمع الأموال التي وجهت لإقامة زفاف المؤذن، الذي ظفر بتأشيرتين في ظرف قياسي زيارة البقاع المقدسة والدخول إلى القفص الذهبي. يغمى عليه لأن اسمه ظهر في القرعة كما شهدت قرعة الموسم الفارط إغماء أحد المترشحين، بعدما فقد الأمل في أن يكون ضمن قائمة الأشخاص المسحوبين لزيارة البقاع المقدسة، غير أن الورقة الأخيرة كانت مباركة عليه، ما جعله يفقد وعيه، نقل على إثره إلى مصلحة الإستعجالات الطبية، حادثة أخرى مميزة شهدتها قرعة الحج، تمثلت في سحب أحد المترشحين ثلاث مرات في ظرف ثلاثة أعوام متتالية، ذكر المعني بالأمر أنه توجه على إثرها مرتين إلى بيت الله، واحدة ثوابها لشخصه والأخرى عن أبيه المتوفى، في حين فضل منح البطاقة الثالثة لأخته الكبرى التي وافتها المنية، قبل أن تؤدي مناسك الحج. زوجة ''المير'' محظوظة في القرعة! أسفرت قرعة الحج لهذا الموسم على مستوى بلدية معسكر، على اسم حرم رئيس البلدية الجديد، الذي لم يتقبل ذلك الخبر السار، ورفض مرافقة زوجته إلى البقاع المقدسة، الأمر الذي يتعارض وسياسته في تسيير شؤون البلدية و العمل الحزبي، الذي يتطلب حسب المعلقين المراوغة والكذب الأبيض وما شابه ذلك، الملفت للإنتباه أن رئيس البلدية الذي نصب مؤخرا أعطى تعليمات صارمة للمشرفين على عملية القرعة، من أجل تحقيق الشفافية، ليرى اسم زوجه في قائمة المستفيدين من شرف زيارة الكعبة الشريفة، مؤكدا أنه ينتظر شكاوى في هذا الصدد، والقرعة لم تمض على سلام. عجوز عمرها 81 سنة شاركت في القرعة 11 مرة دون جدوى لم تتقبل عجوز في السن 81 من عمرها؛ النتائج التي أفرزتها قرعة الحج لهذا الموسم في بلدية معسكر، وأغمي عليها لعدة دقائق، كونها المرة الحادية عشر التي تدخل في المنافسة من أجل الظفر بزيارة البقاع المقدسة، ولم يسعفها الحظ، حيث طلبت من أحد الأشخاص الذي وجدته بالقرب منها، عن كيفية رفع شكوى ضد المشرفين على القرعة، وهل ستحظى بجواز السفر الحج إن احتجت؟ فقيل لها كل الأمور جرت على ما يرام، حتى الشكوى لا تنفع مع هؤلاء، فتساءلت عن السبب، قيل لها إن القرعة إجراء قانوني، فردت بلطف أن الله لا يترك أحدا حتى أنت، لم يكن يعرف أن العجوز تعرفه بأنه رئيس البلدية. قرعة الحج أم مسابقة يانصيب لم تعد الشعائر التعبدية مجردة من مفهومها كوقف، كما عهدنا ذلك من الأوائل في زمن قد ولى، كان فيه الحجيج هم قلة حملوه ثوبا ومعنى. الصورة هي أكثر ضبابية لدى حجيج اليوم، ممن غنموا دنياهم بمال صالح وآخر سيء، لطالما أن الإعتقاد السائد لدى الغالب منهم هو أن الذنوب ستتلاشى بمجرد الإقتراب من بيت إبراهيم عليه السلام. فالبداية كانت بالعثرات في إشارة لدورات القرعة التي تشرف عليها لجان مختصة بإشراف المجالس الشعبية البلدية. وتجري قرعة الحج وكأنها ضربة حظ لليانصيب، كونها لا تخلو من وجود تحايل لدى المودعين لملفات الترشح والمقتصرة على نسخة من بطاقة هوية، ومرفقة باستمارة تصريح شرفي، يتضمن الإشارة إلى أداء شعيرة مناسك الحج خلال 5 سنوات الأخيرة، وتتم المصادقة عليهما لدى مصلحة الحالة المدنية. ويذكر بعض ممن أوكلت إليهم مهام جمع الملفات، وتولي الإسهام لحظة إجراء القرعة، أنهم عادة ما يصادفون ملفات متشابهة، عمد أصحابها إلى ذلك لاقتطاع حظ وافر في القرعة. إلا أن اللجنة المشرفة مرغمة على الإبقاء على ملف واحد لكل مترشح لتعميم الإستفادة، إلا أن ذلك لم يمنع آخرين من إدراج ملفات زوجاتهم وأمهاتهم و حتى آخرين من غير ذوي القرابة. والحاصل أن حالات سلبية كثيرة تحدث قبل وأثناء إجراء القرعة؛ كإقدام بعضهم على تقديم تعهدات لبعض كبار السن، ممن يجبرون أنفسهم على تمني الفوز بتأشيرة الحج، رغم حالاتهم المرضية الحرجة، وهو عامل يستغله الباحثون عن ''لقب سي الحاج ''، نظير إغراءات مالية تمنح لكبار السن الذين قد يضطرون إلى بيع مقاعدهم. ويذكر أنه تم تسجيل حالات مماثلة؛ أين وصل سعر مقعد واحد في موسم الحج الماضي إلى 20 مليون سنتيم، عوض أن يجبر هؤلاء على تحمل متاعب مالية إضافية لدى وكالات السفر الخاصة، بسعر يناهز 38 مليون سنتيم!؟ في حين يبقى آخرون في حال ترقب لحصة الحشايم والمقربين التي عادة ما تهبها السلطات. حميد طمار يفشل في قرعة الحج هذا الموسم! تفاجأ عدد من مواطني بلدية المرادية في الجزائر العاصمة، من ذكر اسم وزير الصناعة حميد طمار في قائمة المشاركين في القرعة المخصصة لأداء الحج لموسم 2010، والتي جرت بمسجد الشهداء في البلدية، الطريف في القصة أن المواطن الذي يحمل نفس اسم وزير الصناعة، لم يكتب له هو وزوجته زيارة البقاع المقدسة هذا الموسم، بعد أن فشلا في القرعة وإنشاء الله سيكون الحج من نصيبهما الموسم المقبل.