يعرف النقل بالسكك الحديدية على مستوى ولاية ميلة عزوفا كبيرا من قبل الركاب، حيث سجلت مصالح النقل بالولاية تسعة ركاب فقط استقلوا القطار خلال سنة 2016، واتفق المسؤولون على أن سبب العزوف هو انعدام الخدمات و التسعيرة و التأخرات الكثيرة للقطارات، وكذا انعدام الأمن على مستوى محطتي نقل المسافرين بالقطار ببلدية التلاغمة و تاجنانت خصوصا ليلا. ويتم النقل عبر السكك الحديدية بولاية ميلة عبر خطين في اليوم فقط، الأول من قسنطينة باتجاه الجزائر العاصمة ذهابا على الساعة 6:40 ، وإيابا على الساعة 7:25 صباحا، أما الخط الثاني فهو في الفترة الليلية، بحيث ينطلق القطار من عنابة إلى الجزائر العاصمة ذهابا على الساعة 19:20 وإيابا على الساعة 19:40 مساء. محطتان خاليتان على عروشهما ليلا وبحسب العاملين بمصلحة محطة تاجنانت فإن استعمال النقل بالقطار ليلا من هذه المحطة شبه منعدم، و في الفترة الصباحية أي من خلال قطار قسنطينةالجزائر العاصمة، لا يتعدى معدل الركاب اليومي 4 ركاب فقط، أما محطة التلاغمة فتعرف نوعا ما مقارنة بمحطة تاجنانت إقبالا للركاب، بحيث قد يصل عددهم أحيانا في اليوم إلى40 راكبا، بحسب العاملين بها، لكن ا يبقى العدد بسيطا جدا بالنسبة للنقل بالسكة الحديدية من ولاية ميلة، وما يميز محطة التلاغمة حسب القائمين عليها عن محطة تاجنانت، هو إقبال المنخرطين في صفوف الجيش الوطني الشعبي العاملين بالتلاغمة على استعمال القطار للعودة إلى مناطق سكناهم، كما أن العديد من سكان التلاغمة تربطهم علاقات أسرية حسب محدثينا من المحطة بمنطقة القبائل والجزائر العاصمة، ما يجعل البعض منهم في المناسبات والعطل يحبذون التنقل بالقطار لزيارة معارفهم وأقاربهم، كما حدثنا السيد عباس رب أسرة وهو من أبناء بلدية التلاغمة ولكنه مقيم بمنطقة راس الواد بولاية برج بوعريريج، وجدناه بالمحطة بعد أن كان في زيارة لوالديه بالتلاغمة، أين تنقلنا إليها للوقوف على وضعية النقل بالسكك الحديدية هناك، حيث وصلنا إليها في حدود الساعة السابعة صباحا فوجدنا مجموعة من الأشخاص قرابة ال15 شخصا ، في انتظار قطار قسنطينة المتجه إلى الجزائر العاصمة، ووصلوا المحطة قبل السابعة صباحا ، من بينهم عائلات ومجموعة شبان قاصدين البحر بولاية بجاية عن طريق ولاية سطيف، حيث قالوا بأنهم لا يستقلون القطار إلا فترة الصيف ووجهتهم دائما البحر للاستجمام فقط، أما باقي أيام السنة فلا يستعملون إلا المواصلات الأخرى. تأخرات تفوق الثلاث ساعات ومسافرون بالتعود أما السيد عباس الذي قال بأنه معتاد منذ التسعينات أن يستقل القطار في تنقلاته، قال أنه يتوجه إلى الجزائر العاصمة لاستخراج الوثائق وما إلى ذلك، وأنه واصل ذلك حتى في السنوات التي كان استعمال القطار فيها خطرا كما قال، وهو إلى الآن يفضل التنقل به خصوصا مع عائلته ولكن في الفترة الصباحية، و ذلك رغم ما عدده من نقائص لنا منها عدم تجديد القطارات، انعدام الخدمات والنظافة على مستوى المحطات، بحيث لا تتوفر محطة التلاغمة إلا على قاعة انتظار صغيرة تستوعب عددا بسيطا فقط، كما انها لا تتوفر على مكيف هواء أو مدفئة، بالإضافة إلى أن غياب الأمن خصوصا ليلا، و هو ما يؤرق الزبائن، بحيث أصبحت المحطات مرتعا للمنحرفين، وهو ما أكده لنا عمال محطة تاجنانت التي زارتها النصر ليلا وكذا محطة التلاغمة ، وبحسب نفس الزبون فإن من من أسباب عزوف الركاب هو تأخر القطار عن موعده المحدد فالمدة مثلا من قسنطينة إلى الجزائر العاصمة تبلغ 08 ساعات بالقطار في حين عن طريق الحافلة خمس ساعات تكون كافية لبلوغ الوجهة، وهو ما صرح به من تحدثنا إليهم من عمال المحطتين والركاب. وقد وقفت النصر في محطة التلاغمة على تأخر بأكثر من نصف ساعة، حيث انطلق القطار بحسب القائم على مصلحة المحطة على الساعة 6:40 صباحا من قسطينة ووصل إلى محطة التلاغمة في حدود الساعة 8:09 سا، في حين تتطلب المسافة 54 دقيقة كما أفاد ذات المصدر، و أضاف أنه يسجل أحيانا تأخرا بثلاث ساعات وأكثر، وسبب ذلك وجود عدة مقاطع على طول السكة في وضعية سيئة تتطلب السير ببطء بدلا من السير السرعة اللازمة وهي 120 كلم في الساعة. خدمات بدائية وأسعار غير مغرية وأفاد أحد الركاب المتجهين من التلاغمة إلى الجزائر العاصمة ،وهو متقاعد من الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية في الجزائر العاصمة، التقته النصر في المحطة رفقة عائلته متجها نحو العاصمة، بأن المنطقة مهمشة من قبل شركة النقل بالسكك الحديدية، حيث أن نوعية الخدمات تختلف كثيرا عنها في الغرب، فهناك إهتمام كبير بالنقل بالقطارات من ناحية نوعية القطارات والخدمات المقدمة فيها، توزيع المستخدمين والعمال، تنظيم العمل والوتيرة، المحطات، وما إلى ذلك، كما أشار إلى أن مردودية الشركة بالغرب أحسن بكثير منها في الشرق الذي تعرف محطاته إهمالا كبيرا وكذا القطارات والسكة الحديدية عموما ، وبالكاد تحصل الشركة على قيمة الوقود فقط. ومن الطبيعي كما أضاف أن يكون عزوف الركاب عن استعمال النقل بالسكة الحديدية مع الغياب شبه التام للتسويق الجيد للشركة في هذه الناحية تحديدا، كما أن الأسعار تعتبر مرتفعة مقارنة بالنقل بالحافلات والمواصلات الأخرى، كذلك أكد على التأخير الكبير المسجل دائما، و الحالة المزرية للمحطات من انعدام للأرصفة، وعدم إعادة الاعتبار لها ، وقلة المستخدمين فيها، وحتى الأدوات المستعملة من قبل العمال للإشارة وتوجيه القطار قبل دخول المحطة كما أفاد العمال لاتوجد وهو ما وقفت عليه النصر في معاينتها لمحطة التلاغمة، و كلها عوامل ساعدت على تنفير الراكب لا تحفيزه لاستعمال القطار في تنقلاته، إلا فئة محدودة جدا اعتادت استعماله من قبل. مدير النقل رفيق بعيط ضعف التسويق ومنافسة الوسائل الأخرى أثرا على النقل بالسكك الحديدية مدير النقل لولاية ميلة السيد رفيق بعيط ، أرجع أسباب عدم استعمال المسافرين للقطار في تنقلاتهم، رغم توفر ولاية ميلة على ثلاث محطات، اثنين منها بكل من تاجنانت و التلاغمة لنقل الركاب، ومحطة ثالثة بمشتة العربي بشلغوم العيد لنقل البضائع فقط، إلى سببين أحدهما يتمثل في مؤسسة النقل بالسكك الحديدية التي تحتاج خطة تسويقية جيدة، وثانيهما هو عامل المنافسة من قبل وسائل النقل الأخرى. فبالنسبة للمؤسسة يقول السيد بعيط، أن عدم الانتظام من حيث الوتيرة والتوقيت، وكذا برمجة الرحلات تسببا في نفور المسافرين وتوجههم إلى المواصلات الأخرى، مضيفا بأنه لابد من إعادة النظر في نوعية الخدمات والأخذ بعين الاعتبار في مخطط النقل بالسكة الحديدية حاجيات الولاية حتى يتم تفادى نقص الإقبال كما هو الحال سنة ، 2016 التي أفاد بأن تسعة فقط من ولاية ميلة استقلوا القطار خلالها ، كما اعتبر أن غياب مديرية فرعية للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بالولاية حال دون الوقوف على الحاجيات والنقائص المسجلة بميلة، وأضاف بأن وجود مسلك وحيد ، حال دون رفع الوتيرة لأكثر من خطين في اليوم، ليشير إلى وجود مشروع هام لازدواجية السكة يجري تجسيده، بلغ الشطر العابر لولاية ميلة ، المشروع يمتد من ولاية سطيف الى القرزي بولاية أم البواقي ، وهو حاليا في مراحله النهائية ما سيسمح بزيادة عدد الرحلات بالنسبة للبضائع والركاب، حسب ما أكده المسؤول. أما السبب الثاني المؤدي لعزوف المسافرين عن القطارات حسب ذات المسؤول فيكمن في عامل المنافسة، بحيث أن باقي المواصلات الأخرى وتحديدا الحافلات عوضت ذلك الفراغ الذي سببه ضعف أداء شركة النقل بالسكك الحديدية، خصوصا بعدما عرفته المواصلات الأخرى من تطور كبير ، حيث توفر الرفاهية إضافة إلى عاملي السرعة والخدمات، بالإضافة إلى التسعيرة المنخفضة مقارنة بتسعيرة القطارات ( 220دج لكل 100 كلم بالنسبة للقطار ) والتي يجب حسبه إعادة النظر فيها وإن كانت تختلف بين التنقل صباحا وليلا، حيث أين تنخفض بقرابة 30 في المئة. واعتبر المسؤول أن كل تلك الأسباب التي تطرق لها رسخت تغييب ثقافة اعتماد القطار كوسيلة نقل رئيسية، كما كان الحال في السابق، ويرى أن عودتها تتطلب توفير عنصر الأمان بالمحطات بعد إعادة الاعتبار لها و تفعيل الجانب التسويقي لشركة النقل بالشكل المطلوب حتى تحقق المردودية الكفيلة بإستعادة المسافرين، مشيرا في نفس الوقت، إلى إمكانية تغيير مسارات بعض الخطوط لتمر على محطات القطار بالولاية لتسهيل تنقل المسافرين إليها. إ.م