الموالاة تجدّد الدعم و المعارضة تطالب بحوار شامل لمناقشة الأزمة جددت أحزاب الموالاة في المجلس الشعبي الوطني دعمها ومساندتها لمخطط عمل الحكومة، ولكل ما جاء فيه من مقترحات لتجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد، بينما انتقدت أحزاب المعارضة محتوى المخطط الذي عرضه الوزير الأول أحمد أويحيى، ودعت مقابل ذلك إلى فتح حوار سياسي شامل بين جميع الشركاء واللجوء إلى حلول أخرى متوفرة في هذا الظرف بالذات. أنهى نواب الغرفة السفلى للبرلمان أمس مناقشة مخطط عمل الحكومة بعد ثلاثة أيام من التداول، بتدخل رؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب الممثلة في الغرفة، وهي عشر كتل في المجموع، وقد جددت أحزاب الموالاة بقوة دعمها ومساندتها للمخطط الذي قدمه أويحيى قبل ثلاثة أيام، و أبدت استعدادها للمساهمة في تجسيده على أرض الميدان، ولم تفوت الفرصة للرد على ما بدر من أحزاب المعارضة من انتقادات سياسية، واصفة إياهم بدعاة البلبلة. وعلى هذا النحو فقد أصطف رؤساء الكتل البرلمانية لكل من حزب جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، تجمع أمل الجزائر و الحركة الشعبية الجزائرية معا للدفاع عن المخطط وبخاصة ما جاء به من حلول لتجاوز الأزمة المالية الحالية على غرار التمويل غير التقليدي، ورأوا أنه الحل الوحيد في الوقت الحالي الذي سيمكن من الحفاظ على السيادة المالية للبلاد، وقد انضم نواب كتلة الأحرار إليهم، حيث عبر رئيسها أمين عصماني من جانبه عن دعم مخطط الحكومة على الرغم من بعض التحفظات، ودعم كل نقاط القوة فيه. وفي البداية دافع رئيس الكتلة البرلمانية للآفلان السعيد لخضاري عن إنجازات رئيس الجمهورية منذ سنة 1999، وقال للذين انتقدوا تغيير الحكومة في ظرف ثلاثة أشهر أن لا صوت يعلو فوق صوت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مضيفا بأن هذا الأخير يمارس عمله وصلاحياته وقد كان حاضرا في العديد من المناسبات آخرها مجلس الوزراء الأخير، مضيفا أن المعارضة لابد أن تحترم الأغلبية، وأن الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي تحاول فيه الأقلية التحكم في الأغلبية. وواصل انتقاد المعارضة بالقول بأن الحكومة صارحت الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادي والمالي، لكن المعارضة لم تقدم أي حل أو بديل لهذا الوضع، ودافع في السياق عن الأحكام التي جاء بها مخطط عمل الحكومة وبخاصة آلية التمويل غير التقليدي، مؤكدا أنه الحل الوحيد في هذا الظرف بالنظر لحدة الأزمة وتحديات الوضع الدولي الحالي على جميع المستويات. و قال رئيس الكتلة البرلمانية للأرندي بلعباس أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منتخب من الشعب في 2014، مجددا في ذات الوقت دعم حزبه للحكومات المتعاقبة منذ سنة 1999 وعن البرامج التي انجزتها، مؤكدا أن أويحيى صارح الجزائريين بالوضع الاقتصادي الحقيقي، ولذلك لا داعي للمزايدة من أقطاب المعارضة التي تحاول زرع الخوف وتجاهل ما أنجز، كما لم يفوت الفرصة للرد عمن أسماهم دعاة البلبلة في إشارة لنواب المعارضة الذين طالبوا بحل سياسي للأزمة. وعبر مصطفى نواسة رئيس كتلة حزب تجمع أمل الجزائر عن الدعم الكامل لخطى الوزير الأول، داعيا في السياق إلى تطوير حملات التواصل مع الشعب في ظل حملات التشويش والتشويه، مشيرا أن الوضعية الحالية تقتضي توحيد الصف وتجنيد كل القوى الحية للبلاد والاشتراك في إحقاق هدف واحد يتمثل في تحقيق وثبة وطنية تضعنا في مأمن من كل الأخطار. أما رئيس كتلة الحركة الشعبية الجزائرية بربارة الشيخ فقد عبر صراحة عن دعم نواب حزبه للجوء إلى التمويل غير التقليدي، واعتبر هذا الإجراء حتمي في المرحلة الحالية الراهنة لتفادي العودة للمديونية الخارجية مع ضرورة مرافقة ذلك بإصلاحات اقتصادية عميقة ودقيقة، وإجراء إصلاحات عميقة، وحل مشكل العقار، وعصرنة البنوك وفتح حوار شامل حول المدرسة، معلنا التصويت بالثقة على المخطط. في الجهة المقابلة انتقد رؤساء الكتل البرلمانية للمعارضة مضمون مخطط عمل الحكومة والإجراءات التي جاء بها لمواجهة الأزمة المالية الحالية التي تمر بها البلاد، ورأى ناصر حمدادوش رئيس كتلة تحالف حركة مجتمع السلم أن الأزمة الاقتصادية ليست أزمة أموال، بل أزمة إنتاج، وهي أزمة سياسة نقدية وليست أزمة سيولة نقدية، مضيفا أن اللجوء إلى التمويل غير التقليدي ليس عيبا في حد ذاته من حيث المبدأ، إنما اللجوء إليه في الظرف الحالي وفي غياب المرافقة التي تسمح بنجاحه مثل التوفر على احتياطي معتبر من الذهب، و تحقيق قيمته الاقتصادية الحقيقية وتحقيق الاستثمار سيشكل تهديدا حقيقيا إذا لم يحقق النمو، ولن تكون نتائجه سوى السقوط الحر لقيمة الدينار، والركود الاقتصادي، وارتفاع نسبة البطالة، وارتفاع التضخم وانهيار القدرة الشرائية للمواطن، ودعا في النهاية إلى حل سياسي شامل وفتح حوار وطني شامل بإرادة سياسية صادقة تشارك فيه جميع الأطراف. أما شافع بوعيش رئيس كتلة الأفافاس فقال من جهته أن الأزمة الحقيقية تتطلب حلا حقيقيا، وأن الأزمة الحادة تقتضي إجماعا وطنيا وتقوية مؤسسات الدولة، مشيرا أن الحل الذي جاءت به الحكومة للأزمة المالية غير منطقي لأنه لا يمكن مقارنة الاقتصاد الوطني باقتصاديات الدول العظمى، مطالبا هو الآخر بحوار وطني يشارك فيه كل الفاعلين للنظر حول طبيعة الأزمة، ومجددا المطالبة بتحقيق إجماع وطني. ورافع جلول جودي رئيس كتلة حزب العمال عن حلول بديلة متوفرة بين أيدي الحكومة حاليا بدلا من اللجوء للتمويل غير التقليدي، مثل تحصيل الجباية، واسترجاع القروض البنكية غير المسددة المقدرة حسبه ب 8 آلاف مليار دينار، ومكافحة تضخيم الفواتير في التجارة الخارجية، والكف عن الإعفاءات الجبائية لرجال الأعمال، وتحصيل الحقوق الجمركية غير المحصلة، وختم بأن الوضع الحالي يتطلب إجراءات تهدئة وفتح حوار عميق بين جميع الأطراف. وهي نفس المقترحات التي عبر عنها تقريبا لخضر بن خلاف رئيس كتلة تحالف النهضة- العدالة والبناء الذي دعا الحكومة إلى إعادة النظر في التحصيل الجبائي الحالي، واعتماد مقاربة قضائية في معالجة ملفات التهرب الضريبي، وإخضاع أموال السوق الموازية، واسترجاع القروض التي منحت دون ضمانات، وبعث إصلاحات جذرية على المنظومة المصرفية، ونشير في هذا الصدد أن كل الكتل تقريبا من الموالاة والمعارضة ألحوا على ضرورة إصلاح المنظومة المصرفية للبلاد وتحديثها. كما تطرق بعض رؤساء الكتل في تدخلاتهم أمس عند نهاية النقاش حول مخطط عمل الحكومة لملفات أخرى مثل حذف البسملة وغيرها، وضرورة فتح حوار عميق حول المدرسة، و رد رؤساء كتل الموالاة على المعارضة بخصوص النقاش السياسي الدائر حاليا. وسيرد الوزير الأول أحمد أويحيى غدا الخميس على جميع تساؤلات واستفسارات النواب على أن يتم التصويت في ذات اليوم على مخطط العمل الذي قدمه.