نزلاء مؤسسات عقابية يظهرون مهارات كبيرة في الحرف التقليدية نظمت غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية البليدة، بالتنسيق مع مصلحة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين والوكالة الوطنية للقرض المصغر، معرضا لمنتجات نزلاء ونزيلات المؤسسات العقابية بمركز الإعلام الإقليمي بباب السبت، و قد أظهرت المنتجات المعروضة بأن نزلاء ونزيلات المؤسسات العقابية استطاعوا أن يبدعوا ويثبتوا للمجتمع بأن أخطاءهم التي جرتهم إلى السجون، ليست عائقا يمنعهم من العودة إلى أحضان المجتمع والاندماج فيه من جديد. تنوع المنتجات المعروضة ونوعيتها الجيدة يبينان بأن هؤلاء النزلاء و كذا المفرج عنهم ، يملكون مهارات كبيرة في ميادين مختلفة، و لم يكن السجن بالنسبة إليهم مكانا لقضاء العقوبة فحسب، بل تحول إلى مؤسسة للتربية والتكوين في الحرف المختلفة، حيث تراوحت منتجات المحبوسين و المفرج عنهم الذين تلقوا الدعم من طرف مصلحة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، بين الزخرفة على النحاس والزجاج، الأواني الفخارية، الخياطة والطرز، الحدادة، النجارة الفنية، الأرائك، الفنون التشكيلية، و بعض هذه المنتجات النادرة أوغير المتوفرة في السوق كالأواني النحاسية المزخرفة. ويهدف هذا المعرض الذي تتواصل فعالياته لمدة ثلاثة أيام ، حسب مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية البليدة رضا بن سالم، إلى التعريف بمنتجات المحبوسين و المفرج عنهم، إلى جانب المساهمة في إعادة إدماجهم وتشجيع النزلاء الذين أفرج عنهم على خلق مؤسسات مصغرة، وبالتالي إعادة الاندماج في المجتمع. وأوضح نفس المتحدث بأن النزلاء و المفرج عنهم يجدون كل التسهيلات والدعم للمرافقة، بعد مغادرة المؤسسات العقابية، لإنشاء مؤسسات مصغرة أو تعلم الحرف المختلفة، مشيرا إلى أن المنتجات التي عرضت بهذا المعرض، تمثل أغلبها انجازات النزلاء أو المفرج عنهم، مضيفا بأن السجن أو قضاء العقوبة لم يكن بالنسبة للكثير من هذه الفئة حاجزا أمام العودة لأحضان المجتمع و خلق مشاريع مصغرة. و تشير الإحصائيات المقدمة من طرف المؤسسة العقابية بالبرواقية بولاية المدية، إلى أن عدد المحبوسين المؤهلين الذين استفادوا من تكوين في إطار الاتفاقية المبرمة بين المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وغرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية المدية، وصل إلى 2050 نزيلا في الفترة بين 2011وسبتمبر2017، وأشارت نفس الإحصائيات إلى تلقي30 نزيلا تكوينا في ميدان الحدادة، و 30 نزيلا آخر في ميدان النجارة الفنية، إلى جانب 10 نزلاء تلقوا تكوينا في ميدان الصناعة والفخار والحرف، و10 نزلاء في ميدان الأرائك، ليصل بذلك العدد الإجمالي للمتربصين إلى 100 نزيل خلال نفس الفترة، وفي نفس الوقت تلقى 80 نزيلا بالمؤسسة العقابية بالبرواقية، تكوينا في منهجية كيفية إنشاء مؤسسة مصغرة. نزيلة سابقة تنشئ مؤسسة مختصة في التنظيف والتطهير كانت لنا على هامش المعرض المخصص لمنتجات نزلاء المؤسسات العقابية والمفرج عنهم، لقاء مع نزيلة سابقة بمؤسسة عقابية في الثلاثينات من العمر، عرضت على مستوى أجنحة المعرض نشاطات مؤسستها المصغرة المختصة في التنظيف والتطهير والصيانة، قالت لنا بأن الانطلاقة كانت صعبة بالنسبة إليها، للاندماج من جديد في المجتمع بعد مغادرة المؤسسة العقابية، لكن بعد أن خضعت لمتابعة لدى أخصائية نفسانية بمصلحة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، اقتنعت بضرورة العودة إلى أحضان المجتمع، وتلقت التشجيع من طرف الأخصائية النفسانية لانجاز مشروع خاص بها. و أضافت نفس المتحدثة بأنها حصلت بعد مغادرتها المؤسسة العقابية على البراءة من العدالة، لكنها رفضت العودة إلى المنصب الإداري الذي كانت تشغله وفضلت إنشاء مؤسسة مصغرة، و فكرت في مؤسسة مختصة في التنظيف والتطهير، حيث حصلت على دعم مالي من طرف الوكالة الوطنية للقرض المصغر يقدر ب100مليون سنيتم، كما تلقت كل التسهيلات من طرف مصلحة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين. و تابعت نفس المتحدثة بأن هذه المؤسسة أنشئت في سنة 2014، وتوظف اليوم عددا من العاملات في ميدان التنظيف، في حين لم تخف أنها واجهت صعوبات كبيرة في الحصول على اتفاقيات مع المؤسسات العمومية، حيث تشترط عليها دائما خبرة 03 سنوات ، وقالت بأن هذه العراقيل التي تقف في وجهها، حالت دون توسيع شركتها، وما تقوم به حاليا من أعمال يقتصر فقط على اتفاقيات مع خواص أو أعمال تنظيف بمنازل المواطنين، وناشدت المسؤولين التدخل لمساعدتها في الحصول على مشاريع لشركتها من مؤسسات عمومية. بجوار هذه الفتاة ،كان نزيل سابق بمؤسسة عقابية في الأربعينات من العمر يعرض منتجاته التقليدية، اقتربنا منه فحدثنا عن منتجاته النادرة المتمثلة في أحذية مصنوعة بخيط شباك البحر المخصص للصيد، و قال محدثنا الحامل للجنسية العراقيةوالجزائرية، بأن حرفته تعتبر موروثا عراقيا يوشك على الاندثار، و يرمي بجذوره عبر حضارات العراق المتعاقبة من الأشورية، و البابلية إلى السومرية. و أضاف بأن هذا الإرث الثقافي نقله من العراق إلى الجزائر، ويعتبر الحرفي الوحيد في الجزائر الذي يصنع أحذية من هذا النوع، مشيرا إلى أن هذه الحرفة قد تراجعت بشكل كبير في العراق، مؤكدا بأنها تعتبر مصدر رزقه الوحيد، وصناعتها لا تتم إلا بطلبيات مسبقة ولا تعرض للبيع في المحلات. و أشار المتحدث إلى أن الطلبات على هذا النوع من الأحذية، يكثر بشكل لافت خلال فصلي الصيف والربيع، وأضاف بأن هذه الأحذية تحتاج في صناعتها إلى صبر كبير، حيث قد يستغرق صنع حذاء فترة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين، لكنه يمتاز بجودته العالية، كما أن هذه الأحذية صحية تناسب كثيرا المصابين بداء السكري، وعن أسعارها يقول بأنها تتراوح بين 05 و 10 آلاف دينار. ودعا نفس المتحدث الشباب الجزائري إلى تعلم هذه الحرفة النادرة، قائلا بأن أبوابه مفتوحة بمحله التجاري الكائن بغرفة الصناعات التقليدية والحرف بأولاديعيش، لنقل هذه الحرفة إليه، و أكد نفس المتحدث بأن قضاء العقوبة بالمؤسسة العقابية، لم يكن عائقا أمامه للاندماج والعودة إلى المجتمع وترك بصمته فيه.