يمكن للمشاهد أن يلاحظ وبسهولة عاملا مشتركا بين ثلاثة مسلسلات جزائرية تبثها قنوات مختلفة، تخوض سباق رمضان الجاري، و هي العودة إلى حقب غابرة من خلال رحلات خيالية عبر الزمن، و تتمثل هذه الأعمال في «عنتر ولد شداد» للمخرج نسيم بو معيزة و «بوقرون « للمخرجة ريم غزالي و «بيبان دزاير». لا يمكن أن نجزم بأن اختيار هذا المحور المشترك جاء بمحض الصدفة، أو مجرد توارد خواطر، لكنه حتى و إن كان مستنسخا، فيعتبر تغييرا و تجديدا ، أبعدنا و لو عبر ثلاثة أعمال عن المواضيع المستهلكة في الدراما الجزائرية التي ارتبطت بالشهر الفضيل و تتمثل عادة في مشاكل الزواج و الطلاق و الصراعات حول الميراث أو حضانة الأبناء أو الإدمان على المخدرات، لكننا لا يمكن إلا أن نلاحظ بأن المسلسلات مشبعة بتأثير «عاشور العاشر» و أفكار و بصمات مخرجه جعفر قاسم . «عنتر ولد شداد» ، مسلسل اجتماعي كوميدي من 30 حلقة،يدخل ماراتون رمضان عبر التليفزيون الجزائري العمومي، و هو من إخراج نسيم بومعيزة و سيناريو و حوار سفيان دحماني ، من بطولة نجم سيت كوم «بييش و بيبيشة» مروان قروابي، الذي يتقمص شخصية عنتر ولد شداد، و الممثلة منال قوقام التي تؤدي دور عبلة ، و يشارك فيه كوكبة من الممثلين، على غرار فوزي سايشي و عنتر هلال و الطيب دهيمي و حمزة حمودي و نسيمة شمس و غيرهم. المسلسل الذي أنتجته محطة قسنطينة للتليفزيون ،تم تصويره بمنطقتي بسكرة و قسنطينة، و يتناول قصة الشاب عنتر ولد شداد الذي يعيش مع خاله المخترع و يضع هذا الأخير مجموعة من التعليمات تحظر الاقتراب أو لمس الأجهزة التي اخترعها و يضعها في مرآب خاص ، و من بينها آلة السفر عبر الزمن، لكن الفضول يقود عنتر ذات يوم إلى تجريب الآلة ، فيجد نفسه في العصر الجاهلي. و يعيش المشاهد مع عنتر عبر حلقات العمل الكثير من المغامرات في قالب مليء بالإثارة و التشويق و «سوسبانس»، و أيضا روح الفكاهة الخفيفة، حيث يجد الشاب نفسه وسط صحراء شاسعة يسكنها قوم يرتدون ملابس غريبة و يتصرفون بغرابة، لكنهم يتحدثون العربية الفصحى، و يعيش هناك قصة حب متجددة مع الحسناء عبلة، و تخترق قصتهما الأزمنة عندما يعيده خاله إلى العصر الراهن رفقة حبيبته و أهلها. و هناك رحلة أخرى عبر الزمن يسرد تفاصيلها مسلسل «بوقرون»، الذي يعرض عبر قناة خاصة، العمل الذي صور بتونس ، يجسد سابقة تتمثل في كون بطلته هي أيضا المنتجة و المخرجة و كاتبة السيناريو ، و يتعلق الأمر بالفنانة ريم غزالي، كما ينفرد بكونه العمل الجزائري الوحيد الذي يعرض في فضائية عربية وهي»أم بي سي 4» و باللهجة العامية الجزائرية. العمل يواكب موضة الرحلات عبر الزمن التي جسدتها مسلسلات هذا الموسم، حيث يخترق مسعود ، و يتقمص شخصيته الممثل حميد عاشوري، آلاف السنين في رحلته الزمنية الغريبة و يجد نفسه في مملكة بوقرون الأسطورية في عصر غابر ، تحت رحمة الملكة هيدورة و تجسد الدور الفنانة المتعددة ريم غزالي، في أكبر تحد في مسارها الفني. أما مسلسل «بيبان دزاير» الذي تراهن عليه قناة خاصة ، فيعتمد على اختراق الزمن في رحلة ليست بطول سفر «عنتر ولد شداد» و «بوقرون»، إذ تبين أزياء الممثلين و ديكور المنازل و المرافق و مختلف المشاهد ، بأن أبطاله و يتقدمهم مراد صاولي و نجم «آراب كاستينغ» زبير بلحور، حطوا الرحال في الجزائر خلال القرن 18 فقط . العمل الذي يمكن أن يصنف ضمن الفانتازيا التاريخية الكوميدية، من إخراج ياسر كردي و السيناريو و الحوار لنور الدين أوغليسي . هذه الأعمال لم تكن في منأى عن آلة النقد خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، بعد ان اعتبرها البعض استنساخا لعاشور العاشر وقال عنها آخرون أنها تفتقر للحبكة وتعتمد على الكوميديا غير المدروسة فيما وضعت علامات استفهام حول الأزمة المختارة خاصة ب «بوقرون».