وكأننا في كل مرة نتسرع في الحكم على عمل تلفزيوني، سواء بالإيجاب أو بالسلب، ورغم أننا نحاول قدر الإمكان التحلي بالموضوعية فإننا غالبا ما نقع في الفخ، وهذا ما حدث مع سلسلة "بوقرون" التي أخرجتها ريم غزالي، ليس بالفظاظة التي تلقتها ريم من قبل الإعلام سنكتب المقال بل سنفعل بما هو لائق بعد أن تم عرض حلقاته كاملة. انتهى عرض سلسلة "بوقرون"، ويبدو أن ريم غزالي تسرعت في خوض غمار عمل رمضاني مركب، صحيح أنها تعرضت للخيبة من قبل الطاقم الذي بدأت العمل معه في البداية بتونس وشرحت كواليس التصوير من خلال فيديو على موقع "يوتوب"، وقالت أن العمل تم انتقاده منذ حلقته الأولى بلا سبب ودون مشاهدة، مضيفة أنها ناضلت من أجل أن يرفع اسم الجزائر عاليا، داعية كل من انتقدها بأن يرافقها خلال إنجازها لأي عمل تقوم به وقتها سيعرفون كيف تقدم كل وقتها وجهدها من أجل إنجاح العمل والمضي قدما، مشيرة أنها دخلت التاريخ بعرض "بولقرون" على قناة "أم بي سي" الرابعة، مؤكدة أنها فرضت نفسها في المشرق والخليج. يظهر لأول وهلة التشابه بين "بوقرون" من إخراج ريم غزالي والمسلسل الأمريكي الشهير "صراع العروش"، بداية بشكل المملكة التي تشبه الكون الخيالي الذي يسمى "العالم المعروف" بالنسخة الأمريكية، وصولا إلى اللباس وشكل الممثلين، فالملكة "هيدورة" صاحبة المملكة تؤديها الممثلة ريم غزالي حيث تظهر بشعر طويل أصفر ما يجعلها تشبه بطلة "صراع العروش" دنيرس تارجارين، وهي شخصية بارزة في القصة واعتبرت أحد أروع الإبداعات والشخصية الأكثر شعبية، وقد ظهرت في كل المواسم الستة، بالإضافة إلى اللورد القائد لحرس الليل ملك الشمال "بوزلوف" الذي يشبه "جون سنو". ويظهر تشابه آخر في كون قصة السفر عبر الزمن اعتمدها المخرج جعفر قاسم في إحدى حلقات "ناس ملاح سيتي" عندما يسافر كمال بوعكاز إلى زمن هارون الرشيد وتجري أحداث كوميدية على مدار حلقتين فقط. ورغم أن "بوقرون" سلسلة جزائرية بحتة من حيث التمثيل والإخراج، وكل ما تعلق بالموارد البشرية والإمكانيات المادية واللوجيستية بأحدث التقنيات السينمائية في الإخراج والمعالجة، وقد تكفلت ريم غزالي بالإنتاج والإخراج. صورة الفيلم جميلة والديكور بهيّ خدم الموضوع وانصاع لزمن النص الذي كان بين عامي 2018 ميلادي و30 ألف سنة قبل الميلاد. لكن في الوقت ذاته قصر الحلقة كان ملحوظا، كما أن نص العمل يبدو فارغا فالسيناريو ليس قويا وليس حتى مفهوما، كأنها مجموعة قصص ملتصقة ببعضها دون وسيلة تواصل. "بوقرون" سلسلة فكاهية تروي على مدار 28 حلقة قصة "مسعود" وهو عالم فيزيائي الذي يترك رسالة لعائلته بعد أن وجد طريقة للسفر عبر الزمن، فكتب لهم أنه سيذهب لوقت قصير ثم يعود ثم حدد رحلته إلى عام 30 ألف ميلادي، لكن وبوجود خطأ لم يحسب له حساب فيجد نفسه في عام 30 ألف سنة قبل الميلاد، وهناك يصيبه الهلع خاصة عندما يعتقد سكان مملكة "بوقرون" وعلى رأسهم الملكة هيدورة أنه ساحر بعد أن اخترق أمان المملكة خاصة وأنه وجد نفسه في غرفة الملكة عند وصوله. "مسعود" الذي لا يعرف كيف يدافع عن نفسه، خاصة وأنه وقع في ظروف لم تخطر بباله يوما، تأمر الملكة هيدورة بسجنه حتى تتحقق من هويته، وهو لا يتوقف عن الصراخ بأنه عالم وليس ساحرا وأنه جاء في رحلة استكشافية بعد أن وجد طريقة للسفر عبر الزمن، وراح يشرح أنه كان يود الذهاب إلى المستقبل غير أنه قدِم إلى مملكتهم عن طريق الخطأ، لكن لم يصدقه أحد، وعندما رأت الطباخة "لوبيا" وشما يشبه الحية وراء أذن مسعود هرعت إلى الملكة تخبرها أن شكوكها في محلّها ويمكن أن يكون مسعود ساحرا أرسلته عدوتهم ملكة مملكة "الحية" التي ترغب في الاستيلاء على عرش الملكة هيدورة، وعندما همت هيدورة بإعدامه بالسيف تبين لها أنه ليس وشما وإنما بقعة أو وحمة تأتي من الولادة، فتتوقف لكنها تبقيه في السجن، إلى أن يطلب منها بوزلوف أن تستغل خبرته وعلمه وتختبره في آن واحد من أجل أن يصنع دواء فعالا ل"بوقرون" الذي كشفته الأحداث حينها وهو عبارة عن كبش بقرون كبيرة، في انتظار ما تسفر عنه الحلقات القادمة. من جانب آخر، قدمت السلسلة الخيالية "بوقرون" رسالة صريحة عن الجزائر بأنها بلد جميل ورائع، فعندما سألت الملكة هيدورة مسعود عن مملكته قال بأنها ليست مملكة وإنما هي "الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية"، ووصفها ببلد جميل فيه البحر والشمس والصحراء وكل الجمال. وجمع العمل أسماء مميزة في الكوميديا الجزائرية على غرار حميد عاشوري وكمال بوعكاز اللذان كانا يجتمعان في أعمال عديدة في سنوات مضت، بالإضافة إلى نوال زعتر وريم غزالي التي أثبتت أنها ممثلة كوميدية في المستوى إلى جانب موني بوعلام، وكذا الممثلة فريدة كريم والممثل فوزي صايشي، دلال، وكذلك فنانين من الجيل الجديد على غرار إسلام زنغا، عادل إيبيزا، زكار محمد وغيرهم من الفنانين الشباب. يُذكر أن "بوقرون" يُبث إلى جانب قناة "الشروق"، بقناة "أم بي سي" الرابعة وهي لأول مرة تعرض عملا جزائريا في شهر رمضان، ورغم أنه فرصة للدول العربية الأخرى لاكتشاف بعض من الأعمال الجزائرية، سيشغلنا الحكم عليه من قبل الإعلام العربي خاصة مع طغيان الجوانب الضعيفة فيه، كما أنه لم يعتمد على الترجمة ما يجعلنا نتساءل إذا ما كان الجمهور العربي سيفهمها. رغم تسرع ريم غزالي في هذا العمل، يبقى من حقها التجربة في الميدان الذي تحبه وتعمل به، لكن التمهل ودراسة الأمر كفيلان بأعمال جيدة مستقبلا.