قرر مكتب المجلس الشعبي الوطني إرجاء مشروع النظام الداخلي له ودراسة التعديلات المقترحة عليه إلى وقت لاحق استجابة لرغبة معظم الكتل البرلمانية التي طالبت بتأجيل هذا المشروع، وهذا بعد النقاش الحاد والجدل الكبير الذي أثير حول بعض مواده خلال المناقشة بداية الأسبوع. فرضت المجموعات البرلمانية الممثلة في المجلس الشعبي الوطني وبخاصة كتلة حزب جبهة التحرير الوطني منطقها بخصوص مشروع النظام الداخلي للمجلس المثير للجدل، فقد قرر مكتب المجلس المجتمع أول أمس الخميس برئاسة السعيد بوحجة إرجاء هذا المشروع وكذا دراسة التعديلات المقترحة عليه والبالغ عددها 133 تعديلا إلى وقت لاحق. و حسب بيان المجلس فإن هذا التأجيل جاء «نزولا عند رغبة أغلبية المجموعات البرلمانية ومن أجل التوصل إلى إعداد نص متكامل ومنسجم ومحل توافق»، بالمقابل درس مكتب المجلس 73 تعديلا خاصا بمشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية وأحالها على اللجنة المختصة. ومعلوم أن مشروع النظام الداخلي للمجلس الذي ناقشه النواب على مدى يومين( الاثنين والثلاثاء الماضيين) كان قد أثار جدلا واسعا بسبب بعض المواد التي وردت فيه والتي رأى أغلبية النواب أنها مهينة لهم وغير لائقة، على غرار المادتين 68 و 69 المتعلقتين بمسألة الغيابات والعقوبات المترتبة عنها مثل الخصم من الراتب والحرمان من امتيازات أخرى. وعليه فقد عبر أغلبية النواب من المعارضة و من الموالاة أيضا عن رفضهم لمثل هذه المواد ودعوا إلى تعديلها، وهي المواد التي طمأن رئيس المجلس السعيد بوحجة بأنه سيتم تهذيبها وتعديلها خلال الصياغة النهائية للمشروع، داعيا النواب إلى تقديم المقترحات العملية بشأنها و عدم الاكتفاء بالنقد فقط. لكن الملفت أن الانتقاد الأكبر للمشروع جاء من طرف نواب الآفلان، و كما هو معلوم فإن رئيس الكتلة البرلمانية لهذا الحزب السعيد لخضاري هو من طالب بتأجيل المشروع وأخذ الوقت الكافي لإعداده حتى ولو تطلب الأمر أشهرا لذلك، وهذا خلال تدخله في جلسة المناقشة، لكن رئيس المجلس السعيد بوحجة رد عليه بعد ذلك مباشرة بالقول أنه لا بد من احترام آجال التصويت على النص. لكن في الواقع فإن الصراع بين السعيد بوحجة وأغلبية نواب كتلته البرلمانية كان واضحا، حيث يتهم العديد من نواب الآفلان وبخاصة رؤساء اللجان بوحجة بالاستفراد بإعداد المشروع- حسبهم، منتقدين ما جاء به فيما تعلق بعمل وصلاحيات اللجان الدائمة من بين مجموعة أخرى من الانتقادات. لكن بوحجة عمد إلى منح الكلمة في ختام النقاش لرئيس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات نزار الشريف لتقديم توضيحات حول كيفية إعداد المشروع، وفيها أكد هذا الأخير أن اللجنة لم تتسرع و أخذت كل وقتها من أجل الخروج بالصيغة التي قدمت للنواب، مضيفا أن المواد التي تتحدث عن العقوبات بسبب الغياب تفرضها أحكام المادة 116 من الدستور. واليوم وبعد أن تم تأجيل الفصل في هذا المشروع لا يعلم متى سيتم الإفراج عنه وما هي طبيعة التوافقات التي سيتم اللجوء إليها بين جميع الأطراف داخل الغرفة السفلى قبل إيجاد صيغة نهائية ترضي الجميع؟ وبالتالي إخراج نظام داخلي مواتي للغرفة السفلى على غرار ما وقع في الغرفة العليا للبرلمان العام الماضي.