أزمة داخلية تعصف بالمعارضة الليبية المسلحة في تطور جديد لتداعيات الاغتيال الغامض للجنرال عبد الفتاح يونس القائد العسكري للمعارضة ووزير داخلية القذافي السابق، أعلن مساء أول أمس الاثنين المجلس الانتقالي الذي شكلته المعارضة في بنغازي، عن توقيف عدد من كبار مسؤوليه، وإقالة الحكومة دون أن يتم الكشف عن تفاصيل هذه القرارات التي تأتي في سلسلة أحداث تلت مباشرة اغتيال عبد الفتاح يونس في عملية لا تزال تفاصيلها غامضة حتى الآن. رئيس المجلس الانتقالي للمتمردين مصطفى عبد الجليل، طلب إعادة تشكيل حكومة جديدة مع إقصاء العديد من الوجوه التي كانت في الحكومة المقالة، ولم يخف المتحدث باسم المجلس الانتقالي عبد الحفيظ غوقة أن هذه القرارات جاءت كتداعيات مباشرة لحادثة اغتيال عبد الفتاح يونس قبل حوالي 12 يوما، حيث صرّح أن المجلس الانتقالي قرّر حل المكتب التنفيذي (الحكومة) بعد قصور - كما قال- من قبل بعض الأعضاء في التعامل مع حادث مقتل القائد العسكري للمعارضة، موضحا أنه نظرا للقصور الذي صاحب أداء بعض أعضاء المكتب التنفيذي حيال هذه الأزمة والحادثة قرر المجلس إعادة تشكيل المكتب التنفيذي الذي يضم المجلس نحو 15 عضوا. ويأتي قرار إقالة الحكومة بعد 12 يوما على اغتيال القائد العسكري للمتمردين وهو الحادث الذي كان سببا في إثارة خلافات وتكهنات حول هوية القتلة أو احتمال وجود انشقاقات كبيرة في صفوف المعارضة، وكان مجلس المعارضة قد اتخذ مباشرة بعد حادثة الاغتيال قرار بحل كل الميليشيات التابعة للمتمردين، وهو القرار الذي فتح باب الاقتتال الداخلي في صفوفهم حيث قتل أكثر من 15 منهم في معارك عنيفة وقعت في بنغازي أياما بعد مقتل عبد الفتاح يونس، واتهم المجلس الانتقالي حينها جماعات موالية للقذافي بالوقوف وراء تلك الاشتباكات، غير أن كثيرا من المحلّلين يرون أن اغتيال القائد العسكري للمعارضة قد تم على أيدي إحدى ميلشياتها، وأن الغموض الذي أحاط ولا يزال بملابسات حادثة الاغتيال، يدل بما لا يدع مجالا للشك على وجود تيارات متطاحنة في صفوف المتمردين، سيما وأن مقتل عبد الفتاح يونس وقع في بنغازي بعد أن كان متجها للمثول أمام لجنة تحقيق بتهم تتعلق بربط اتصالات مع الحكومة الليبية. وكانت قبيلة العبيدات التي ينتمي لها الجنرال المغتال وأفراد من عائلته، قد هدّدوا في وقت سابق باللجوء إلى تحقيق العدالة بأيديهم إذا لم يكشف المجلس الانتقالي عن المتورطين في مقتله وعن ملابسات الحادثة، واتهموا المجلس بالفشل في التحقيقات حول الحادثة، كما هدّدت عائلته باللجوء إلى القضاء الدولي لإنصافها . وكان القائد العسكري للمتمردين قد اغتيل رميا بالرصاص في 28 جويلية الماضي بعد استدعائه من جبهة القتال للإدلاء بشهادته أمام لجنة تحقيق تابعة للمعارضة، ويعرف عنه أنه شغل مناصب كبيرة في الحكومة الليبية وتولى وزارة الداخلية قبل تمردّه فيفري المنصرم واضطلاعه بمنصب القائد العسكري للمعارضين . هذه التطورات تأتي في ضل المأزق الذي تعرفه الحملة العسكرية للناتو على ليبيا بعد أن قرابة سبعة أشهر من بدايتها، والجمود الذي تعرفه الأوضاع، وكذا التململ وسط البلدان المشاركة في الحملة سيما بعد ارتفاع تكلفة العمليات العسكرية التي طال أمدها في ضل الأزمة المالية العالمية، وآخر ما يدل على ذلك قرار فرنسا سحب حاملة طائراتها شارل ديغول من العمليات في ليبيا بدعوى إخضاعها للصيانة . من جهة أخرى طالبت المعارضة المسلحة من ألمانيا تسليمها طائرات مصادرة للعقيد الليبي معمر القذافي بهدف استخدامها في أغراض قالت أنها إنسانية، فضلا عن المطالبة بتسليمها أرصدة الحكومة الليبية المجمدة، وفي الوضع الميداني لا زال الطرفان يؤكدان السيطرة على بلدة بئر الغنم الإستراتيجية الواقعة على بعد ثمانين كيلومتراً جنوبي العاصمة الليبية طرابلس .