بدأ عشرات النازحين في العودة إلى الأقاليم الجبلية المهجورة بقالمة، في مؤشر إيجابي لجهود إعادة الإعمار التي أطلقتها الولاية منذ عدة سنوات، في محاولة جادة لوقف موجات النزوح المتواصلة منذ مرحلة تردي الوضع الأمني منتصف التسعينات و إعادة بناء الاقتصاد الريفي المنهار ووضع أسس متينة للتنمية ومساعدة السكان على الاستقرار بموطن الأجداد، بعد سنوات من القطيعة القسرية التي أفرغت عشرات المشاتي و حولتها إلى أطلال. و قالت مصادر مهتمة ببرنامج إعادة إعمار الأقاليم الجبلية في قالمة، بأن تعبيد المسالك الجبلية و مد شبكات الكهرباء و إعانات البناء الريفي، يعد بمثابة العوامل الرئيسية التي أحدثت هجرة عكسية باتجاه المناطق المهجورة و أصبح الناس أكثر استقرارا هناك و بدأت بعض المشاريع التنموية تلوح في الأفق و خاصة في مجال تربية المواشي و الدواجن و النحل و زراعة الحبوب. و يتوقع الكثير من سكان الريف النازحين إلى المدن و القرى، مزيدا من العودة إلى تلك الأقاليم التي كانت تنبض بالحيوية و الناشط و تمد الاقتصاد المحلي بالثروة و الغذاء، قبل حدوث الانهيار الكبير منتصف التسعينات. و تعمل قطاعات السكن و الكهرباء و الطرقات و الزراعة و الغابات، على مرافقة السكان العائدين إلى مواطنهم الأصلية، من خلال تسجيل مزيد من مشاريع إعادة الإعمار و تشجيع الشباب على العودة إلى أرض الأجداد المهجورة و استثمار طاقاتهم و معارفهم في بناء اقتصاد ريفي قوي يغنيهم عن متاعب البحث عن مناصب الوظيف و الدخل المحدود و يخرجهم من دائرة البطالة التي يعانون منها بعد إنهاء مراحل التعليم. و قد عاد الاهتمام إلى الممتلكات المهملة بالمناطق الريفية و بدأت عمليات إحياء الأراضي البور، بعد أن وصلت إليها الطرقات و الكهرباء. و قال عائدون إلى مواطنهم القديمة للنصر، بأنه لو كان برنامج الإعمار في وقته المناسب نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات، لما حدثت موجات النزوح الكبرى التي دمرت الاقتصاد الريفي و أضافت عبئا ثقيلا على المدن و القرى المستقبلة لآلاف الهاربين من العزلة وتردي ظروف المعيشة. وتولي سلطات قالمة أهمية كبيرة للأقاليم الريفية و في كل سنة تخصص لها إمكانات مالية معتبرة لمد خطوط الكهرباء و أنابيب الغاز الطبيعي و فتح المسالك الريفية و تعبيدها و التنقيب عن المياه و تقديم الدعم المالي لبناء المداجن و مزارع الأبقار و الأغنام و إصلاح الأراضي البور و بعث زراعة الحبوب و غرس الأشجار المثمرة لتحسين معيشة السكان و إنشاء الثروة و مناصب العمل لآلاف الشباب الذين تربطهم علاقات تاريخية و اجتماعية بعالم الريف القادر على استيعاب كثافة سكانية كبيرة و إنجاح الجهد الوطني الرامي إلى بناء الاقتصاد البديل.