تعرف الجزائر منذ بداية الحراك الشعبي اقحاما كبيرا لفئة الأطفال ضمن مسيرات الجمعة وباقي أيام الأسبوع ، سواء بحمل الشعارات أو الهتاف والتصريحات الإعلامية ، لتشكل هذه الفئة الهشة جزء من مشهد يفترض أنه حكر على الكبار فقط ، ما جعلها تحمل ثقلا لا يمكن لوعي في طور التشكل أن يستوعبه دون أن يترك ذلك أثرا، يرى المختصون أنه سيظهر في شخصية الطفل مستقبلا، إما بالتمرد أو باضطرابات في السلوك و الانفعالات، حيث يؤكد نفسانيون و مختصون في علم الاجتماع والإعلام أن فتح الكاميرات وعدسات التصوير للأطفال يعد خرقا واضحا لحقوقهم واستعمالهم في المسيرات يعتبر مسا ومتاجرة بعواطفهم ما يعرضهم لهزات، مع التأكيد على مسؤولية الأولياء في الظاهرة ومطالبة هيئات ومنظمات بالتحرك لحماية الأطفال من الاستغلال السياسي ، فيما تم التنديد بخرق وسائل إعلام لأخلاقيات المهنة بجعلهم طرفا متحدثا في الحراك. فيديوهات وشعارات تخرج الطفل من عالمه أظهر الحراك الشعبي الذي تعيش على وقعه الجزائر منذ أكثر من شهرين، المشاركة أو الإشراك الواسع للأطفال من مختلف الفئات العمرية، و هو ما أبرزته عدة فيديوهات و صور متداولة عبر الفضاء الافتراضي، من بينها فيديو لطفل لا يتعدى عمره 12 سنة، يبدو عليه التأثر الشديد و هو يقول لإحدى القنوات الخاصة» الشعب هو الذي يختار ، الشعب هو السلطة»، و خاطب الوزير الأول السابق أحمد أويحي بنبرة حادة « الجزائر ماهيش سوريا» ، ردا على تصريح سابق له بخصوص سلمية الحراك، كان مفاده أن المسيرات في سوريا بدأت بالورود و انتهت بالدم ، ما أثار غضب العديد من المواطنين واعتبروه تخويفا للشعب. كما انتشر على نطاق واسع فيديو لطفل صغير يتحدث بطلاقة عن الأزمة الراهنة و ضرورة التغيير و استقالة رموز النظام ، فأدهش المشاهدين بمستوى «وعيه السياسي»، و اعتبره البعض قدوة لجيله، فيما قال آخرون بأنه لا يعي ما يقول، نظرا لصغر سنه و إنما تم تحفيظه و استغلاله من قبل وسائل الإعلام، لأن شريحة الأطفال بريئة و مؤثرة و ملفتة للانتباه و تحظى بمصداقية. و شاهدنا أيضا خلال المسيرات الفارطة مقطعا متداولا لطفل لا يتعدى سنه العاشرة، و هو يبكي بحرقة و يقول « لن نسكت عن الحق.. الساكت عن الحق شيطان أخرس» ، متحدثا عن الظروف الاجتماعية السيئة التي قادت شباب إلى امتطاء قوارب الموت، و أحدث أيضا فيديو لطفلة لا يتجاوز سنها 4 سنوات، ضجة في الفضاء الأزرق و هي تردد شعار» جيش شعب خاوة ..خاوة»، و تفاعل معه فايسبوكون بشكل كبير ، و انقسمت الآراء بين من عبروا عن إعجابهم بها ، و من رفضوا التقاط صور و فيديوهات لهذه الشريحة، و دعوا إلى عدم إشراكها في الشأن السياسي، لكونها لا تملك الوعي الكافي، و هو ما أحدثه أيضا مقطع فيديو آخر لبنت لا يتجاوز سنها خمس سنوات و هي حاملة الراية الوطنية بيدها في المسيرة و تردد «كليتو لبلاد يا سراقين» و «سلمية سلمية»، و «جيش شعب خاوة خاوة»، و هي شعارات رددها أغلب الأطفال خلال الحراك الشعبي، كما حملوا شعارات أخرى لا يعون فحواها لأن من كتبها كبار استعانوا بالأطفال لتمرير رسائل يرون أنها ستكون أقوى إن حملها أو رددها صغار، لكن تلك الكائنات الهشة ذات الإدراك البسيط هل يمكنها أن تستوعب ما يدور حولها وتفهم مصطلحات وكلمات ترددها بكثرة ك « الفساد» و»الدستور» والجمهورية الثانية» والحل السياسي» ؟، وماذا يعني لصغير يحلم برحلة إلى اسبانيا وصورة مع ميسي أن نحدثه عن رئيس حكومة ورئيس دولة ووزير وحزب ؟، فهي بالنسبة إليه ما يريدها الكبار أن تكون و فقط ، لأنه من غير المنطقي أن تظهر طفلة عمرها لا يتعدى 8 سنوات تبكي بحرقة وتقول أنها سئمت الحياة ، ويعتبر ذلك سبقا بالنسبة لوسيلة إعلام، ولا تتحرك جمعيات ومنظمات وحتى حقوقيون لوقف ما يتعرض له الطفل يوميا من استغلال فج قد تكون له نتائج وخيمة مستقبلا، بعد أن ينصرف الكبار والسياسيون لحياتهم متجاهلين ما تركوه من أثر نفسي واجتماعي على البراءة. وسائل إعلام تستثمر في الظاهرة وتروج لها الفيديوهات التي أثارت ضجة واسعة، ركزت عليها وسائل الإعلام في معالجة موضوع الحراك، و وضعتها في أعلى سلم أولوياتها، لتثبت مدى سلمية الحراك و تدعي تمتع هذه الشريحة بالوعي السياسي، و هي إستراتيجية انتهجتها بعض القنوات الخاصة، التي أصبحت تتنافس كل جمعة، في بث أحاديث مؤثرة، لبراعم تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و 10 سنة، غير أن مختصين و أساتذة في الإعلام، أرجعوا توظيفها كمادة دسمة إلى دافع المنافسة و تحقيق الربح التجاري، مؤكدين على تعارضها مع ميثاق أخلاقيات المهنة. كما عبر مسؤولو نقابات التربية في تصريحات إعلامية، عن رفضهم التام لهذه الممارسات التي وصفوها بالتجاوزات، داعين إلى عدم استغلال الطفل في الحقل السياسي و احترام ميثاق المهنة.الفيديوهات المتداولة لهذه الشريحة عبر وسائل الإعلام، أثرت على أقرانهم الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بوسط المدينة للمشاركة في المسيرات، فخرجوا في مجموعات، مرددين الشعارات المتداولة، و بلغ الأمر لحد توقف تلاميذ لفترة معينة عن الدراسة في عدد من المؤسسات التعليمية، و سرعان ما عادوا إلى مقاعد الدراسة. أولياء يعتبرون إشراك أبنائهم في المسيرات تنمية للوعي السياسي تحدثنا لأحد الأولياء و هو متعود على اصطحاب ابنيه البالغين من العمر 5 و8 سنوات ، إلى المسيرات، فقال للنصر، بأنه منذ الجمعة الثالثة من الحراك أصبح يصطحب ابنيه للمسيرات، التي اعتبرها «مرحلة تاريخية و منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر، تؤثر في حياتهما و مستقبلهما، و تنمي الوعي السياسي لديهما». و قال مواطن آخر بأنه قرر منذ بداية الحراك، أن يصطحب جميع أبنائه إلى مسيرات الجمعة، و يرى بأن مشاركة الأطفال أضفت طابعا مميزا على الحراك و جعلته يبدو أكثر سلمية ، معتبرا الفيديوهات المتداولة عبر القنوات الإعلامية تبرز مدى تأثر هذا الفئة بما يحدث، و تعكس صورة حقيقية لنبض الحراك ، و لا يؤثر ذلك، حسبه، على نفسية الطفل ، وإنما تشجعه على إبداء رأيه بحرية و يفرغ الشحنات السلبية لديه ، وترى السيدة ليندة وهي معلمة وأم لطفلين أن ابنها صغير لكنه أكثر وعيا من الكبار وأنه يصر على مرافقتها ووالده في المسيرات كل جمعة لأنه يريد أن يشارك، بينما يشير أحمد طبيب أنه وقبل الخروج يشرح لابنه المغزى من الحراك ويؤكد على عنصر السلمية كما يبسط له الشعارات لأن ابنه يسأله دائما، مشيرا أنه لا يترك طفله يسير بمفرده رغم أن عمره 12 سنة، حتى لا يستغل. مشاركة البراعم في الحراك لا تزال تثير جدلا واسعا بين مختلف الجهات المهتمة بهذه الفئة، فإذا كان هناك من يرى بأنها ستترك أثرا إيجابيا في سلوكها و تشعر الطفل بالاندماج و تساعد في التنشئة الاجتماعية، فإن الكثيرين ينددون بهذه المشاركة، من بينهم رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ندى، عبد الرحمان عرعار، الذي قال في تصريح إعلامي أن «الأولياء يتحملون المسؤولية القانونية و المدنية، اتجاه أبنائهم، لكن يبقى للجمعيات المهتمة بهم، الحق في السعي لحمايتهم من خطر المشاركة في المظاهرات». أسماء .ب * الأستاذ عبد الله دراع مختص في علم الاجتماع استغلال الأطفال في الحراك يؤدي إلى انقلاب في سلم القيم يرى الأستاذ عبد الله دراع، مختص في علم الاجتماع بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، بأن ظاهرة مشاركة الأطفال بكثافة في مسيرات الحراك الشعبي التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، هي تجسيد عملي لحالة الاستقالة التي ميزت الأسر الجزائرية اتجاه أبنائها منذ وقت طويل، فلا يعقل أن نعرض الأطفال، حسبه، لأخطار غير محسوبة، أو أن نقحمهم في وضعيات لا تتناسب مع سنهم و طبيعتهم كأطفال، مؤكدا «لهم علينا حقوق الرعاية و الحماية و النصح و التوجيه و التنشئة الحسنة، فبدل أن تقوم الأسر بهذه الأدوار و الوظائف ، تركت العنان لأبنائها لولوج عالم الأخطار و الفوضى ، و للاستغلال البشع من قبل جهات أو أطراف أو جماعات، بمشاركة و موافقة الأولياء الذين فقدوا حاسة الوعي و روح المسؤولية» . الأخصائي أضاف أن استقالة الأولياء التي وصفها بالمؤسفة ، في أداء دورهم التربوي و التوعوي ، جعلتهم يفرطون حتى في فلذات أكبادهم و يعرضونهم لوضعيات تتناقض مع أبسط حقوق الطفل ، التي تنص عليه المواثيق الدولية، كعدم استغلالهم في النزاعات و الخلافات و الحروب، ما جعل جهات و حتى منابر إعلامية تستغل الحالة العاطفية و الانفعالية لهذه الشريحة الحساسة، لبث فيديوهات تظهر تأثر و بكاء الأطفال و هذا أكبر طعن في براءتهم. الأستاذ دراع تساءل «ماذا يعني أن نقدم طفلا بريئا أمام كاميرات التلفزيون و هو يتحدث عن الاحتجاج و المسيرات و الفساد و الظلم و الحقرة ، بل ويتحدث بحرقة و يجهش بالبكاء في وقت كان يفترض أن يكون ذلك الطفل في ساحات اللعب أو في ساحات الترفيه أو قاعات الدراسة؟ «، و شدد» إنه انقلاب واضح في سلم القيم الذي يعيشه المجتمع في كافة المجالات و الأصعدة» . * الأستاذة الجامعية و الإعلامية الدكتورة نبيلة بوشعالة استجواب الأطفال في الحراك يتعارض و أخلاقيات المهنة استغلال فيديوهات الأطفال يعد متاجرة بهذه الفئة من جهتها الدكتورة نبيلة بوشعالة، أستاذة في علوم الإعلام، أكدت بأن استغلال صور و فيديوهات الأطفال من قبل وسائل الإعلام في معالجة مواضيع الحراك، يتعارض تماما و أخلاقيات المهنة، و استجواب هذه الفئة الحساسة من قبل قنوات إعلامية، لا يجوز تماما ، خاصة و أننا أمام فعل سياسي، و ذلك لكون هذه الشريحة لا تحمل الوعي الكافي للخوض في قضايا الظرف الراهن. و أوضحت المتحدثة بأن الغرض من توظيف الأطفال في المضامين الإعلامية المتعلقة بالحراك، هو تأجيج المشاعر، لأن إستراتيجية هذه الوسائل الإعلامية قائمة على البيع و غرضها تجاري بحت، فالإعلام ، كما أردفت، لم يعد يخاطب العقل بل المشاعر ، و هذا لا يعتبر خطابا إعلاميا، حسبها، مشيرة في ذات السياق، إلى أن كل ما هو فضاء عمومي مخصص للراشدين، و لهذا فالطفل لا يدخل حيز العقلانية، و يجب عدم إدراجه في هذا الفضاء و التحاور معه في قضية سياسية معينة. و تابعت الأستاذة الجامعية بأن للطفل الحق في الصورة، و هو حق تكفله المواثيق الدولية لحقوق الطفل من جهة، و تتضمنه من جهة أخرى مواثيق أخلاقيات المهنة التي انبثقت عنها ميثاق أخلاقيات المهنة الجزائري، مؤكدة أن سلطة ضبط السمعي البصري من صلاحياتها أن تتدخل في مثل هذه الحالات، لكن نرى بأنها لا تملك خريطة طريق و لا خطة عمل ،كما قالت، لذلك لا ترى في ذلك إشكالا حقيقيا. و شددت الدكتورة بوشعالة « ما نشاهده من تجاوزات بخصوص استغلال فيديوهات الأطفال، يعد متاجرة بهذه الفئة ، أي توظيفها لمصالح تجارية و ليس في الخدمة الإعلامية». * المختصة في علم النفس التربوي نبيلة عزوز إشراك الطفل في المسيرات يولد القلق الاجتماعي و التمرد ترى الأستاذة نبيلة عزوز أن إشراك الطفل في الحراك و استغلاله من قبل وسائل إعلامية، و كذا تداول صوره على مواقع التواصل الاجتماعي، يولد لديه القلق الاجتماعي ، خاصة و أن موضوع الحراك أصبح متداولا بكثرة، سواء داخل الأسرة أو في الشارع و حتى المدرسة، و هذا القلق يؤثر حتما على تحصيله الدراسي و حالته النفسية. و أضافت المتحدثة بأن الأولياء يلقنون أبناءهم طريقة الحديث و الشعارات، و هو ما يبرز خلال استجوابهم من قبل وسائل إعلامية، حيث يبرز عدم وعيهم بالظرف الحالي، و تأثرهم فقط بكلام أوليائهم، فيذرفون الدموع التي كانت في البداية بريئة، ثم أصبحت مصطنعة، حسبها. و اعتبرت كل ذلك نوعا من التمثيل و الحفظ لما لقنه لهم أولياؤهم، ما سينعكس سلبا على شخصية الطفل الذي سيصبح يمارس التمثيل في كل موقف يصادفه مع أوليائه أو محيطه الخارجي، مشددة على ضرورة تحلي الأبوين بروح المسؤولية و ترك الطفل يعيش طفولته، لكونه لا يزال بحاجة لتنمية حب الأسرة لديه، و لم يصل لدرجة الوعي الكافي بحب الوطن، كما دعتهم إلى تقليص الأحاديث عن الحراك أمام الأطفال، لأن ذلك يغرس الحقد و التمرد لديهم اتجاه كل مسؤول. و أضافت بأن من بين عواقب مشاركة الطفل في الحراك، تعليمه نوعا من الانفلات، و يصبح من الصعب السيطرة على سلوكاته و أفكاره، كما تؤثر الهتافات العالية و الصراخ على نفسيته، فتجعل شخصيته هشة، و يرفض كل مقترح، و ينتهج الأساليب التي شاهدها في الحراك. الطفل، حسب المختصة النفسانية، يعيش خوفا لا نلمسه، بالرغم من السلمية التي نشاهدها في الحراك، لأنه يتأثر بحالة التذمر التي يشاهدها، و هذا يسلب منه حقا من حقوقه و هو العيش بأمان، مشددة على ضرورة إبعاد الأطفال عن الحياة السياسية و عدم التلاعب بقيم و سلوكات المجتمع، و على كل الأولياء مرافقة أبنائهم في مسارهم، ليصلوا إلى بر الأمان. * أستاذ القانون الدولي الإنساني محمد بلقاسم رضوان المسؤولية تقع على عاتق الهيئة الوطنية لحماية و ترقية الطفولة الأستاذ محمد بلقاسم رضوان مختص في القانون الدولي الإنساني، بكلية الحقوق جامعة الإخوة منتوري قسنطينة، و محام معتمد لدى المحكمة العليا و المجلس، قال للنصر بخصوص استغلال فيديوهات و تصريحات الأطفال في منصات التواصل و وسائل الإعلام دون إذن الولي، بأن المسؤولية تقع على عاتق و مسؤولية الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة ، و ذلك من خلال فحص كل وضعية مساس بحقوق الطفل الذي تكون صحته أو أخلاقه أو تربيته أو أمنه في خطر أو عرضة له، أو تكون ظروف معيشته أو سلوكه من شأنها أن تعرضه للخطر المحتمل أو المضر بمستقبله، أو يكون في بيئة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر. الهيئة ، كما يقول، مسؤولة على معاينتها أو التبليغ عنها و ذلك من خلال ما تم تداوله في منصات التواصل الاجتماعي أو القنوات التلفزيونية الخاصة، بالإضافة إلى ما قد يصلها عبر الآليات المعتمدة في عملية الإخطار، وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 16-334 مؤرخ في 19 ربيع الأول عام 1438 الموافق 19 ديسمبر سنة 2016، الذي يحدد شروط و كيفيات تنظيم وسير الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة. كما حمل الأستاذ المختص في حقوق الإنسان التجاوزات التي تقوم به بعض القنوات الإعلامية ، باستغلالها تصريحات و صور الأطفال كمضامين إعلامية لتغطية الحراك، سلطة ضبط السمعي البصري المسؤولية، لأن من مهامها مراقبة المحتوى و السهر على حرية ممارسة النشاط السمعي البصري، ضمن الشروط المحددة في القانون الوطني بصفة عامة و التشريع والتنظيم الساري المفعول في المجال. و عن إمكانية اصطحاب الأولياء لأطفالهم في المظاهرات السلمية، قال الدكتور بأنه لا يوجد مانع من مشاركة هذه الفئة في المظاهرات السلمية تحت رعاية الوالدين أو الولي الشرعي، مع الأخذ بعين الاعتبار مرحلة النضج الفكري للطفل، في حالة استجوابه من طرف جهات إعلامية للتعبير عن رأيه، فمن الناحية القانونية يتحمل الآباء أو الأولياء كامل المسؤولية الجزائية والمدنية، اتجاه أبنائهم، فتقع على الوالد أو الولي مسؤولية عدم تعريض الطفل للخطر الحالي أو المحتمل أو استعماله في أغراض قد لا يميز أو يقدر الطفل، رغم نضوجه، مدى خطورتها. و أوضح المتحدث أن الطفل في حالة خطر إذا كانت صحته أو أخلاقه أو تربيته أو أمنه في خطر أو عرضة له، أو تكون ظروفه المعيشية أو سلوكه من شأنهما أن يعرضاه للخطر المحتمل أو المضر بمستقبله، أو يكون في بيئة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر، إذ يجوز للجمعيات الحقوقية المهتمة بالأطفال التنديد أو المطالبة بالدفاع عن هذه الشريحة، و استعمال كافة الوسائل للسعي لحمايتها من الزج بها في المظاهرات في غياب الآباء، كما كان الحال بالنسبة لتلاميذ المتوسطات و الثانويات و حتى الإبتدائيات. و أشار المتحدث إلى أن للطفل، وفقا لاتفاقية حقوق الطفل الحق في حرية التعبير وإبداء الرأي في الأمور التي لها تأثير مباشر على جوانب حياته الاجتماعية والدينية والثقافية ، و حتى السياسية، وتتضمن إضافة إلى ذلك حقوق المشاركة في الاستماع إلى رأيه و التعبير عن آرائه و إتاحة المعلومات وحق الانتماء حتى إلى جمعيات، و ذلك وفقا للمادة 15 من الاتفاقية الدولية التي تنص على أنه للطفل الحق في تكوين الجمعيات وعلى الدول الأطراف في الاتفاقية، أن تعترف بذلك و بحريتهم في الاجتماع السلمي، وقد أكد على ذلك التشريع الجزائري من خلال القانون 15-12 في المادة 8. أسماء بوقرن عادل الزروق الزغيمي رئيس مبادرة طفلي يقرأ للنصر يجب حماية الأطفال من الاستغلال في الحراك الشعبي دعا رئيس مبادرة طفلي يقرأ عادل الزروق الزغيمي في هذا الحوار الذي خص به النصر، إلى ضرورة حماية الأطفال من الاستغلال في الحراك الشعبي، وقال بأن بعض الشعارات التي تستعمل قد تكون لها آثار سلبية على الطفل على المدى البعيد، و شدد على ضرورة تصحيح المفاهيم المتعلقة بالحراك لدى الطفل، و استغلال هذه الفرصة لغرس القيم الأخلاقية وحب الوطن والتعاون والتسامح و التضامن لدى الطفل. حاوره: نورالدين عراب . النصر: كيف ترى مشاركة الأطفال في مسيرات الحراك الشعبي؟ من خلال ما نعيشه اليوم من حراك شعبي و تغيير سلمي أعطيا ثمارهما على المستوى الوطني و الدولي، تبقى مشاركة الأطفال في الحراك مع أوليائهم، تكتسي عدة معاني و خصائص ، منها الإيجابية و السلبية التي لا محالة ستؤثر على الطفل و مستقبله، بالنسبة للمظاهر الإيجابية، فإن الحراك جعل الطفل يتعلم معنى الوطنية وحب الوطن و الراية الوطنية، و أصبح الطفل يحمل الوطن في قلبه، ولاحظنا تفاعل الطفل الكبير مع هذا الحراك الشعبي، الذي يعتبر فرصة لتوجيهه و تلقينه ما نريد. ولا يمكن لهذه الصور الجميلة التي تعكس حب الوطن أن يتعلمها الطفل، إلا على مدار سنوات طويلة، لولا الحراك، لأن الأولياء لم يغرسوا فيهم حب الوطن، ولم يعطوهم الاهتمام اللازم من أجل ذلك، نظرا للانشغالات الكثيرة والمتعددة للأولياء، واهتمامهم بتوفير الماديات للأبناء، و كذا المجالات التربوية، و السعي لضمان مستقبل الطفل في شقه المادي، لكن الحراك علم الطفل معنى حب الوطن وكيفية الحفاظ عليه، كما تعلم من خلاله كيف يساهم في الحملات التطوعية الخيرية، وحملات التطوع لنظافة المحيط والبيئة، وتعرف الطفل أيضا على معنى الخروج في مسيرات سلمية، و اكتشف عدة مفاهيم و مصطلحات منها الهوية، الدستور، الشعب، السلطة، الحرية، و معنى السلمية، و تعلم كيف يسامح ويتضامن و يتعاون مع الآخرين خلال الحراك، و كل هذه الأمور الجميلة التي اكتسبها الطفل يجب أن تترسخ لديه. بعض الشعارات يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الصغار . و ماذا عن المظاهر السلبية التي قد تؤثر على الطفل من خلال مشاركته في هذا الحراك الشعبي السلمي؟ نعم على الرغم من المظاهر الإيجابية العديدة لمشاركة الأطفال في الحراك، إلا أن ذلك لا يخلو من مظاهر سلبية، و هناك مخاوف من أن يحمل الطفل بعض البذور والآثار السلبية من هذا الحراك التي قد تؤثر عليه على مدى طويل، من بينها بعض الشعارات التي تستعمل في المسيرات السليمة، ككلمة «ارحلوا»، « ديقاج»، « يتنحاو قاع» و غيرها، حيث أن هذه الشعارات التي تستعمل من أجل تمرير بعض الرسائل أو المطالب ، يمكن في الوقت نفسه أن تؤثر على الطفل سلبا، و لا تساهم في تعليمه و تكوينه، فكلمة «ديقاج» مثلا، هي حقيقة مطلب المتظاهرين في المسيرات، لكن بالنسبة للطفل قد تتحول إلى لغة و ثقافة، تستخدم حتى داخل الأسرة للتعبير عن أشياء ما. هذه المظاهر قد لا تظهر اليوم، لكن مع مرور السنين قد تنعكس على سلوكه و تتحول إلى لغة و وسيلة تعبير في المحيط الأسري، لهذا على الأولياء أن يفرضوا رأيهم، فالطفل يبقى صغيرا، كما قد تكون لبعض الجمل والمصطلحات المتداولة في الحراك الشعبي، آثار من الناحية النفسية والاجتماعية للطفل، حيث قد يقول لوالده» ديقاج»و «ارحل»، كما قد يخرج الطفل عن طوع الأولياء، ولا حظنا في الكثير من الحالات الأطفال يسيرون في الشوارع و يحملون رايات وطنية ويرددون نفس الكلمات، تأثرا بالحراك الشعبي و ما يشاهدونه في المسيرات أو يتابعونه عبر وسائل الإعلام، وهذا هو الخطر الذي يجب أن ننتبه إليه كأولياء و كطبقة مثقفة، و كمجتمع يشارك في الحراك، و كمختصين اجتماعيين و نفسانيين و تربويين و كمدرسة، الجميع لا بد أن يعمل من أجل هذا الطفل كل في مكانه، وعلى الأولياء قبل أن يخرجوا في مسيرة أو بعد نهايتها، أن يشرحوا لأبنائهم المشاركين معهم في هذه المسيرة قيمتها الأخلاقية و أهدافها فالطفل يبقى شاهد عيان للذات و للتاريخ على هذا الحراك، و كل المشاهد تبقى راسخة في ذهنه، سواء كانت سلمية أو عنيفة. لهذا لابد للأولياء أن يصححوا المفاهيم لدى الطفل، و يشرحوا له معنى الوطن والوطنية ومعنى الهوية والأخلاق، ومعنى الديمقراطية و الغايات المرجوة من الحراك، و النقل الصحيح للمفاهيم تجعله يستعملها استعمالا منظما وعقلانيا، خاصة وأن الطفل هو جزء من هذا الشعب، وهو من يكون قائد المستقبل. في نفس الوقت على الهيئات والجمعيات و منظمات المجتمع المدني، أن تساهم في حماية الطفل من أي منعرج خطير و عدم استعماله استعمالا خاطئا و استغلاله في هذا الحراك الشعبي، فالطفل من حقه أن يكون محميا من طرف الهيئات العليا والمجتمع والجمعيات، و في خضم هذا العمل على الجمعيات الفاعلة أن تهتم بالطفل من أجل ترسيخ القيم الوطنية والدينية لديه في سياق الهوية الوطنية، حتى يبقى متمسكا بجذوره وقيمه دون الانسلاخ عنها مستقبلا. مشاركة الطفل في المسيرات يجب أن تكون كمظهر وليس كفاعل . هل ترى أنه من الأفضل للطفل أن يبقى بعيدا عن الحراك الشعبي، أم يشارك فيه وفق ضوابط معينة؟ القافلة انطلقت ولا يمكن العودة للوراء، والطفل خرج في هذه المسيرات، لهذا مشاركته فيها يجب أن تكون كمظهر و ليس كفاعل فيها، حتى وإن دخل فيها كفاعل، يجب أن تكون لديه بعض الضوابط و تصحح له المفاهيم ، ويجب التعامل مع الطفل كطفل صغير، من حقه أن يلعب ويعي ما يحيط به بطريقة حضارية، ولا ندخله في خضم السياسة وهو صغير، لم يصل بعد إلى سن البلوغ، وحقه الآن هو التعليم والتلقين. . ما هي نصيحتك للأولياء؟ أقول للأولياء بأن أبناءكم هم مستقبلكم، عندما تزرعون بذرة ازرعوها صحيحة، وننصحهم بإبعاد أبنائهم عن الأمور التي تفوق قدراتهم، ويتركوا الاهتمامات السياسية بعيدة عن الطفل، حتى وإن تم إشراكهم، يجب أن يكون ذلك في المحتوى و ليس في الفعل.