جيوش الذباب تهاجم سكان مدينة الألف قبة تنشر الالتهابات المعوية والمعدية و الرمد ما إن يحل فصل الخريف بولاية الوادي حتى ينتشر الذباب معلنا حربا على أعصاب وصحة سكان المنطقة الذين باتوا يضيقون ذرعا ممّا أضحوا يسمونها بجيوش الذباب المزعجة وما تخلفه من مشاكل وكوارث صحية عليهم. والأمر الغريب الذي يحدث في المنطقة هو التكاثر الرهيب لهذه الحشرة التي باتت لا يقتصر تواجدها على أماكن معينة أو في أوقات محددة كما كان في السابق، حيث عرف في السنوات الأخيرة تزايدا رهيبا ومرعبا ،فلا يخلو مكان إلا وامتلأ به نهارا وليلا على حد سواء، بعد أن اعتاد السكان في الماضي على تواجد هذه الحشرة في أماكن محددة وبأعداد معقولة كالمزابل وغيطان النخيل التي نضج تمرها ، ليتغير الحال في الآونة الأخيرة وينتشر في المنازل والمحلات والشوارع وحتى المؤسسات لدرجة أنه يشاهد بشكل واضح وهو يتطاير ويحط فوق كل شيء نظيف كان أو متسخ ، بل وصار كأسراب الطير أو الفراش يطير جمعا وفرادا لترى السواد في الفضاء وعلى الأشياء من كثرته التي أضحت ترهب الكبير والصغير بالمنطقة. انتشار أمراض التهاب الأمعاء والمعدة والرمد ما أن عاد الجو المناسب لانتشار الذباب حتى غمر هذا الأخير كل زاوية في المنطقة وعاد لينشر بانتشاره الأمراض في أوساط المواطنين خاصة الأطفال منهم، حيث تشهد الولاية منذ أزيد من شهر انتشارا كبيرا لحالات مرضية متشابهة تتمثل وحسب تشخيص الأطباء في الرمد المتمثل في إحمرار العين بالنسبة للصغار الذين يعانون من تجمع الحشرة على العينين وعدم قدرتهم على دفع الذباب عنهم ،وهو ما يؤدي إلى إصابتهم بهذا المرض الذي عادة ما يؤدي إلى عجز الطفل عن فتح عينيه من شدة الضرر الذي يلحق بهما . كما سجلت المصالح ذاتها انتشارا كبيرا في التهابات المعدة والأمعاء المصطحبة بالإسهال الشديد والقيء والحمى وآلام حادة بالبطن. وبدأ انتشار هذه الأمراض التي أضحت كالوباء تزامنا مع انتشار الذباب الذي يظل المتهم الرئيسي في انتشار هذه الأوبئة التي لا تظهر بالمنطقة إلا في موسم انتشاره. ويبدي السكان سخطا كبيرا حيال الحالة البيئية والصحية المتدهورة التي يعيشونها خلال هذه الفترة بسبب الذباب الذي أجبر الكثيرين منهم على اللجوء إلى المستشفى جراء إصابتهم بالالتهابات المعوية والمعدية وما ترتب عنها من أعراض منعتهم من مزاولة العمل بالنسبة للكبار أو الدراسة بالنسبة للصغار ، وذلك جراء حالات الإسهال الشديد والحمى والآلام الحادة التي تصاحبهم لأيام ، وتجعلهم غير قادرين البتة على آداء مهامهم وواجباتهم بشكل عادي فيضطرون إلى البقاء في المنزل للعلاج باستخدام المسكنات المعروفة أو الذهاب إلى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم. وأوضح مصدر طبي للنصر أن المصالح الطبية سجلت إصابة العديد من الأشخاص بهذه الأمراض حيث استقبلت عددا من العيادات الطبية عشرات الحالات المماثلة خاصة في أوساط الأطفال ، أكثر الشرائح عرضة للإصابة بهذه الالتهابات. وأكد أن عشرات الحالات التي استقبلتها مصالح الاستعجالات بمختلف المستشفيات تعد قليلة جدا مقارنة بالعدد الإجمالي للمصابين ، مرجعا السبب إلى بداية تعود غالبية السكان على هذا الوضع والتكيف معه ، حيث يعملون على معالجة أنفسهم أو مرضاهم داخل المنزل دون المرور على المستشفى من خلال استخدام بعض الأدوية المنتشرة وواسعة الإستعمال كالمضادات والمسكنات الخاصة بالحمى والآلام وكذا بعض الأعشاب التي عادة ما يفضلها سكان المنطقة ويستخدموها بغرض العلاج. لماذا توجه أصابع الاتهام إلى الذباب ؟ طالما استغرب سكان مختلف مناطق الولاية في الآونة الاخيرة هذا الانتشار الكبير والمتسارع للذباب بالمنطقة وبشكل مفاجئ ، وما زاد من استغرابهم وقلقهم وانزعاجهم الذي يزيد يوما بعد يوم انتشار الأمراض في أوساطهم خاصة عند الأطفال وهو ما أدى بهم إلى التساؤل وبإلحاح عن الأسباب التي أدت إلى هذا الانتشار ، خاصة وأن غيطان النخيل ونضج التمور كانت متواجدة منذ القدم ولم تشهد المنطقة في العقود الغابرة هذا الانتشار المزعج للذباب بسبب التمور ، مما يؤكد وجود سبب آخر مستجد أدى إلى ظهور هذه الكارثة الوبائية على حد تعبيرهم. ولدى استفسارنا وبحثنا عن مدى إمكانية أن تكون ظنون وتوقعات السكان في محلها ، وبعد طرح تساؤلاتهم على جهات عديدة أكدت مصادر طبية أن سبب انتشار هذه الأمراض بالمنطقة تعود إلى الذباب بدرجة أولى والذي جاء انتشاره وانتشار الأمراض معه بتزايد كميات الأسمدة العضوية المتمثلة في فضلات الدجاج التي تجلب من الولايات الشمالية في الشاحنات لاستخدامها كسماد زراعي في حقول البطاطا، حيث أن ولاية الوادي عرفت في السنوات الأخيرة نجاحا كبيرا في مجال زراعة وإنتاج مادة البطاطا . وهو ما أدى إلى توسع هذا النشاط وبشكل كبير ومتسارع الامر الذي يؤدي بطبيعة الحال حسب ذات المصادر إلى ارتفاع كميات تلك الأسمدة الداخلة للولاية ، إذ تحتوي هذه الأخيرة على كميات كبيرة من الديدان والحشرات وكذا بيوض الذباب وغيرها التي تجد الجو والمناخ الملائم للتفقيص . وهذا هو السبب الذي أدى إلى انتشار هذا الذباب وانتشار الأمراض بحكم أنه يتنقل من تلك الفضلات ويحط في الأماكن المتسخة ويتنقل في كل حدب وصوب ليحط على الأطعمة والفاكهة وعلى كل غرض مستخدم داخل المنازل والمؤسسات والشوارع والمحلات خاصة تلك التي لا تراعي شروط النظافة وحفظ السلع المعروضة ، مما يعرّض الجميع إلى خطر الإصابة بتلك الأمراض في حال عدم غسل الخضار والفواكه وتناول ما يشترونه دون غسيل. السكان يطالبون بمكافحة الآفة والمصالح الصحية توصيهم بالحلول الوقائية ناشد سكان الولاية السلطات المحلية التدخل من أجل إيجاد حل لانتشار الذباب بل وطالب بعضهم بفتح تحقيق وبائي بعد أن تعدى انتشاره حدود المعقول على حد وصفهم ، وذلك بعد أن باءت جميع محاولاتهم للقضاء عليه والحد منه بالفشل ، حيث لم تعد المبيدات المضادة العادية التي يقتنوها من المحلات تنفع في التخلص منه أو حتى مجرد التقليل من أعداده، مما يتطلب حسبهم تدخل السلطات لعلاج هذه الظاهرة التي نغّصت حياتهم بل ونغّصت حتى مجالسهم ونومهم. من جهتها نصحت مصالح الصحة كافة السكان بضرورة الغسل الجيد للخضر والفواكه قبل طهيها وأكلها لإزالة فضلات الذباب من عليها والمسببة في الاصابة بتلك الأمراض واحترام جميع قواعد النظافة.... هذا في الوقت الذي لازالت جيوش الذباب تفرض نفسها في المنطقة وتشهد ظروفا ملائمة في التكاثر السريع في ظل غياب عامل المكافحة الذي عجز عنه السكان بمفردهم مما يتطلب تظافر الجهود بين العام والخاص للقضاء على هذه الكارثة الوبائية.