تمويل الإنشاد غائب و حصره في المناسبات الدينية خطأ أعرب المنشد عبد الجليل آخروف في حواره مع النصر، عن أسفه لأن فن الإنشاد محصور في المناسبات الدينية فقط ببلادنا، بينما يمكن أن يؤدى كغيره من الطبوع الغنائية في عديد الحفلات و المهرجانات، مرجعا سبب انطفاء نجومية الجزائريين الذي افتكوا ألقابا في مسابقات دولية كمنشد الشارقة، إلى مشكلة عدم تمويل إبداعاتهم، رغم تحكمهم في المقامات أكثر من بقية المنافسين . حاورته / أسماء بوقرن فتحت أعيني على الأسطوانات و الموسيقى الراقية عبد الجليل آخروف كشف أنه ترعرع وسط عائلة فنية، فوالده كان عضوا في فرقة غنائية، تؤدي مختلف الطبوع الجزائرية، و كان يحيي عديد الحفلات أبرزها وطنية على غرار عيد الاستقلال، مضيفا « فتحت عيني على الأسطوانات و الموسيقى الراقية، و كان والدي يختار لي و أنا طفل ما أسمعه من أغان لأتدرب عليها، كالطبوع المشرقية، لكونها مفتوحة كثيرا على الخامة الصوتية، و تشمل كل النوتات و عديد المقامات، لأثري رصيدي الموسيقي، و أتمكن من أداء مختلف الطبوع، كما كنت أستمتع بالموسيقى الجزائرية و خاصة المالوف القسنطيني». محدثنا قال بأنه كان يغني أمام زملائه و يستغل المسابقات و الحفلات التي كانت تنظمها المدرسة، لتفجير موهبته، و اعتلى لأول مرة خشبة كلية الشعب بقسنطينة و حمل الميكروفون و غنى أمام الجمهور، و هو في الثامنة من عمره، و أسعده كثيرا تشجيع الحضور له، فواصل الدرب و كان والده يساعده على تطوير خامته الصوتية، بينما كانت والدته حريصة أكثر على دراسته و كانت تخشى أن يسرق الفن اهتمامه بالعلم، ما جعله يبتعد لمدة معينة عن الساحة الفنية ، و أصبح نشاطه الفني مع الأصدقاء و داخل البيت فقط، إلى غاية سنة 1997 ، عندما بلغ 20عاما من عمره، آنذاك أدى ابتهالات و ظهر لأول مرة في التلفزيون الجزائري، و يعتبر هذه الخطوة أول انطلاقة حقيقية له في الساحة الفنية. الأغاني ذات الكلمات النظيفة في نظري إنشاد عن سبب اختياره الإنشاد بدل باقي الطبوع الغنائية الأكثر رواجا و كسبا للمال خاصة و أن صوته قوي و جميل، قال المتحدث بأنه اختاره عن حب، في حين يستمع لكل الطبوع الغنائية التي تؤدي بالجزائر و على المستوى العالمي، لكنه يفضل الكلمة النظيفة الموزونة، على حد تعبيره، التي يمكن الاستمتاع بسماعها مع العائلة و في الحافلة و مختلف الأماكن العمومية، مضيفا بأن كل ما هو جميل و نظيف في نظره إنشاد. و أكد أنه سعى جاهدا لتحسين أدائه بتطبيق قواعد الموسيقى، ليحتل مصاف المحترفين، فاحتك بشيوخ و أساتذة في الجزائر و خارجها، ذكر منهم كمال معطي ، نوبلي فاضل، لطفي بوشناق، رشيد غلام، محمد زمراني، صباح فخري و صابر الرباعي، مفضلا عدم حصر اهتمامه بالمجال الذي ينشط فيه فحسب، بل تابع كبار الفنانين الذي يمتلكون مقومات فنية راقية . و بخصوص رأيه في مجال الإنشاد بالجزائر، قال بأنه حُصر في إطار سياسي ، مضيفا «كنا موجهين في هذا السياق، ففي بدايتي وجدت نفسي مقيدا بالمناسبات و الأعياد الدينية كعيدي الأضحى و الفطر و المولد النبوي الشريف، و هذا خطأ». و يرى بأنه بإمكانه أن يؤدي أغانيه في الحفلات و المهرجانات العادية، لتصل إلى مختلف الشرائح على اختلاف توجهاتهم ، و يرى أن نظرة المجتمع إلى الإنشاد بدأت تتوسع، بفضل بروز أسماء عديدة، كسامي يوسف و ماهر زين اللذين تمكنا من فرض نفسيهما على المستوى العالمي، ما سيساعد على إخراجه من نطاقه الضيق. و أضاف بأن هناك شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 سنة، يعشقون الإنشاد و يتمتعون بأصوات رائعة، لكنهم لا يبرزون نظرا لعدم تخصيص برامج تلفزيونية تهتم بالإنشاد ، ما عدا برنامج «حادي الأرواح» على قناة القرآن الكريم، مشيرا إلى أنه عضو لجنة تحكيم البرنامج، و لا يوجد سوى مهرجانين في كل من ولايتي بوسعادة و مستغانم، لاكتشاف المواهب الشابة و الفرق عن طريق تنظيم منافسات في هذا المجال، و إعدادها للمشاركة في مهرجانات دولية. الشهرة ترتبط بالمشاركة في برامج المواهب و بخصوص سؤالنا عن سر انطفاء نجومية المنشدين الجزائريين الذين حققوا نجاحات كبيرة في المنافسات الدولية، بمجرد عودتهم لأرض الوطن، أرجع محدثتنا ذلك إلى عدم تكفل شركات الإنتاج أو الممولين بإبداعات المنشدين، و الأمر غير مطروح بتاتا ببلادنا، كما أكد، مذكرا بالنجاحات التي حققها الجزائريون في مسابقة منشد الشارقة بقطر، تأهلهم في عديد الطبعات إلى المرحلة النهائية أو افتكاكهم لألقاب، إلا أن شعلتهم تنطفئ، فالمحافظة على الشهرة يرتبط، حسبه، بكمية الأموال التي يملكها المنشد. و أشار في نفس السياق بأن البحث عن النجومية اليوم أصبح مقترنا بالمشاركة في برامج المواهب الغنائية ك «ذا فويس» الذي تحظى بمشاهدة عالية في العالم العربي، و الانتقال بعد ذلك لإحدى الدول العربية التي تهتم بهذا الفن و تموله ، و هذا أمر قال بأنه صعب بالنسبة إليه ،لأن البرنامج يفرض على المشترك ما يؤديه. و عن سر تفوق الجزائريين في المنافسات الدولية، كناصر ميروح و عبد الرحمان بوحبيلة و نجيب عياش الذين فازوا بلقب منشد الشارقة، قال آخروف أن تحكم المنشدين الجزائريين في المقامات يجعل أداءهم سهلا، موضحا بأن هذا الفن يعتمد على الصوت الحسن القوي الجهوري و الصدق في الأداء، داعيا إلى ضرورة الارتقاء بمستوى الكلمات عند كتابة الأغاني في مختلف الطبوع لتحسين مستوى الشباب، و تربية آذانهم على السمع الجيد للفن الجيد . عبد الجليل آخروف ذكر أن برصيده عديد الألبومات ، الأول كان مع فرقته روضة الحبيب التي أنشأها في سنة 1999 ، و عنوانه « ملي» و طرحه سنة 2007، و الثاني بعنوان «فن السماع» سنة 2010 ، كما سجل 30 ابتهالا رفقة كبار العازفين بثت عبر قنوات جزائرية خاصة و دولية في 2014 ،و لا تزال تبث لحد الآن ، مرجعا سبب قلة ألبوماته خلال مسيرته الطويلة إلى غياب التمويل، من جهة ، و حرصه على التركيز على النوعية أكثر من الكمية، و كذا انشغاله بعمله، مشيرا إلى أنه متحصل على شهادة ليسانس في المحاسبة .